الشيباني في موسكو.. سوريا وروسيا تطويان صفحة الماضي وتفتحان صفحة جديدة

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحريةـ سامر اللمع:

تشكل زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني إلى موسكو ولقاؤه بوزير الخارجية ‏الروسي سيرغي لافروف نقلة جريئة في السياسة الخارجية لسوريا الجديدة ما بعد سقوط نظام ‏بشار الأسد البائد.‏
فليس من السهل أن تقدم الحكومة السورية على إعادة التواصل مع دولة ساهمت وأثرت إلى ‏حد كبير في مجريات الثورة السورية وتفوقها عسكرياً في مواجهة النظام البائد، وذلك بسبب ‏الدعم العسكري الواسع الذي قدمته روسيا لنظام الأسد لقمع الثورة ما أدى إلى انكفاء الأخيرة ‏مرحلياً إلى منطقة جغرافية صغيرة في شمال غرب سوريا لحين اللحظة الحاسمة التي تكللت ‏بالنصر في الثامن من شهر كانون الأول عام 2024.‏
في أعراف السياسة الدولية، لا يوجد صديق دائم ولا يوجد عدو دائم، فعلاقات الدول تبنى وفقاً ‏للمصالح بين دولة وأخرى على أساس الندية والتكافؤ حتى ولو اضطر أحد الأطراف للعض ‏على جرح قديم وتناسي خلافات الماضي في سبيل تصحيح علاقة قديمة شابها انحراف مرحلي ‏تبعاً لظرف مصلحي غير قابل للاستمرار.‏
نعم، لقد لعبت روسيا دوراً محورياً ويكاد يكون حاسماً في مجريات الدولة السورية بدءاً من عام ‌‏2015 حين تدخلت عسكرياً إلى جانب النظام البائد في محاولة يائسة لإنقاذه، إلا أنه ورغم ‏الثقل العسكري الوازن وخاصة لسلاح الطيران الروسي لم يستطع النظام البائد تحقيق النصر ‏الحاسم على الثورة السورية وذلك بفضل إصرار وعناد السوريين للخلاص من نظام جثم على ‏صدورهم لأكثر من 54 عاماً ليتحقق أخيراً الحلم في التحرر والانطلاق لبناء دولة حديثة ‏عصرية بمساعدة جميع الدول التي تمد يدها في هذه المرحلة.‏
في هذا الإطار، ظهر جلياً تغير في الموقف الروسي بعد تحرير سوريا، تمثل أخيراً في الدعوة ‏التي وجهها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ‏لزيارة موسكو في خطوة تعبر عن الرغبة الروسية في محو اضطرابات المرحلة الماضية على ‏صعيد العلاقات بين البلدين ولبناء علاقات جديدة تقوم على الندية والمصالح المشتركة بما ‏يحقق الخير للدولتين وشعبهما.‏
وفي الواقع، لا يمكن إنكار الثقل والتأثير الدولي الكبير لجمهورية روسيا الاتحادية في العديد ‏من القضايا، فروسيا وهي وريثة الاتحاد السوفيتي ما بعد مرحلة الحرب الباردة تلعب دوراً ‏كبيراً في التأثير بالسياسيات الدولية على نطاق واسع.‏
وهنا، فإن سوريا الجديدة تعي جيداً هذا التأثير وهذا الدور لموسكو، ومن هذا المنطلق كان من ‏العقلانية السياسية أن يلبي وزير الخارجية السوري الدعوة لزيارة موسكو وتخطي عقبة ‏الماضي والتطلع لتصحيحها وإزالة شوائبها والسير في بناء علاقة سليمة بين الدولتين تقوم ‏على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.‏
زيارة الشيباني إلى روسيا ولقاء وزير خارجيتها سيرغي لافروف, من المتوقع لها أن ترسم ‏حدود المستقبل الجديد في العلاقة بين الدولتين, فروسيا لا تزال تحتفظ بقاعدة جوية في مطار ‏حميميم في اللاذقية وروسيا على مدار أكثر من 70 عاماً هي المزود الرئيسي للسلاح إلى ‏سوريا, ناهيك عن عشرات الاتفاقيات بين البلدين في مجالات متنوعة, ومن هذا المنطلق ‏تتجلى أهمية الزيارة لجهة تحديد مستقبل العلاقات بين البلدين على كافة الصعد العسكرية منها ‏والاقتصادية في مرحلة جديدة من المفيد أن تستثمر الإرث الإيجابي للعلاقة الماضية بين ‏البلدين ونبذ الإرث السلبي لها للانطلاق لبناء علاقات جديدة على أسس راسخة وصحيحة.‏

Leave a Comment
آخر الأخبار