الإيقاف جزئي للعمل في شركتي كابلات دمشق وحلب.. وعودة للإنتاج بسياسة تتماشى مع طبيعة المرحلة

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية- مركزان الخليل:
تساؤلات كثيرة خلال الفترة الماضية حول مصير شركتي كابلات دمشق وحلب، تتعلق بتوقف الشركات عن الإنتاج منذ بدء عملية التحرير، الأمر الذي أفقد الشركتين، طاقات إنتاجية وقيماً مالية محسوبة على خطة الشركتين الإنتاجية والتسويقية وحتى الاستثمارية خلال العام الحالي، وتراكم بعض الخسارات التي لحقت بهما وفقدان الريعية الاقتصادية، إلى خروجهما من الأسواق، ما أدى إلى فقدان الحصة التسويقية والخسارة تقدر بالمليارات، وبالتالي من يتحمل مسؤولية ذلك، وما قيمة فوات المنفعة الاقتصادية والاجتماعية..؟
صحيفة “الحرية” حاولت إلقاء الضوء والحصول على بعض الأجوبة لما سبق، إلى معرفة رؤية المؤسسة الهندسية لإعادة الشركات المذكورة إلى ميدان العمل، ومعرفة مصير الخبرات التي هربت باتجاه القطاع الخاص، وحتى الخبرات التي مازالت في الشركتين..؟
والمشكلة الأهم تزوير الماركات التي تحملها منتجات الشركتين من قبل بعض الورشات المخالفة بسبب غيابها عن السوق، كيف يمكن معالجة ذلك، علماً أن المنتجات المقلدة للماركات مخالفة وغير مطابقة للمواصفات السورية..؟

دقس: إعادة النظر في سياسات العمل لتحديد الهيكلية الجديدة للشركة وتفعيل خطوط الإنتاج القائمة وتوسيع نطاق منتجاتها

إجابة واضحة

المدير العام للمؤسسة الهندسية مرهف محمد صبحي دقس أكد خلال تصريحه لـ”الحرية” على جملة من القضايا المتعلقة بمحور الاستفسارات السابقة، حملت الكثير من الموضوعية المرتبطة بطبيعة الظروف التي تمر بها البلاد بصورة عامة والصناعة على وجه الخصوص، وأوضح “دقس” أن الشركة العامة لصناعة الكابلات بدمشق لم تتوقف عن العمل لسنوات، بل أوقفت الإنتاج بسبب الظروف الحاصلة في هذه المرحلة، ما يوجب إعادة النظر في سياسات العمل لتحديد السياسة والهيكلية الجديدة للشركة، مع التركيز على قضايا مهمة في مقدمتها: الاستفادة من الكوادر الحالية، وتفعيل خطوط الإنتاج القائمة، إلى جانب توسيع نطاق المنتجات.
وأضاف “دقس”: خلال فترة التوقف، استمر بيع المنتجات الجاهزة المخزنة، وعادت الشركة للإنتاج بموجب قرار وزارة الاقتصاد والصناعة رقم /1103/ تاريخ 24/6/2025، لكن بطاقة إنتاجية محدودة بسبب نقص المواد الأولية.
أما فيما يتعلق بأسباب توقف شركة كابلات حلب عن العمل فقد أكد “دقس” أن الشركة لحق بها الكثير من الأضرار وسرقة محتويات الشركة (سرقة الآليات– سرقة المواد الأولية والمنتجات– تعرض صالات الإنتاج للقصف الحربي وتدمير في البنية التحتية)، إلى جانب قدم الالات التي تحتاج للصيانة إلى جانب تعرض الكثير منها للتخريب بعد التحرير، من دون أن ننسى ارتفاع أسعار المنتجات (بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية قبل التحرير، إلى ثلاثة أضعاف عن السعر الحالي) وعدم استقرار مصدر الطاقة أيضاً.

دقس: مقترحات تضمن عودة الشركات إلى الإنتاج.. تخصيص القطع الأجنبي لشراء المواد الأولية والسماح بالبيع بالدولار وتخفيف الرسوم الجمركية ودعم أسعار الطاقة للقطاع الصناعي

توقف مقصود

هذا الواقع فرض توقف الشركتين عن العمل في رأي “دقس” لعدة أسباب أهمها: العمل على إنهاء الالتزامات القديمة المترتبة على الشركتين زمن النظام البائد، وإعادة جرد المواد الأولية الموجودة والجاهزة، في مستودعات الشركة، وتقييم الشركة مالياً وإنتاجياً والتنسيق مع الوزارة لوضع خطة عمل للتشغيل ورؤية مستقبلية (التشغيل أو الاستثمار).

أسباب مختلفة

وفي معرض رده على سؤالنا حول خروج الشركتين من الأسواق أدى إلى فقدان الحصة التسويقية والخسارة تقدر بالمليارات، من يتحمل مسؤولية ذلك، وما قيمة فوات المنفعة الاقتصادية والاجتماعية؟ فقد أكد “دقس” أن شركة كابلات دمشق لم تغب تماماً عن السوق، إذ واصلت بيع المخزون، وإن كان بكميات أقل لعدة أسباب مختلفة منها: ارتفاع أسعار منتجاتها الناتج عن غلاء المواد الأولية (مثل النحاس والألمنيوم)، والجانب المهم أيضاً قيود نظام التوريد السابق، الذي فرضته الحكومة البائدة، وإلزام الموردين بالتعامل مع منصة التوريد للمواد الأولية والتي كان يفرضها النظام المخلوع من أجل الإتاوات والرشا فقط من دون تمويل فعلي للمورد وإلزامهم بالتعامل عبرها، ما أدى إلى احتكار غير عادل، وعزوف الموردين عن المشاركة في المناقصات، وإجراءات قانونية جائرة رفعت تكاليف الإنتاج.
هذا ما يتعلق بدمشق، أما شركة حلب وخروجها عن الإنتاج، فقد خرجت منذ بداية الثورة واقتصر عملها على أمراس الألمنيوم والكابلات المغذية لمراكز التحويل الخاصة لشركة الكهرباء وبعض المقاطع النحاسية (الرفائع) وبعد التحرير تواصلنا مع شركة الكهرباء لبيعها الكابلات المتوفرة لدينا وإبرام عقود جديدة معها تناسب الواقع.

رؤية للتنفيذ

وبالتالي تنفيذ ذلك يحتاج إلى استراتيجية تنفيذ، تتضمن رؤية لإعادة الشركات إلى ميدان العمل، واعتماد سياسة جديدة لعودة الخبرات التي هربت باتجاه القطاع الخاص، وحتى الخبرات التي ما زالت في الشركتين، وهنا أوضح “دقس” أن منتجات شركتي كابلات دمشق وحلب معروفة بجودتها العالية، ما يعزز ثقة فنيي الكهرباء بها، ويزيد من حصتها السوقية، ويمكن للشركة استعادة موقعها من خلال: شراء المواد الأولية من دون وسيط من الشركة الأم وإعفاؤها من الضرائب والرسوم، وبالعملة الأجنبية، ومعالجة نقص العمالة الفنية، بسبب نقص الكفاءات الفنية والإنتاجية، بسبب هجرة العمال الفنيين والإنتاجيين من البلاد، بسبب ظروف الاعتقالات التي كانوا يتعرضون اليها أيام النظام البائد.
إلى جانب اعتماد نظام تحفيزي للعمال، وإعطائهم نسبة من الأرباح لزيادة الإنتاج، واستقطاب الخبرات السابقة، والسماح للشركة بإجراء عقود أو مياومة مع عمال من فئة شبابية دعم الشركة بإعادة الاعمار للنهوض بالعمل .

مقترحات داعمة

مدير المؤسسة “المهندس دقس” قدم مجموعة من المقترحات تدعم عودة الشركات بقوة إلى ميدان العمل المستمر في مقدمتها: تخصيص حصص بالعملة الأجنبية لشراء المواد الأولية، والسماح بالبيع بالدولار لتفادي تقلبات الأسعار، وإلغاء أو تخفيف الرسوم الجمركية على المواد الخام، وإعفاء قطع الغيار والآلات من الضرائب، حماية المنتج المحلي من المنافسة الأجنبية غير العادلة، ودعم أسعار الطاقة للقطاع الصناعي، توظيف خريجي المعاهد الفنية في الشركات التابعة للوزارة.
أما في قيما يتعلق بمشكلة تزوير الماركات التي تحملها منتجات الشركتين من قبل بعض الورشات المخالفة بسبب غيابها عن السوق، وكيفية معالجتها، فقد أكد “دقس” انتشار ظاهرة تزوير منتجات الشركة (خاصة علامة “حوش بلاس”) منذ زمن طويل وكانت تتم معالجتها ومكافحتها من قبل الجهات المختصة في النظام البائد بصورة غير فعالة لأسباب مختلفة نذكر منها على سبيل المثال: غياب الرقابة الفعالة في السابق، وانتشار الفساد والرشا والإتاوات والمصالح الشخصية، والتغاضي عن هذه المنتجات الرديئة، وفي الظروف الراهنة استغل ضعاف النفوس حالة عدم الاستقرار في الأسواق المحلية ولجؤوا إلى تزوير العلامة الخاصة بمنتج حوش بلاس.
وحيال ذلك نقدم بعض المقترحات: تتضمن تفعيل الرقابة على المنتجات المقلدة، وتوعية المستهلكين بتمييز المنتجات الأصيلة، إلى جانب ضرورة تخفيض أسعار المنتجات المحلية عبر دعم الإنتاج، ما يحد من انتشار المزورات.

Leave a Comment
آخر الأخبار