الحرية – لوريس عمران:
شكّلت مرحلة ما بعد التحرير نقطة تحوّل جوهرية في مسار إعادة بناء مؤسسات الدولة وترميم القطاعات الخدمية التي تضررت خلال سنوات الحرب، حيث بات لزاماً استعادة الخدمات الأساسية بوتيرة مدروسة وسريعة لضمان عودة الاستقرار إلى المجتمعات المحلية، حيث برزت الجهود الحكومية لإعادة تأهيل البنى التحتية الحيوية، وفي مقدمتها قطاع الكهرباء، باعتباره ركناً محورياً لعودة النشاط الاقتصادي والخدمي وانطلاق مرحلة التعافي والإعمار.
تعزيز البنية التحتية
وفي هذا السياق، أكد مدير عام الشركة العامة لكهرباء اللاذقية المهندس محمد الحكيم في تصريح لـ “الحرية” أن الشركة تمكنت من تحقيق إنجازات نوعية في مواجهة التحديات التي فرضتها الأضرار الواسعة على الشبكة الكهربائية، إلى جانب ارتفاع الطلب على الطاقة ونقص الإمكانات المتاحة. مشيراً إلى أن الأعمال المنفذة بعد التحرير عكست قدرة المؤسسة على النهوض بمهامها الحيوية، من خلال التركيز على تعزيز البنية التحتية للشبكة ورفع موثوقيتها في مختلف مناطق المحافظة.
وبيّن الحكيم أنّ الشركة عملت على رفع استطاعة عدد كبير من مراكز التحويل ومعالجة أحمالها المرتفعة، فضلاً عن افتتاح مراكز جديدة لتدعيم الشبكة، واستبدال المحولات والأبراج والحوامل المتضررة بما يتناسب مع احتياجات المرحلة. كما لفت إلى أن الشركة أولت اهتماماً خاصاً بتأمين التغذية الكهربائية للمرافق الحيوية، حيث تمّ تنفيذ أعمال تمديد كابلات” توتر متوسط أرضية” لتوفير تغذية معفاة من التقنين لعدد من محطات الضخ والمصادر المائية الأساسية.
إعادة تشغيل الشبكات لمناطق الحرائق
وانطلاقاً من مسؤولياتها المباشرة في الاستجابة للطوارئ، أوضح المدير العام أنّ فرق الصيانة تعاملت مع مختلف الأعطال المفاجئة التي شهدتها المحافظة، بما في ذلك حالات التعتيم العام، وتمكنت من إعادة تشغيل الشبكات في المناطق التي تضررت جراء حرائق الغابات في ريف اللاذقية الشمالي، وهو ما أسهم في ضمان استمرار خدمات المياه وتأمين احتياجات الأهالي.
وأضاف الحكيم أن الشركة عملت بالتوازي على تطوير كوادرها البشرية عبر تنظيم دورات تدريبية متخصصة في مجالات الصيانة وتقنيات الحاسوب، بما يعزز الجاهزية الفنية ورفع كفاءة الأداء. بالإضافة إلى تنفيذ الإجراءات الوقائية لحماية الشبكة، شملت تقليم الأشجار المتداخلة مع خطوط التوتر وإزالة الأعشاب في محيط محطات التحويل.
وفي إطار تحسين البيئة العمرانية والارتقاء بمستوى الخدمات العامة، أشار الحكيم إلى أنّ الشركة أنجزت عدداً من مشاريع الإنارة الطرقية في شوارع رئيسية بمدينة اللاذقية، مع تأمين تغذية مستمرة طوال الليل، ما أسهم في تعزيز السلامة العامة والحركة المرورية. مضيفاً أن الشركة أجرت دراسات فنية شاملة لتطوير واقع الكهرباء في كامل مناطق المحافظة، إلى جانب وضع خطط لإعادة إعمار البنية التحتية في المناطق التي تضررت بفعل القصف والحرائق، ومنها سلمى و كنسبا وربيعة وكسب و قسطل معاف.
وأكد المهندس الحكيم أن الشركة العامة لكهرباء اللاذقية تواصل تنفيذ مشاريع تطويرية طموحة تستجيب لاحتياجات المواطنين وتدعم مرحلة التعافي وإعادة الإعمار، بما يرسخ الاستقرار ويضع أسساً أكثر متانة لقطاع الكهرباء في المحافظة.
إعادة نبض لحياة أرهقتها الحرب
وهكذا يشكل التحرير نقطة انطلاق جديدة لمسار طويل من العمل الدؤوب، حيث كانت الكهرباء فيه شاهدة على إرادة الحياة التي لم تنطفئ رغم كل التحديات، فالمشاريع التي أنجزتها شركة كهرباء اللاذقية، ولا تزال تنفذها، ليست مجرد خطوط ومحولات وكابلات، بل هي إعادة نبض لحياة أرهقتها الحرب، بالإضافة إلى تأسيس لمرحلة أكثر استقراراً وازدهاراً.
ومع استمرار الجهود الرامية إلى تعزيز البنية التحتية وتطوير الكوادر ودعم المرافق الحيوية، تثبت اللاذقية يوماً بعد يوم أن إرادة البناء أقوى من الخراب، وأن التحرير لم يكن خاتمة معركة فقط، بل بداية عهد تُستعاد فيه الخدمات وتُرسى قواعد التعافي الحقيقي، تمهيداً لغدٍ تنعم فيه المحافظة بطاقة لا تنطفئ وتنمية لا تتوقف.