البيوت السورية في حالة طوارئ.. امتحانات الثانوية العامة تعصف بأعصاب  الأهالي

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير:

مع انطلاق امتحانات الثانوية العامة في سوريا قبل أسبوعين دخلت أغلب البيوت في حالة استنفار قصوى أقرب ما تكون إلى إعلان طوارئ عاطفية ونفسية، حيث بات التوتر سيد الموقف والأمل حليف كل دعاء، فرغم الأجواء الإيجابية التي رافقت الأيام الأولى من  الامتحانات خاصة مع سهولة أسئلة مادتي الفيزياء والفلسفة لفرعي العلمي والأدبي  واللغة الإنكليزية، إلا أن القلق لم يفارق العائلات بل تصاعدت وتيرته مع خشية الكثير من الأهالي فقدان الأبناء لحماسهم بعد الانتهاء من المادة الأولى ودخولهم في ما يُعرف بـ”اكتئاب الدراسة”.

اكتئاب الدراسة

هذا القلق لا يقتصر على الطلاب وحدهم بل يمتد إلى ذويهم، تقول والدة الطالبة مها عنتر: “أرافق ابنتي كل صباح إلى المركز الامتحاني  وقلبي يرتجف حتى خروجها أعيش معها كل لحظة وكأنني أنا من يقدّم الامتحان”.
وتضيف: “لا أكفّ عن تذكيرها بالدراسة فكل دقيقة ثمينة وكل سؤال يمكن أن يُحدث الفارق.
لكن الضغط المستمر قد يكون سلاحاً ذا حدين  كما تشير الباحثة الاجتماعية سوسن السهلي في حديثها لصحيفة الحرية.

السهلي: اكتئاب الدراسة يصيب الطلاب بسبب الملل

وتوضح السهلي أن اكتئاب الدراسة هو حالة نفسية متكررة تظهر على شكل انخفاض في المزاج وفقدان الاهتمام بالدراسة والشعور بالإرهاق وضعف التركيز  وانخفاض تقدير الذات وقد يترافق ذلك مع اضطرابات النوم وتغيّرات الشهية.

دور الأسرة

السهلي تشدد على أهمية دور الأسرة في التخفيف من التوتر النفسي لدى الطلاب عبر خطوات بسيطة لكنها فعالة من أهمها تخصيص وقت للترفيه والخروج من أجواء التلقين المستمر حتى يستعيد الطالب نشاطه.
منح الثقة للطالب بأنه قام بما عليه من واجبات دراسية وبأن قيمته لا تُقاس فقط بنتائجه، دعم غير مشروط من الأهل قائم على الحب والتقدير لا على المقارنة أو التهديد بالعقاب تضافة إلى تقديم مكافآت معنوية أو رمزية تعزز الدافع الداخلي لدى الطالب مثل الحلوى أو الهدايا الصغيرة ومن الضروري مشاركة الأهل في “التقشف الرقمي فلا يجوز أن يستمتع أفراد الأسرة باستخدام الهواتف والإنترنت بينما يُحرم الطالب منها
بث الأمل.
وتضيف السهلي “يجب بث الأمل في نفوس الطلاب بأن هذه المرحلة ستمر سريعاً وأن ما ينتظرهم بعدها من حرية وانفتاح في الجامعة يستحق كل هذا الجهد

محفوض: عدم لوم الطالب في حال اخفاقه بمادة

نصائح طبية ونفسية داعمة

من جانبها  تؤكد الدكتورة ريم محفوض  الأخصائية في علم النفس على أهمية توفير بيئة هادئة ومستقرة خلال فترة الامتحانات  قائلة: “على الأهل أن يجنّبوا أبناءهم الضغوط الاجتماعية مثل المناسبات والزيارات وأن ينظموا وقت الدراسة بشكل منطقي ومتوازن.
كما تشدد محفوض على أهمية التغذية الصحية “أطعمة مثل البيض، الحليب، المكسرات الفواكه الطازجة والخضراوات  تحفز النشاط الذهني، وتحسّن الذاكرة، ما ينعكس إيجابياً على الأداء الأكاديمي”.
أما فيما يخص الإخفاق في مادة معينة  فتوصي محفوض بعدم لوم الطالب أو توبيخه  بل دعمه نفسياً وتحفيزه للتركيز على المادة التالية فكل اختبار هو فرصة جديدة لا يجب أن تُقايض بالإحباط.

أرقام مثيرة للقلق

تشير الدراسات الحديثة إلى أن 17.5% من طلاب المرحلة الثانوية يعانون من الاكتئاب بدرجات متفاوتة، في حين 44% من طلاب الجامعات يقرّون بمعاناتهم من أعراض الاكتئاب، أما على المستوى العالمي فإن نحو 280 مليون شخص يعانون من الاكتئاب وفق بيانات منظمة الصحة العالمية وهذه الأرقامٌ تدق ناقوس الخطر  وتدعو لإعادة التفكير في آليات التعامل مع الامتحانات  ليس بوصفها معركةً نخوضها حتى الإنهاك  بل كمرحلة مؤقتة لا تُعرّف الطالب ولا تحدد مستقبله بالكامل.
وأخيرأ في ظل أجواء الامتحانات  المشحونة  يبدو أن أكثر ما يحتاجه الأبناء اليوم ليس فقط مراجعة الدروس بل من يراجع معهم مفاهيم مثل الثقة التقدير، والاحتواء. ليخوضوا هذه المرحلة بثبات، وأمل، وتوازن.

Leave a Comment
آخر الأخبار