البيئة التشريعية والقانونية مفتاح بناء سوريا الجديدة ومواجهة اقتصاد الظل وسرقة الثروات

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- رشا عيسى:

وسط التحديات الجسيمة التي تواجه سوريا الجديدة في مسيرتها نحو التعافي وبناء الدولة، يبرز صوت الخبراء ليؤكد حقيقة جوهرية، أن البيئة التشريعية والقانونية ليست مجرد تفصيل، بل هي الركيزة الأساسية التي لا غنى عنها.
وفي ظل غياب إطار قانوني شامل، تتفاقم ظواهر اقتصاد الظل والتنقيب غير المشروع عن الثروات، مدفوعة بوطأة الفقر والبطالة، ما يعوق أي تقدم اقتصادي أو اجتماعي مستدام، ويجعل من تنظيم الحياة اليومية للمواطنين أمراً بالغ التعقيد.
وفي خطوة حكومية أصدرت وزارة الاقتصاد قراراً يقضي بحصر استيراد أجهزة الكشف عن المعادن بالجهات الحكومية فقط ووفقاً للقرار، يُحصر استيراد هذه الأجهزة بالجهات الحكومية، شريطة الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الداخلية، حيث أشارت الوزارة إلى أن هذه الأجهزة يستخدمها البعض في أعمال التنقيب غير المشروع عن الذهب والآثار.

البيئة التشريعية أساس بناء الدولة وتعافي الاقتصاد

يؤكد الباحث الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس لـ “الحرية” أن البيئة التشريعية والقانونية هي حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار والتقدم، ويشير إلى أن غياب هذه البيئة الشاملة أدى إلى تفاقم ظواهر مثل التنقيب غير المشروع عن الثروات، ما يستدعي مقاربة قانونية متكاملة لتنظيم كافة جوانب الحياة.

خطوة نحو تنظيم “اقتصاد الظل”

ويصف الجاموس القرار الحكومي بأنه “جيد” لأنه يحصر هذه العملية بيد الأجهزة الحكومية، وأوضح أن الحكومة يجب أن يكون لديها جدول للحاصلين على هذه الأجهزة، سواء للعلوم الجيولوجية والتنقيب الأكاديمي، أو للأشخاص والمؤسسات المعترف بها من قبل الدولة.
ومع ذلك، حذر من أن العمل في هذا المجال بشكل غير قانوني وبعيداً عن رقابة الدولة، سيؤدي إلى “ازدهار السوق السوداء” لهذه الأجهزة، ورغم ذلك اعتبر القرار “خطوة صحيحة” لتنظيم “اقتصاد الظل” أو “العمل غير المسموح به أو غير المرخص .

قوانين شاملة ودولة مدنية

وأكد الجاموس ضرورة تشكيل بيئة تشريعية وقانونية شاملة، تتفرع منها قوانين ومواد قانونية تتناول كل جوانب الحياة، مستشهداً بمقدمة ابن خلدون التي تقول: “الشعوب لا تحكم إلّا بالقانون”.
وشدد على أن سوريا “بأمس الحاجة اليوم إلى قانون يطبق على الجميع وأن تتحول إلى دولة مدنية يعرف كل شخص فيها حقوقه وواجباتها.
وأوضح الدكتور الجاموس أن القرارات المتخذة حالياً، رغم أنها قد تكون جزئية، إلّا أنها “قرارات جيدة على الطريق الصحيح”، كونها تهدف إلى تنظيم جوانب حيوية.

الثروات الباطنية ملكية للدولة

وأكد الدكتور الجاموس أن الثروات الباطنية، مثل النفط والمياه، هي “حصراً ملك للدولة” في جميع دول العالم و من حق الدولة الحفاظ على ثرواتها الطبيعية.

التنقيب غير المشروع ظاهرة متفاقمة في ظل الفقر والبطالة
وأشار الباحث الاقتصادي إلى انتشار واسع لعمليات التنقيب غير المشروع عن الذهب والآثار، خاصة في المنطقة الجنوبية، وعزا هذه الظاهرة إلى جانبين رئيسيين:
فقر الناس والبحث عن الغنى السريع في ظل الظروف الصعبة والفقر الذي يعانيه معظم السوريين، يسعى المواطنون للحصول على الغنى السريع.
و البطالة التي تدفع من لايملك عملاً أن يبحث عن أي شيء يشغل نفسه فيه، ما يجعل التنقيب غير المشروع خياراً سهلاً، مدفوعاً بـ”آمال وقصص تروى” عن أشخاص وجدوا الذهب أو الآثار وحصلوا على ثروات كبيرة.

مراجعة شاملة

من جهته، الباحث الاقتصادي والسياسي نبيل الملاح وجد أن القرار جاء بناء على معلومات تؤكد نية بعض الجهات غير المعنية بالتنقيب عن الذهب و الآثار التي تعدّ ثروة وطنية وتدخل ضمن الأموال و الأملاك العامة.
ورأى الملاح ضرورة مراجعة محتويات الأماكن الأثرية و مطابقتها مع السجلات النظامية لدى المديرية العامة للآثار والمتاحف؛ حيث كانت تتسرب معلومات عن إخراج قطع أثرية للمشاركة في المهرجانات و المعارض الدولية ولا تعود.

قرارات صارمة

وبين أن هذا القرار جاء في وقته وفي إطاره الصحيح، و يجب اتخاذ قرارات صارمة لحماية الذهب الذي تنبئ بعض الدراسات عن وجود كميات كبيرة منه في بعض المناطق .
وفي هذا المجال لابدّ من الاستعانة بعلماء و خبراء الآثار و الثروات الطبيعية الذين يمتلكون المعلومات و الحقائق من خلال عملهم في الدولة.

 

Leave a Comment
آخر الأخبار