دعم الأرياف يعزز أسس إنتاج الأمن الغذائي لاسيما في وقت الأزمات

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – ميليا اسبر:

الفلاحون جزء لا يتجزأ من قوة المجتمع، فهم يوفرون فرص عمل محلية، ويدعمون الاقتصاد الوطني، ويساهمون في بناء الطابع الغني للبلد بزراعته، لذلك دعم الفلاح يعني إعادة الاستثمار في البلاد، ما يساهم في الحفاظ على حيويته الاقتصادية وتماسكه الاجتماعي.

خبير زراعي: دعم الفلاحين استثمار في مستقبل أكثر استدامة..

الفلاح يعزز الإنتاج الغذائي ..

الخبير الزراعي المهندس عبد الرحمن قرنفلة أكد في تصريح لصحيفتنا “الحريّة” أن الأرياف تُشكّل مراكز مجتمعية تستضيف فعاليات وبرامج تعليمية، وتُهيئ مساحات للتواصل، وتبادل الخبرات يُعزز وجودها النسيج الاجتماعي لأحيائنا، مُعززًا شعورًا بالانتماء والهوية المشتركة، كما أنه يُعزز نظام إنتاج الغذاء المحلي وأسس الأمن الغذائي، لا سيما في أوقات الأزمات أو الاضطرابات، مشيراً إلى أن الاعتماد على أنظمة غذائية خارجية بعيدة قد يُعرّض المجتمعات لخطر انهيار سلاسل التوريد نتيجة الكوارث الطبيعية أو الأوبئة أو عدم الاستقرار الجيوسياسي، بينما تُوفّر المزارع المحلية حمايةً من هذه المخاطر، ما يضمن إمدادات غذائية أكثر موثوقية داخل المجتمع، ويعزز الاكتفاء الذاتي والاستقرار.
وأضاف قرنفلة إن الفلاحين هم الأفراد الذين يكرّسون حياتهم لزراعة الأرض في محيطنا المباشر ويتحملون مخاطر تربية الحيوانات المنتجة للحم والحليب وكذلك الطيور الداجنة، منوهاً بأنهم ليسوا مجرد منتجين للغذاء، بل هم حماة الأرض ومساهمون في بناء أحيائنا. ودعمهم مهمٌّ لأسبابٍ متعددة ومترابطة، يُسهم كلٌّ منها في بناء مجتمع أكثر مرونةً وصحةً وحيويةً.

تبني سياسات زراعية ..

وذكر قرنفلة أن دعم الفلاح مهم من أجل تبني سياسات زراعية أفضل في قطاع الزراعة وإنتاج الغذاء يساهم في زيادة الغلة وجودة المنتج بشكل ملحوظ، كما يُمكن الفلاحين من الحد من الأثر البيئي وتحسين الظروف الاجتماعية لهم ولعمالهم، وفي الوقت نفسه، من خلال تنويع أنظمة الإنتاج يُمكنهم تحسين الدخل والأمن الغذائي والقدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، منوهاً بأن تبني تلك السياسات يحتاج إلى دعم من قبل الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والتجار العاملين في تجارة المنتجات الزراعية ومن قبل المزارعين أنفسهم، عبر تأسيس صناديق دعم متنوعة يتم تمويلها من قبل المزارعين وبدعم تشريعي من الحكومة.

دعم الفلاحين ..

وأضاف قرنفلة يتم بناء الدعم للفلاحين من خلال تحليل احتياجاتهم وكيفية إصلاح الأنظمة الوطنية لتحسين الدعم المقدم لهذه الفئة المهمشة في كثير من الأحيان ويأخذ الدعم أشكالاً متعددة، منها الدعم المالي المباشر سواء من خلال تقديم إعانات مالية مباشرة لهم أو من خلال دعم أسعار مدخلات الإنتاج وتحمل الحكومة الفوارق بين التكلفة الفعلية وبين أسعار مبيع تلك المستلزمات للفلاحين أو من خلال دعم أسعار شراء المنتجات الزراعية، لافتاً إلى أن هناك الدعم على مستوى السياسات الذي يتضمن الإعفاء من الرسوم والضرائب ووضع لوائح وتشريعات تسهل عمليات استيراد مستلزمات الإنتاج وتصدير المنتجات، وكذلك تساهم في تحقيق انسيابة السلع الزراعية للأسواق وإقامة وتنظيم الأسواق المركزية والفرعية للمنتجات الزراعية والترويج لها عبر تنفيذ المعارض والمهرجانات التخصصية وغيرها من أشكال وأساليب الدعم، منوهاً بأن دعم المزارعين المحليين هو خيار واعٍ يعود بالنفع على الصحة الشخصية والاستدامة البيئية وقوة المجتمع،
قرنفلة بين أن دعم الفلاحين المحليين ليس مجرد خيار استهلاكي بل هو استثمار في مستقبل أكثر استدامةً وإنصافًا وحيوية و وسيلةٌ لإعادة التواصل مع مصدر غذائنا، وتغذية أنفسنا ومجتمعاتنا بطريقةٍ أكثر جدوى، وتتجلى أهمية هذا الدعم الآن أكثر من أي وقتٍ مضى، في ظلّ مواجهتنا للتحديات البيئية المتزايدة وسعينا لبناء مجتمعاتٍ أقوى وأكثر مرونة

تعزيز لمرونة النظام الغذائي ..

في عالمٍ متزايد الترابط والتقلب، تُعدّ مرونة أنظمتنا الغذائية أمرًا بالغ الأهمية، فسلاسل التوريد العالمية، رغم كفاءتها في ظل ظروف مستقرة، معرضةٌ للاضطرابات الناجمة عن تغير المناخ وعدم الاستقرار الجيوسياسي والأحداث غير المتوقعة حسب قرنفلة، وقد سلّطت جائحة كوفيد-19 الضوء على هذه الثغرات، كاشفةً عن هشاشة الاعتماد على مصادر غذائية بعيدة، وتُوفّر أنظمة الغذاء المحلية عنصرًا أساسيًا من التكرار والمرونة في مواجهة هذه الصدمات حيث تعمل
أنظمة الغذاء المحلية على تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الاضطرابات العالمية وبناء الاكتفاء الذاتي المجتمعي والامن الغذائي للمواطنين.

الاستهلاك الأخلاقي والشفافية

غالبًا ما تُخفي تعقيدات النظام الغذائي العالمي أصولَ أغذيتنا وطرق إنتاجها، ويتزايد قلق المستهلكين بشأن الاعتبارات الأخلاقية، مثل ممارسات العمل العادلة، ورعاية الحيوان، وطرق الذبح، والمواد الداخلة في الأعلاف والمنتجات المحورة وراثياً والاستدامة البيئية حسب قرنفلة، وأنه في حين تُوفر أنظمة الغذاء المحلية شفافيةً وإمكانية تتبع أكبر، ما يسمح للمستهلكين بالتواصل المباشر مع المزارعين وفهم كيفية إنتاج غذائهم، هذا التواصل المباشر يُعزز الثقة والمساءلة، ويُوائِم قرارات الشراء مع القيم الأخلاقية، موضحاً أنه
عند الشراء من مزارع محلي، ستعرف على الأرجح مصدر طعامك، وكيفية زراعته، وقيم مُنتجيه، تتناقض هذه الشفافية بشكل صارخ مع طبيعة سلاسل الإمداد الغذائي العالمية التي غالبًا ما تكون غامضة، حيث قد تكون المعلومات المتعلقة بممارسات الإنتاج غامضة أو يصعب الوصول إليها، مضيفاً يُمكّن اختيار المنتجات المحلية المستهلكين من اتخاذ قرارات مدروسة تتوافق مع اهتماماتهم الأخلاقية والبيئية، ما يعزز نهجًا أكثر مسؤوليةً ووعيًا تجاه.
وختم قرنفلة بالقول إن كل تلك العوامل تجعل من دعم الفلاحين والمنتجين الزراعيين ومربي الثروة الحيوانية أمراً بالغ الأهمية لاسيما في ظروف بلدنا حيث تعرضت البنى التحتية للزراعة إلى دمار كبير خلال سنوات الحرب، لذلك لابد من إعادة تشغيل وتشبيك كل مسننات عجلات الإنتاج الزراعي من خلال تقديم كل أشكال الدعم للفلاحين.

Leave a Comment
آخر الأخبار