الحرية – إلهام عثمان:
مع اقتراب انتهاء خيوط العطلة الصيفية للمدارس، يلوح في الأفق مشهدٌ مألوفٌ للكثيرين، ألا وهو الانتقالٌ المفاجئ من عالمٍ من الحرية والاسترخاء إلى روتينٍ يتطلب الانضباط والتركيز، إنها “العودة إلى المدرسة”، لحظةٌ قد تحمل في طياتها تحدياتٍ نفسيةً عميقةً للطلاب، خاصةً بعد فترةٍ اعتادوا فيها على ساعاتٍ طويلةٍ من اللهو والسهر والشاشات والألعاب الإلكترونية إضافة للزيارات.
– الحداد: الانتقال المفاجئ قد يخلق فجوةً نفسيةً لدى الطالب
فجوة نفسية
من منظورٍ تربويٍ عميق، يرى الخبير التربوي هيثم الحداد من خلال حوار مع صحيفتنا “الحرية”، أن هذا الانتقال المفاجئ قد يخلق فجوةً نفسيةً لدى الطالب، تُحوّل المدرسة من منارةٍ للمعرفة إلى مصدرٍ للإحباط والسخط، حيث يرى الطالب في العطلة ملاذه ومتعته وتحريره من القيود، قد ينظر إلى المدرسة بالمقابل كحرمانٍ من تلك المتعه، ما يؤثر سلباً على حماسه ورغبته في التعلم.
استراتيجية تربوية مدروسة..
ولمعالجة هذه الظاهرة ووفقاً لرأي الحداد، لا بد من تبني استراتيجياتٍ تربويةٍ مدروسةٍ، تأخذ في الاعتبار خصوصية مجتمعنا السوري وطلابه، حيث يقترح الحداد، خططاً متكاملةً تهدف إلى بناء جسرٍ سلسٍ بين المرح والمسؤولية.
– تنظيم أيامٍ مفتوحةٍ للتعارف قبل بدء العام الدراسي
التدرج الذهني
وأكد الحداد أن الخطط تبدأ بالتدرج الذهني ويكون ذلك قبل أسبوعٍ من بدء الدراسة، إذ يمكن للأسر تشجيع الطلاب على تخصيص وقتٍ قصيرٍ للقراءة أو مراجعةٍ خفيفةٍ للمواد، مع ربطها بأنشطةٍ ممتعةٍ كقراءة قصةٍ شيقةٍ أو حل لغزٍ رياضي، لافتاً إلى أن هذا يساعد على إعادة تهيئة العقل تدريجياً.
أيام مفتوحة للتعارف..
كما يمكن للمدارس والمراكز المجتمعية في سوريا تنظيم أيامٍ مفتوحةٍ للتعارف قبل بدء العام الدراسي، حيث يلتقي الطلاب بمعلميهم في أجواءٍ “غير رسمية”، ويتعرفون على أنشطةٍ مدرسيةٍ إبداعيةٍ، كورش العمل الفنية أو الألعاب التعليمية التفاعلية، حيث يكسر ذلك حاجز الرهبة ويشجع على الانخراط.
دمج المفاهيم بتجارب واقعية..
من جهة أخرى وحسب رأي الحداد يمكن ربط التعلم بالحياة اليومية من خلال تشجيع المعلمين على دمج مفاهيم المناهج الدراسية بتجارب واقعيةٍ يمر بها الطلاب في مجتمعهم، على سبيل المثال، يمكن ربط دروس الرياضيات بحساب تكاليف مشروعٍ مجتمعيٍ صغير، أو دروس العلوم بملاحظة الظواهر الطبيعية في البيئة المحيطة، هذا يجعل التعلم ذا مغزىً وقيمة.
تعزيز مهارة التأقلم..
هذا بالإضافة لفكرة إطلاق مبادراتٍ داخل المدارس وهي التركز على تعزيز مهارات التأقلم لدى الطلاب، هذا مابينه الحداد وكذلك تعليمهم كيفية إدارة وقتهم بين الدراسة والأنشطة الترفيهية، موضحاً أنه يمكن أن تشمل هذه البرامج جلساتٍ حواريةً جماعيةً أو أنشطةً رياضيةً جماعيةً تعزز روح الفريق الواحد.
التكيف مع التحديات..
وختم الحداد: إن العودة إلى المدرسة ليست مجرد انتقالٍ من مرحلةٍ إلى أخرى، بل هي فرصةٌ لبناء جيلٍ واعٍ، قادرٍ على التكيف مع التحديات، ومدركٍ لقيمة العلم والمعرفة، وذلك من خلال تضافر جهود الأسر والمؤسسات التعليمية والمجتمع، كما يمكننا تحويل هذه العودة إلى تجربةٍ إيجابيةٍ ومثمرةٍ لطلابنا تجعلهم أكثر مرونة و انسيابية في العودة للدراسة.