إعادة بناء القدرة الإنتاجية ضرورة للانتقال بالميزان التجاري السوري من العجز إلى الفائض

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- لمى سليمان:

شهد الميزان التجاري السوري تحولاً كبيراً منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 فقد كان الاقتصاد السوري يعاني أصلاً من عجز تجاري هيكلي، وفاقت قيمة الواردات ملايين الدولارات عن قيمة الصادرات في ظل الاعتماد الكبير على تصدير النفط الخام والمنتجات الزراعية ثم تلاها انهيار كامل في المكونات الأساسية للميزان التجاري من صناعة و زراعة و نفط.

والآن يشهد الميزان التجاري تحدياً كبيراً في إعادة بناء القدرات المدمرة للوصول إلى حالة الميزان التجاري الرابح.

الميزان التجاري السوري سابقاً وحالياً

بحسب الخبير المالي والمصرفي د.عبد الله قزاز فإن الميزان التجاري يعتبر أحد البنود الثلاثة التي يتكون منها ميزان المدفوعات والذي يعد المؤشر رقم واحد عند تقييم اقتصاد أي دولة وعليه يشرح الدكتور قزاز وضع الميزان التجاري السوري سابقاً وحالياً.

مؤكداً أن الميزان التجاري السوري يعاني من عجز مستمر منذ سنوات بسبب الحرب والعقوبات، لكنه شهد نمواً في الصادرات مؤخراً مع تحسن الاستقرار الاقتصادي. وسجل خلال السنوات السابقة، عجزاً هائلاً بلغ ذروته في 2022 بـحوالي 3 مليارات دولار، بينما يظهر الوضع الحالي في 2025 تحسناً نسبياً مع ارتفاع الصادرات بنسبة 39 % في النصف الأول، حسب تقديرات البنك الدولي.

متطلبات تحقيق الفائض

ويتطلب تحقيق الفائض في الميزان التجاري، كما يشرح د. قزاز، زيادة الإنتاج المحلي ليصبح أكبر من الاستهلاك، مع استبدال الواردات بإنتاج محلي وتصدير الفائض، بالإضافة إلى تقليل استيراد السلع الكمالية والمنتجات المتوفرة محلياً.

ومن أهم الصادرات المساهمة في تحقيق الفائض، تسيطر المنتجات الزراعية على 64 % من الصادرات في 2025، وتشمل الخضار، الفواكه الطازجة، الزعتر، المجففات، الحبوب، الزيتون وزيت الزيتون، البيض، والأغنام، وهي تحقق فوائض جزئية مع شركاء مثل السعودية والأردن. وتشمل الصادرات الأخرى الفوسفات الكالسيوم، القطن، الكيماويات، والكهرباء، مع ارتفاع الصادرات إلى تركيا والأردن في المنتجات الزراعية والنسيجية رغم العجز الكلي.

وفي حديثه لـ”الحرية” أكد د. قزاز أن الانهيار الاقتصادي في سوريا الناتج عن الحرب والعقوبات، قد أدى إلى تراجع حاد في حجم الصادرات من 8.8 مليارات دولار في 2010 إلى نحو مليار دولار في 2023، مع تحول هيكلها نحو المنتجات الزراعية وغذائية بسيطة لتعويض انهيار الصادرات النفطية والصناعية.

التغيرات المؤثرة في الميزان التجاري

ويبين د.قزاز أنه قبل الثورة السورية، كانت الصادرات تعتمد بشكل كبير على النفط الخام (90% إلى أوروبا) والصناعات، لكن العقوبات أوقفت تصدير النفط تماماً وزادت العجز التجاري، ما أدى إلى انخفاض الصادرات الزراعية من 2.868 مليار دولار في 2010 إلى 581 مليوناً في 2014.

حالياً في 2025، تقدر صادرات المنتجات الزراعية بنحو 320 مليون يورو في النصف الأول، تليها الصناعات الكيميائية والغذائية والنسيجية، موجهة إلى 90 دولة مثل السعودية والأردن والعراق.

ورغم النمو الأخير، يعاني الاقتصاد السوري من محدودية التنوع والاعتماد على السلع الخام، مع تقديرات بصادرات حجمها حوالي 3 مليارات دولار وواردات حجمها حوالي 5 مليارات دولار في عام 2025، ما يعمق العجز أمام واردات مرتفعة.

ويتطلب التعافي، تبعاً لرأي د.قزاز، إعادة بناء القدرة الإنتاجية لا سيما بعد رفع العقوبات لاستعادة الصادرات النفطية والصناعية تدريجياً.

Leave a Comment
آخر الأخبار