من دمشق إلى نيويورك … جهود حثيثة لإعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية _ رشا عيسى:

تُرك الكثير ليقال لاحقاً في العلاقات الاقتصادية السورية_ الأميركية بعد سلسلة اللقاءات التي جرت في نيويورك على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة و بحضور السيد الرئيس أحمد الشرع، ومنها اللقاء مع ممثلين من غرفة التجارة الأميركية، لتتسم المواقف بالإيجابية، وانفتاح غير مسبوق عبر تهيئة الأجواء لحضور الشركات الأميركية على الساحة الاقتصادية السورية، ليشكل هذا الحضور انسجاماً مع الانفتاح السياسي للعلاقات بين دمشق و واشنطن بما فيها إعلان أفول عصر القطيعة السابق.

إعادة دمج

وتنسجم التفاصيل الجديدة مع إعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي كما يؤكد الخبير في السياسات والإستراتيجيات الاقتصادية والإدارية الدكتور هشام خياط في حديثه لـ ( الحرية)، مبيناً أنه في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية الملحوظة التي تشهدها المنطقة، نجد أنفسنا أمام لحظة تاريخية مع لقاء الرئيس الشرع، بنخبة من رجال الأعمال والمستثمرين الأميركيين والعالميين، خلال جلسة طاولة مستديرة نظمتها غرفة التجارة الأميركية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعد انعكاساً لجهود حثيثة لإعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي، مستفيدة من إعلان رفع جزء من العقوبات الأميركية في أيار 2025، وهو ما أكدته تصريحات الرئيس الشرع في مقابلة مع( CBS News )عن سعي سوريا لـ”علاقات مباشرة وجيدة” مع الولايات المتحدة.

سلسلة لقاءات

وتعد سلسلة اللقاءات الاقتصادية التي بدأت بلقاء الرئيس الشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض، وتوجت بلقاء غرفة التجارة الأميركية في نيويورك نقلة نوعية على صعيد العلاقات، و حضور شركات عالمية بارزة مثل( Chevron وGoogle وMicrosoft وBoeing) يعكس اهتمامًا حقيقياً بـ”الإمكانات الاقتصادية الواعدة” في سوريا،.
و وصف خياط هذه الخطوة بالناجحة بنسبة كبيرة في بناء الثقة، لكن التحدي يكمن في ترجمة الوعود إلى مشاريع ملموسة، خاصة وسط مخاوف جيوسياسية قد تثيرها قضايا الحقوق أو الاستقرار الإقليمي.

حجر أساس

ولكن بالمقابل،فإن هذه العلاقات حجر أساس لإعادة الإعمار، حيث يمكن أن توفر تمويلًا يصل إلى مئات المليارات (400 مليار دولار مطلوبة)، وتقلل البطالة (50%)، وتعزز النمو الاقتصادي بنسبة 5-7% سنويًا. سياسيًا، ستدعم الاستقرار وتقلل التدخلات الخارجية، بينما اجتماعيًا، ستوفر فرص عمل وتحسن الخدمات، ما يحد من هجرة الشباب (6 ملايين لاجئ). إستراتيجياً تعيد سوريا إلى دائرة الاقتصاد العالمي، ما يعزز مكانتها كشريك إقليمي.

شراكة متكافئة

وعن الوجه المناسب للتحالف الاقتصادي مع الولايات المتحدة، رأى خياط أنه ومن منظور إستراتيجي، ينبغي أن يكون التحالف الاقتصادي المثالي شراكة متكافئة تركز على المصالح المشتركة، مقترحاً اعتماد إطار قانوني يشمل اتفاقيات تجارية ثنائية مع آليات مراقبة شفافة، إلى جانب لجان مشتركة لمتابعة الاستثمارات في قطاعات مثل الطاقة والتكنولوجيا، كما أن الربط بالمبادرات الإقليمية، مثل التعاون مع تركيا أو الإمارات، سيضمن التوازن ويحد من الاعتماد الواحد، ما يجعل التحالف مستداماً على المدى الطويل.

و وفقًا لأهمية أن يكون التحالف مستداماً،لابدّ من معرفة أهم مجالات الاستثمار التي قد تجذب الأميركيين، والتي تميز سوريا، و وجد خياط أنه بعد دراسة ملفات الشركات المشاركة، فإن المجالات التالية تمثل فرصاً ذهبية: وأبرزها الطاقة (Chevron، TotalEnergies) و استغلال الاحتياطيات النفطية (2.5 مليار برميل) وتطوير الغاز الطبيعي ما يوفر عوائد سريعة، و التكنولوجيا (Google، Microsoft) وبناء بنية تحتية رقمية يستفيد من القوى العاملة الشابة (أكثر من 60% تحت 30 عامًا)،والرعاية الصحية (GE HealthCare) عبر إعادة بناء القطاع الصحي، ما تلبي احتياجات السوق الناشئة، و الزراعة (P&G، PepsiCo) وتطوير “سلة غذاء الشرق الأوسط” بتقنيات مستدامة، إضافة إلى الطيران (Boeing)، وتطوير المطارات يعزز موقع سوريا الإستراتيجي.

تعزيز التحالف

وقدم خياط مجموعة اقتراحات لتعزيز التحالف، مثل إنشاء لجنة متابعة مشتركة مع غرفة التجارة الأميركية لتحويل الوعود إلى مشاريع خلال 6 أشهر، و تنظيم مؤتمرات قطاعية (مثل قمة طاقة)، وإصدار تقارير شفافة لجذب المزيد من الاستثمارات ،كما أن تعزيز الشراكات الأوروبية والخليجية، وتدريب القوى العاملة السورية بما يعزز الاستدامة.

Leave a Comment
آخر الأخبار