«الكسر» يُذهب الجودة

مدة القراءة 2 دقيقة/دقائق

الحرية- وليد الزعبي:

ساد اللامعقول بعينه في السنوات السابقة لجهة التعاقد على تنفيذ المشاريع عبر المناقصات، والنتائج كانت حصاد الخراب وتبدد المنفعة.

لطالما كانت جهات عامة تعلن عن مناقصات مشاريع لتنفيذ أو صيانة طرقات أو تأهيل مراكز إدارية وخدمية وغيرها، بعد أن توضع الدراسات الفنية التي تحدد الأعمال المطلوبة، وتسطر الكشوف التقديرية بقيمة كلّ بند من بنودها حسب الأسعار الرائجة ووفق أفضل المواصفات.

لكن الذي يضع العقل في الكف، أنّ متعهدين من القطاع الخاص كانوا يتقدمون بعروض لمناقصات تنفيذ الأعمال بـ«كسر» يزيد على الثلاثين بالمئة، وترسو عليهم من دون أن يرفَّ جفن للجهة القائمة على العمل حينها، بالرغم من أنّ هذا الكسر لا شك سيكون على حساب جودة العمل وإضعاف المنفعة المتوخاة منه.

والدخول في الأمثلة هنا قد يبدأ ولا ينتهي، فكم من طريق تخرّب بعد فترة قصيرة من تنفيذ أعمال صيانته بالمجبول الإسفلتي، سواء بمد قميص كامل أو ترقيع بعض أجزائه المحفرة والمهترئة؟ وكم من مشروع إنارة بالطاقة الشمسية تهالك بعد فترة قليلة من استثماره، حيث خبا نور معظم أجهزته لسوء مواصفاتها؟ وكم ساءت أعمال ترميم مكونات أبنية من جدران وأسقف وأرضيات وتمديدات ومنجور وطلاء وغيرها بعد مدة وجيزة من انتهاء الأعمال؟.

وبالرغم من حتمية سوء تنفيذ تلك المشاريع مع مثل «الكسر» الكبير الحاصل المشار إليه آنفاً، فإن الجهة العامة صاحبة المشروع كانت عبر لجانها المختصة تمرر الأمر وتستلم الأعمال وكأن شيئاً لم يكن، وكل ذلك ليس لـ«سواد» عيون المتعهد، بل بخلفيات مشبوهة.

مثل واقع التعاقد المتردي والفاسد هذا، ينبغي أن يطوى إلى غير رجعة، على أمل عدم قبول أي عروض فيها «كسر» يتجاوز خمسة إلى عشرة بالمئة من قيمة العقد التقديرية، لكون ذلك يعني حتماً وجود نية مسبقة للسرقة ويخلف تدنياً في جودة التنفيذ، وخاصةً أنّ المتعهد الخاص لن يأخذ بالمطلق عملاً فيه احتمال خسارة ولو واحد بالألف.

Leave a Comment
آخر الأخبار