الصرف الصحي في أحياء حلب الشعبية.. أزمة تتجدد كل شتاء

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – جهاد اصطيف:

تتجدد معاناة سكان مدينة حلب مع انسداد خطوط الصرف الصحي وارتفاع منسوب مياه الأمطار في الشوارع، مع بداية كل فصل شتاء، لتتحول العديد من الأحياء إلى مساحات غارقة في المياه الراكدة، وما يرافق ذلك من اختناقات مرورية ومخاطر صحية وحوادث متكررة.

الأحياء الشعبية.. واقع أكثر هشاشة..

تتأثر الأحياء الشرقية والشعبية من حلب بشكل خاص، مثل الفردوس، الصالحين، الشعار، بني زيد وغيرها، إذ نشأت هذه المناطق خارج المخططات التنظيمية الرسمية وعانت لسنوات طويلة من الإهمال الخدمي، وتفاقمت مشكلاتها بعد تعرضها لقصف مكثف خلال سنوات الحرب من قبل النظام البائد، ما انعكس على بنيتها التحتية التي ما تزال حتى اليوم بحاجة ماسة لإعادة تأهيل، وآخر مثال على حديثنا الشكوى التي وردتنا من قبل أهالي حي بستان الباشا بالقرب من مشفى زاهي أزرق، بالرغم من معالجة المشكلة هناك.


أحمد  مستو أحد سكان حي بستان الباشا يقول: إن أول ما يعانيه الأهالي هو تهالك الصرف الصحي وانتشار الروائح الكريهة في الشوارع، إضافة إلى الخوف من تسرب مياه الصرف إلى المنازل، وخاصة في المناطق المنخفضة، ويضيف إن السكان غالباً يضطرون إلى تنظيف محيط المصارف بأنفسهم، وهو عبء يضاف إلى أعباء المعيشة اليومية.
أما صالح.ر ، فيشير إلى أن ما يعانيه الأهالي يتجاوز الصرف الصحي ليمس أساسيات الحياة اليومية، كالكهرباء والمياه والنظافة، مؤكداً أن الواقع الخدمي في الحي يتطلب تدخلاً جدياً من الجهات المعنية لتحسين المرافق المتدهورة.

صيانة مستمرة ولكن !

يؤكد المهندس غيث بنود رئيس مديرية الصرف الصحي في قطاع السريان بحلب خلال حديثه لـ”الحرية” أن الأسباب الأكثر شيوعاً لضعف تصريف المياه تكمن في انجراف الأتربة وأوراق الأشجار ومخلفات القمامة التي تسد المصارف والعبارات، إضافة إلى التعديات العشوائية فوق خطوط الصرف وسرقة الأغطية، هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى انسداد المجاري، ما يجعل الكثير من المصارف المطرية عاجزة عن استيعاب مياه الأمطار.
ويشير بنود إلى أن الوضع يزداد سوءاً في حالات العواصف الرعدية والأمطار الغزيرة.
مضيفاً: نقوم بتجهيز المصافي قبل وبعد العاصفة من خلال ورشاتنا التي تقوم بتعزيل بقايا الأتربة والأوساخ بشكل دوري، كما هو حال موضع الشكوى عند نزلة المشفى، مشدداً بالوقت نفسه الحفاظ على أغطية “الريكارات” والمصافي المطرية ومنع التعدي عليها وسرقتها، خاصة من قبل “النباشين”، الأمر الذي يضر أحياناً إلى اللجوء إلى لحام وجه الحديد – بالرغم من أنه إجراء غير صائب –  منعاً لتفاقم المشكلة والحد منها قدر الإمكان.

عمال الصيانة.. العدد لا يكفي

أحد عمال الصرف الصحي في مجلس المدينة يوضح أن الكوادر العاملة أقل بكثير من حجم العمل المطلوب، مشيراً إلى أن عملية تنظيف “الريكارات ” في حي ما تتزامن مع انسدادها في حي آخر بفعل الأتربة والنفايات.
ويكشف العامل عن حادثة إنقاذ طفلة كادت تسقط في عبارة صرف مكشوفة بسبب غمر الرصيف بالمياه، مؤكداً أن مثل هذه الحوادث قد تتكرر نتيجة غياب الغطاء المناسب للمصارف وعدم قدرة الشبكة على استيعاب المياه المتدفقة.

انعكاسات مباشرة على الحياة اليومية..

يشدد سكان الأحياء الشعبية على أن الخدمات الأساسية – الكهرباء، المياه، النظافة، والصرف الصحي – هي ركائز جودة الحياة في أي مجتمع، وعندما تغيب هذه الخدمات أو تتراجع جودتها، يتدهور معها الوضع المعيشي للسكان، ويزداد الضغط الاقتصادي والصحي عليهم بشكل يومي.
ومع كل شتاء، يعود المشهد ذاته: شوارع غارقة، مصارف مسدودة، صعوبة وصول الأطفال للمدارس، وحركة سير مشلولة، وبينما تستمر كوادر البلدية في العمل ضمن طاقتها المحدودة، تبقى الأزمة أكبر من الإمكانات المتاحة، ما يجعل الحل الجذري مرهوناً بخطة شاملة لإعادة تأهيل البنية التحتية في المدينة، وخاصة في أكثر الأحياء هشاشة وتضرراً.

 

Leave a Comment
آخر الأخبار