الحرية – منال الشرع:
بين الخبير المالي والمصرفي الدكتور عبد الله قزاز أن زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع الأخيرة إلى البيت الأبيض تعتبر كأول زيارة لرئيس سوري إلى البيت الأبيض منذ الاستقلال، وهي بمثابة حجر زاوية يمكن البناء عليه لرفع العقوبات بشكل نهائي، وقد تُوجت الزيارة بتعليق أو تجميد العقوبات لمدة 180 يوماً.
وأضاف القزاز في تصريح لـ”الحرية”: يبدو أنّ التوجه العام لدى الكونغرس الأمريكي هو لرفع عقوبات قيصر بشكل نهائي عن سوريا، وخصوصاً بعد الأجواء الإيجابية التي سادت اجتماع الرئيس الشرع مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب براين ماست.
وعليه،إنّ تعليق العقوبات المفروضة على سوريا لمدة 180يوماً سيشجع الشركات الأمريكية على الدخول إلى السوق السورية، ويمكن أن يشجع مؤسسات التمويل الدولية (IFIs) في التعاون مع المؤسسات المالية السورية وتمويلها أيضاً.
7 مسارات
وحسب قزاز يتيح قرار رفع العقوبات الباب أمام سبعة مسارات اقتصادية حيوية تعيد دمج الاقتصاد السوري بالنظام المالي والتجاري العالمي:
١-إعادة دمج النظام المصرفي الدولي: تتيح عودة النظام المصرفي السوري للانخراط في النظام الدولي فرصة للتعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية في مختلف دول المنطقة والعالم، ما يعني إمكانية المراسلة، وتبادل المعلومات، والتقديم على القروض والمنح، والتحويل من سوريا وإليها، واستثمار الأموال خارج سوريا، وتدفُّق الاستثمارات المالية إلى الداخل السوري.
٢-تسهيل التبادل التجاري: يفتح رفع العقوبات المجال لتبادل تجاري أكثر سهولة ويُسْر. فبينما لم تمنع العقوبات التبادل التجاري مع دول العالم العربي ودول أخرى، إلا أنها قيدته مع الولايات المتحدة.
ورفع العقوبات يعني أنّ المؤسسات التجارية والأفراد من مختلف الدول سيكونون قادرين على العمل والتبادل التجاري مع سوريا.
٣-جذب الاستثمار الأجنبي والمالي: سيسمح رفع العقوبات بالاستثمار في سوريا، خاصة في القطاع المالي، حيث يمكن أن تدخل مؤسسات مالية وبنوك وشركات تأمين ومؤسسات التمويل الأصغر ومؤسسات أخرى باستثماراتها إلى سوريا كفروع للشركات والمؤسسات الأم.
٤-الاستفادة من التكنولوجيا والمعدات المتقدمة (صندوق النقد الدولي): يمكن أن يوفر صندوق النقد الدولي (IMF) فرصة لاستيراد المعدات التقنية والتكنولوجيا المتقدمة، حيث كانت سوريا مع العقوبات منعزلة عن العالم وغير قادرة على شراء الكثير من التجهيزات، مثل تلك المتعلقة بالاتصالات. سيفسح رفع العقوبات للحكومة والأفراد الاستفادة من هذه التكنولوجيا.
٥- تمويل إعادة الإعمار والبنية التحتية (مجموعة البنك الدولي): يمكن لمجموعة البنك الدولي (World Bank) أن توفر التمويل لمشاريع إعادة الإعمار في سوريا في مجال إعادة تهيئة البنية التحتية ومؤسسات الدولة.
٦-الحصول على المنح والقروض التنموية: من الممكن أن تبادر بعض المؤسسات الدولية وكذلك الحكومات لتقديم منح مالية للحكومة السورية أو قروض تمكنها من تسيير شؤونها وإقامة برامج تنموية، وهذا في إطار الممكن والمتوقع، حيث نجد أن بعض الدول قريبة من الملف السوري وراغبة باستقراره، ويمكن أن تشكل القروض والمنح شكلاً من أشكال دعم الاستقرار.
توقيع عقود التدريب وتبادل الخبرات: على المدى البعيد، يمكن أن تبدأ سوريا تبادُل الخبرات مع العالم الخارجي، بما في ذلك عقود التدريب النظري والعملي في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك ليستفيد الموظفون من التجارب المتقدمة.
٧- مؤشرات دولية تدعم المسار التنموي
هناك خطط ومؤشرات دولية حديثة تؤكد التوجه نحو إعادة إدماج سوريا في التمويل التنموي الدولي حيث أعلن ذراع التمويل للدول الفقيرة (IDA) التابع للبنك الدولي، أن سداد سوريا لمستحقات متأخرة لها (حوالي 15.5 مليون دولار) أعاد إليها الأهلية للحصول على تمويل.
وفي حزيران الماضي 2025، وافقت مجموعة البنك الدولي على منحة قيمتها 146 مليون دولار لمشروع طارئ للكهرباء في سوريا.
كما أعلن عن خطط للتوجّه نحو إعادة إدماج سوريا في التمويل التنموي الدولي، بمشاركة مصرف التنمية الألماني (KfW) وحكومات أوروبية.
ويشير قزاز الى أن هناك خطة ثلاثية السنوات من الأمم المتحدة تُقدر بـ 1.3 مليار دولار لدعم سوريا في مجالات مثل البنية التحتية، والحماية الاجتماعية، وإعادة البناء، يشجع فتح الباب لاستثمارات أجنبية وقوى إقليمية مهتمّة بإعادة الإعمار (من الخليج، تركيا، أوروبا) على قروض تنموية باعتبارها جزءاً من عملية إعادة الإعمار.
ونوه قزاز بأن هناك فرصة حقيقية لسوريا للحصول على قروض تنموية (من مؤسسات مثل البنك الدولي، من خلال منح أو قروض منخفضة الفائدة) إذا استوفت الشروط المطلوبة، لكن هذه الميزة ليست تلقائية، بل تحتاج جهداً داخلياً وخارجياً كبيراً. وإذا استطاعت سوريا الانتقال من موقع أزمة إلى موقع إعادة بناء منسّق، فإن الطلب الدولي على إعادة الإعمار يمكن أن يوفّر تمويلاً موازياً، بما يعزز الدخول إلى الأسواق والتمويل التنموي.
قائلاً : إنّ الجانب الإيجابي والمؤكد هو أن أي قرار تجاه تخفيف العقوبات أو إيقافها جزئياً سينعكس بشكل إيجابي على سوريا، فسيفتح فرصاً يمكن استثمارها، وسيؤدي لدعم الاقتصاد السوري، وتدوير عجلة الاقتصاد ثم تسريعها.