سوق لا تموت.. الخردوات عنصر أساسي في الصناعات لكن أسعارها عالية

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير:

تُعدُّ البراغي والمسامير وغيرها من أشكال “خردة” التثبيت عصب الحياة الصناعية والعصرية الحديثة، ولا يمكن أن تكون هناك صناعة دون وجود لهذه البراغي من أجل التثبيت.
تشهد الخردوات ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها من البراغي والمسامير وكل أدوات العمل التي يعتمد عليها الصناعيون والحرفيون في أعمالهم، وهي ظاهرة تؤثر بشكل مباشر في تكاليف الإنتاج والأرباح في قطاعات البناء والأثاث والصناعات التحويلية.

السلامة في التصنيع

يقول المهندس الميكانيكي والخبير الاقتصادي أسعد تنبكجي لـ”الحرية”: لا يمكن إنشاء أي مبنى (منازل، جسور، ناطحات سحاب) من دون المسامير والبراغي، فهي تربط الهياكل الفولاذية، تثبت الألواح الجبسية، تثبت الأرضيات، وتُركب النوافذ والأبواب.
مضيفاً: تخيل منزلك وهو مكون فقط من قطع خشب أو إسمنت موضوعة فوق بعضها دون تثبيت، وكذلك الأمر بالنسبة للسيارات والطائرات، هناك الآلاف من البراغي مختلفة الأشكال والمتانة تربط هيكل السيارة والمحرك والمقاعد وكل قطعة فيها، علماً أنه في الطائرات، تكون هذه البراغي عالية الدقة والقوة لأسباب تتعلق بالسلامة.

استقرار تكاليف الإنتاج

وأوضح تنبكجي أنه نتيجة ارتفاع الأسعار يواجه مصنعو البراغي والمسامير تحدياً كبيراً في الحفاظ على استقرار تكاليف الإنتاج، بسبب التقلبات الكبيرة في أسعار المواد الخام الأساسية مثل الصلب والألمنيوم، التي تدخل في تصنيع هذه المنتجات، لذلك تمثل هذه التقلبات عقبة كبيرة للمصنعين، وخاصة في القطاعات التنافسية للغاية، حيث تضغط الأسعار المتقلبة على هوامش الربح وتجعل التخطيط طويل المدى أمراً صعباً للغاية.

الرسوم الجمركية

ويوضح تاجر الخردوات محمد المبادري أن المشكلات المتعلقة بالتجارة الدولية مثل الرسوم الجمركية يمكن أن تؤثر في المنتجات المستوردة والتأخيرات اللوجستية على توفر وتكلفة البراغي المجمعة والمسامير بشكل عام، ومثل هذه العقبات تعطل تدفق المنتجات ما يسبب عدم كفاءة في سلسلة التوريد ويسهم في ارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار البراغي والمسامير يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج بشكل مباشر، ما يضعف القدرة التنافسية للصناعيين والحرفيين ويقلص هوامش الربح، فيجد العاملون في قطاعات مثل البناء والأثاث أنفسهم مضطرين، إما لتحمل هذه التكاليف الإضافية أو نقلها إلى المستهلك النهائي، ما قد يؤثر في الطلب على خدماتهم ومنتجاتهم.
ولفت إلى أن مع استمرار تقلب الأسعار يواجه الصناعيون والحرفيون صعوبة متزايدة في تخطيط ميزانيات مشاريعهم بدقة، ويصبح من الصعب تقدير تكاليف المشاريع المستقبلية بشكل دقيق، ما يزيد من المخاطر المالية ويجعل عملية تقديم العروض والمناقصات تحدياً أكبر.
وعن إمكانية تدوير مستلزمات العمل والخردوات بين المبادري، أن معظم البراغي والمسامير مصنوعة من الفولاذ أو النحاس أو الألمنيوم أو الزنك، وهذه معادن ذات قيمة عالية.. عند تجميعها كخردة، تُصبح مصدراً مهماً لمدخلات الصناعة، وتعمل على توفير هائل في الطاقة والموارد فإعادة صهر وتدوير الخردة المعدنية تستهلك طاقة أقل بكثير (قد تصل إلى 75% أقل) من استخراج المعدن من المناجم وتصنيعه من الصفر، هذا يعني توفير في الطاقة وتقليل التلوث بدلاً من رمي الأجهزة أو الأثاث القديم في المكبات، حيث ستأخذ المسامير والبراغي المعدنية مئات السنين لتتحلل، يتم استخراجها وإعادة تدويرها، ما يقلل من تلوث التربة والمياه إضافة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية (خام الحديد، الفحم).
كما تسهم في إيجاد صناعة ووظائف لكونه تولد سوق كاملة لتجارة وتجميع وفصل وإعادة تدوير خردة المعادن، ما يوفر فرص عمل للكثيرين، ولا ننسى دورها في توفير المال بالنسبة للورش والمصانع الصغيرة، إذ يمكن لشراء براغي ومسامير مُستعملة (بحالة جيدة) أو معاد تدويرها أن يكون خياراً اقتصادياً لمشاريعهم وبمكن على المستوى العملي والحياتي اللجوء إلى “الإصلاح بدلاً من الاستبدال”.

خبير اقتصادي: يواجه مصنّعو البراغي والمسامير تحدياً كبيراً في الحفاظ على استقرار تكاليف الإنتاج

علاقات طويلة الأمد

الخبير الاقتصادي صالح محمد إبراهيم بيّن أنه يمكن للصناعيين والحرفيين مواجهة ارتفاع الأسعار من خلال تعاونيات الشراء التي تتيح لهم الحصول على حسم للكميات، والبحث عن موردين محليين لتقليل تكاليف الشحن والرسوم الجمركية. كما أن بناء علاقات طويلة الأمد مع الموردين الموثوقين يمكن أن يوفر فرصاً للحصول على أسعار أفضل وأولوية في تلبية الطلبات خلال فترات النقص، واعتماد أسلوب الاستخدام الأمثل للمواد من خلال التخطيط الدقيق وتقليل الهدر كأحد السبل الفعالة للتكيف مع ارتفاع الأسعار.
كما يمكن للصناعيين، وفقاً للخبير، تدريب عمالهم على الاستخدام الفاعل للبراغي والمسامير، وتطوير أنظمة تتبع للمخزون لتجنب الهدر والضياع والبحث عن بدائل مبتكرة، حيث يوفر السوق خيارات متعددة من المنتجات البديلة التي قد تكون أكثر توفراً بأسعار معقولة.
كذلك يمكن للصناعيين البحث عن بدائل مناسبة من حيث التكلفة مع الحفاظ على متطلبات الجودة والأداء، كما أن التوجه نحو المنتجات ذات القيمة المضافة العالية والتي توفر وقت التثبيت وتقلل من تكاليف العمالة يمكن أن يكون حلاً عملياً رغم ارتفاع أسعارها المبدئي.

النمو خلال السنوات القادمة

ولفت إبراهيم إلى أن التوقعات تشير إلى أن سوق البراغي سيستمر في النمو خلال السنوات القادمة، مع التركيز على المنتجات المبتكرة ذات القيمة المضافة مثل البراغي ذات مقاومة التآكل المحسنة أو العمر الافتراضي الأطول أو التوافق الأفضل مع معدات الطاقة.
ومن المتوقع أن يسهم هذا التوجه في تنويع الخيارات المتاحة أمام الصناعيين والحرفيين، حيث تمثل الأسواق الناشئة وابتكار المنتجات والممارسات المستدامة فرصاً لتحقيق استقرار في الأسعار على المدى الطويل، ومع تطور التقنيات التصنيعية وزيادة المنافسة في القطاع، من المتوقع أن تظهر حلول جديدة تساعد في تحقيق التوازن بين الجودة والتكلفة.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار