“المثلث الأموي”.. ذروة فنِّ “النقائض” في التراث الشعري العربي

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- رنا بغدان:
عُرفت الخلافة الأموية بأنها أكبر خلافة إسلامية اهتمت بالعلم وكانت منارة العلوم والشعر، ويعتبر العصر الأموي أحد المراحل التي مرَّ بها الشعر العربي وتميزت القصيدة الأموية فيه بألفاظها البديعة وأساليبها الجديدة وأغراضها المتنوعة واتجاهاتها الشعرية المتعددة، وبرز فيه مجموعة من الأعلام استطاعوا أن يجددوا في مجرى القصيدة العربية ويؤثروا فيها حتى صارت مثالاً يحتذى لباقي الآداب.
ويعدّ “المثلث الأموي” أحد أبرز المعالم الشعرية في ذلك العصر، وقد أطلق على ثلاثة شعراء عاشوا فيه وذاع صيتهم واشتُهروا بالتنافس حول قصائد الهجاء “النقائض” والذي خصَ لونهم الشّعري، مع تميّز كل شاعر منهم عن غيره من الشعراء بضروب الشّعر والإحساس.. و”النقائض” هي قصائد هجاء يقوم فيها الشعراء بمهاجمة بعضهم البعض مع محاولة تقليد وزن وقافية القصيدة التي كتبها الشاعر الآخر. ويمثل هؤلاء الشعراء ذروة فنَّ “النقائض” الشعري في العصر الأموي، ويعتبر فنهم جزءاً مهماً من التراث الشعري العربي الذي وثّقه ابن كثير مثلاً في كتابه “البداية والنهاية”.
وقد اتفق على أنّ الشعراء الثلاثة الذين شكلوا ذلك “المثلث الشعري الأموي” هم الشعراء: جرير والفرزدق والأخطل.
فقد كان يكنّى جرير بـ”أبي حزرة”، واسمه جَرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، ولد ومات في منطقة اليمامة، وكان يمتاز بشعره وبأنه أشعر شعراء عصره وأغزلهم، فقد كان يعيش حياته مناضلاً لشعراء عصره، ولم يستطع أحد مواجهته شعرياً سوى الفرزدق والأخطل.
أما الفرزدق فهو أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية التميميّ، ولد وترعرع في مدينة البصرة في العراق مع والده، وأكثر ما تميز به بأنه برع في الشعر منذ أن كان طفلاً، وكان يتصل بولاة العراق ليهجوهم ويمدحهم، ومن ثم انتقل وعاش في مدينة دمشق في سوريا فحاز إعجاب الخلفاء الأمويين بشعره الخشن بألفاظه ونال عطاياهم وجوائزهم، وتوفي في البصرة عام 728 ميلادي، وقيل عن شعره: (لولا شعر الفرزدق لذهبت ثلث لغة العرب، ونصف أخبار الناس.
في حين كان يكنى الأخطل بـ”أبي مالك” وهو غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو من بني تغلب، من أبرز شعراء العصر الأموي ومن فحول الطبقة الأولى، اشتهر بشعره القوي والمؤثر المتميّز بجزالة الألفاظ وبلاغة الديباجة وحسن الصياغة، وكان دقيقاً في تنقيح قصائده، إذ كان يُسقط جزءاً كبيراً منها ولا يُظهر للناس إلا المختار.
وُلد في أطراف الحيرة في العراق، اتصل ببلاط بني أمية في الشام، فكان شاعرهم الرسمي، وقد تنقل بين دمشق عاصمة الدولة الأموية والجزيرة الفراتية حيث كانت تقيم قبيلته بنو تغلب.

Leave a Comment
آخر الأخبار