“القوّة الناعمة” ورسائل سوريا الكامنة إلى الخارج.. جاذبيّة ممكنة لمهارات ووجدانيات وشغف شعب خلّاق في بلاد الحضارات

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- إلهام عثمان:
على أرض الواقع، تتجاوز القوى الناعمة حدود القوة العسكرية والسيطرة السياسية، لتبرز بدورها الحيوي في مجالات متعددة، بما في ذلك الاقتصاد، حيث تتمثل قدرتها على جذب الأفراد والمجتمعات، ليس من خلال الإكراه أو الضغط، بل عبر مبادئ ترتكز على الثقافة، والتعليم، والقيم المشتركة.
في هذا السياق، تبرز أهمية التعاون مع القوى الناعمة الاقتصادية، حيث تعد عنصراً أساسياً لتحقيق نتائج إيجابية ومستدامة. لكن.. في حال تجاهل دور هذه القوى في صياغة السياسات الاقتصادية قد يؤدي إلى إفراز نتائج غير مرضية، ما يستدعي إعادة التفكير في كيفية استثمار الإمكانيات المتاحة لبناء اقتصاد متين ومزدهر.

نمو مستدام

وهنا يبين المستشار عامر ديب رئيس مجلس النهضة السورية من خلال حواره مع “صحيفة الحرية”، كيف تساهم المهارات الناعمة في تحسين الأداء والإنتاجية في بيئات العمل، حيث أفاد أنها تعتبر بمثابة العمود الفقري للتفاعل الفعال داخل بيئات العمل، فهي تعزز من جودة الاتصال، وتدعم حل المشكلات، وتقوي روح الفريق، وتبرز دور الموظف القادر على التكيف، وقدرته على التواصل بفعالية، كما أن التفكير النقدي يضيف قيمة تشغيلية مباشرة، ما يؤدي إلى رفع الإنتاجية، وتحسين مناخ العمل، وتقليل النزاعات.

ديب: تتيح هذه المهارات للموظف مواكبة التحولات والتفاعل بإيجابية مع التحديات وقيادة أو دعم الفرق في بيئات عمل غير مستقرة أو هجينة.

المهارات الحيوية

وعن سؤال الحرية عن المهارات الناعمة التي تعتبر الأكثر أهمية في سوق العمل الحالي، يجيب ديب: في ظل التغيرات المتسارعة والتحول الرقمي، تُعدّ مهارات التكيف، الذكاء العاطفي، والقدرة على العمل ضمن فرق متعددة الخلفيات من الأهم حالياً، حيث تتيح هذه المهارات للموظف مواكبة التحولات، والتفاعل بإيجابية مع التحديات، وقيادة أو دعم الفرق في بيئات عمل غير مستقرة أو هجينة.

قيادة ملهمة

كما أشار ديب إلى أنه يمكن للشركات والمؤسسات تطوير المهارات الناعمة لدى موظفيها لزيادة الفعالية والتعاون، من خلال دمج برامج تنمية المهارات ضمن استراتيجياتها التدريبية، سواء من خلال ورش عمل تفاعلية، ومحاكاة سيناريوهات عمل حقيقية، أو منصات تعليم إلكتروني تركز على الذكاء العاطفي، وإدارة الوقت، والتواصل البنّاء، كما أن إشراك موظفين ذوي خبرة في تقييم وتوجيه الزملاء الجدد له أثر كبير في ترسيخ هذه المهارات.
وعن تأثير المهارات الناعمة على القيادة الإدارية، يؤكد ديب أن القيادة الحقيقية لا تُقاس بالكفاءة التقنية فقط، بل بالقدرة على الإلهام، والتحفيز، وكذلك توجيه الآخرين، حيث أضاف أن القائد الناجح يمتلك مهارات استماع نشط، وقدرة على بناء الثقة، ومهارة في تفويض المهام بشكل يعزز من تمكين الفريق، لا سيما إن كانت هذه الصفات تُترجم إلى أداء مستدام ومؤسسات أكثر استقراراً.

استثمار ذكي

وعن النصائح التي يقدمها ديب للأفراد لتحسين مهاراتهم الناعمة، يقول: أنصح كل شخص بالاستثمار الذاتي المستمر، من خلال القراءة، أيضاً المشاركة في المجتمعات المهنية، والتدرب على تقديم وتلقي التغذية الراجعة، لافتاً إلى أهمية طلب المشورة من أصحاب الخبرات الفعلية في السوق – وليس فقط من المستشارين الرسميين– كونه يمنح منظوراً عملياً وحقيقياً.

كما شدد ديب على ضرورة الاعتراف بأن الاستعانة بأصحاب الخبرات في السوق يجب ألا تقتصر على المستشارين الرسميين ضمن الأطر الحكومية، بل يجب أن تتوسع لتشمل مستشاري القطاع الخاص ممن يمتلكون رؤية عملية وخبرة مباشرة في جذب رؤوس الأموال وتسييلها ضمن مشاريع تنموية حقيقية، موضحاً أن إشراك هذه الفئة بفعالية يُعد خطوة أساسية نحو بناء بيئة استثمارية متكاملة، ويُحتّم على الحكومة فتح جميع قنوات الاستثمار أمامهم، والتعاون في تطوير بنية استثمارية حقيقية تعكس احتياجات السوق وتواكب التحولات العالمية.
وختم ديب بأن العمل المشترك مع القوى الناعمة يمكن أن يحدث فرقاً حقيقياً، ليس فقط على مستوى النمو الاقتصادي، بل أيضاً في تحسين العلاقات الدولية وتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب.

Leave a Comment
آخر الأخبار