الصناعة السورية بين الحماية الذكية والانفتاح المدروس: كيف نصنع منتجاً محلياً قادراً على المنافسة؟

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- وديع فايز الشماس:

تواجه الصناعة الوطنية في سوريا مرحلة دقيقة تتطلّب إعادة تقييم منظومة الحماية والدعم، وصولاً إلى بناء اقتصاد صناعي تنافسي قادر على الصمود في بيئة إقليمية ودولية تتغير بسرعة، ومن هنا تبرز الحاجة إلى حماية ذكية للصناعة المحلية، ترافقها سياسة انفتاح مدروس توازن بين متطلبات السوق وضرورات الإنتاج.

*خفض تكاليف الإنتاج… مدخل أساسي لحماية المنتج الوطني

تُعدّ كلفة الإنتاج المرتفعة أحد أبرز التحديات التي تواجه الصناعي السوري، ومن أجل تعزيز قدرته على المنافسة، يصبح إعفاء المواد الأولية والمكونات الصناعية من الرسوم الجمركية خطوة ضرورية تتيح للمصنّعين توجيه مواردهم نحو تطوير خطوط الإنتاج وتحسين الجودة.

ويكتسب هذا الإجراء أهمية خاصة للمصدّرين، إذ يسمح لهم بطرح منتجات سورية بأسعار مقبولة في الأسواق الخارجية دون أن تثقلهم كلفة استيراد المواد الخام، ما يعزز حضور الصناعة السورية في أسواقها التقليدية والجديدة.

*الجودة… الشرط الحاسم لكسب ثقة المستهلك

لا يمكن لأي سياسة حماية أن تنجح دون أن تُرفَق بمسار حقيقي لتحسين جودة المنتجات. فالمستهلك اليوم—محليًا كان أو خارجيًا—لا تمنحه الثقة إلا سلعة جيدة بسعر عادل.

لذلك فإن تعزيز دور المخابر المتخصصة، وفرض معايير صناعية واضحة ودقيقة، إلى جانب تقديم دعم فني ومالي للمصانع لتحديث تقنياتها وتطوير خبرات كوادرها، يشكل الركيزة الأساسية لنهضة صناعية مستدامة.

*دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة… رافعة الإنتاج الوطني

تشكل الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة الجزء الأكبر من النسيج الصناعي السوري، وهي الأكثر تعرضاً للصعوبات التمويلية والإدارية، ولتمكين هذه المنشآت من دخول الأسواق الخارجية، لا بد من منحها:

– حوافز تصديرية مباشرة تشمل تغطية جزء من تكاليف الشحن.
– الدعم للمشاركة في المعارض الدولية.
– تبسيط إجراءات التصدير وتخفيف الأعباء الجمركية والإدارية.

إن تمكين هذه الفئة يسهم في توسيع قاعدة الإنتاج ويضمن تنويع السلع السورية الموجهة للأسواق العربية والدولية.

*الاستيراد… ضرورة اقتصادية لا تناقض الحماية الوطنية

ليس المطلوب إغلاق السوق أمام السلع المستوردة، فالتجارة جزء أساسي من الدورة الاقتصادية، لكن المطلوب هو تنظيم الاستيراد وفق رؤية تحمي المنتج الوطني دون الإضرار بحق المستهلك في الوصول إلى خيارات متعددة وجيدة.

ويتحقق ذلك عبر:

– نظام رسوم مرن يتناسب مع طبيعة السلع ومدى توفر بدائل محلية.
– تشديد الرقابة على التهريب الذي يشكل الخطر الأكبر على المصانع الوطنية.
– منع إغراق السوق بسلع رخيصة تؤدي إلى إضعاف الصناعات الناشئة.

*مزيج ذكي من الحوافز والرقابة… الطريق نحو صناعة سورية تنافسية

إن بناء بيئة صناعية قوية لا يتحقق بسياسات انغلاقية، ولا عبر ترك السوق دون ضوابط، بل من خلال صياغة سياسة اقتصادية متوازنة تجمع بين:

– إعفاءات مدروسة للمواد الأولية.
– دعم فعّال للمصدرين.
– تطوير المعايير والمخابر الصناعية.
– تشجيع المشاركة في المعارض الدولية.
– ضبط عمليات الاستيراد والحد من التهريب.

 

Leave a Comment
آخر الأخبار