“المغارة الاستوائية” في طرطوس فكرة تتحول إلى مشروع زراعي وسياحي

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – منال الشرع:

اتجهت أنظار  المزارعين في الساحل السوري مؤخراً بشكل متزايد نحو إنتاج المحاصيل والفواكه الاستوائية التي نجحت زراعتها وبدأت تعطي مردوداً جيداً نشهده اليوم في الأسواق المحلية، وبتنا نلاحظ هذا الإقبال على زراعة أشجار (الدراغون والأفوكادو والشوكولا والقشطة والموز القزمي) في مساحات واسعة، ومن بين هؤلاء الخبير الزراعي حسن محمد الذي أنشأ مشروعه الخاص في محافظة طرطوس تحت اسم “المغارة الاستوائية”، وحقق من خلاله أكثر من قيمة مضافة، إذ دمج بين البعدين الإنتاجي والسياحي، عبر رحلة شاقة من التجارب والمحاولات التي جعلت من مشروعه مصدراً لإنتاج المحاصيل الاستوائية، وكذلك مقصداً للزوار والسياح، ومكاناً جميلاً لا ينبغي تفويت فرصة زيارته.

القصة بدأت من “المغارة”
عن مشروعه الخاص يبين محمد: بدأت الفكرة من إمكانية استثمار التربة والمناخ لإنتاج فواكه استوائية في مزرعتي الخاصة بجانب منزلي، حيث يوجد تجويف صخري أطلقت عليه اسم “المغارة”، يتسم بتربة مناسبة لمثل هذه الزراعات، بالإضافة إلى أنه مكان منخفض عن مستوى سطح البحر ومحمي من عوامل الجو وخاصة الرياح.
وأضاف محمد لصحيفة الحرية: بدأت أولاً بزراعة وإنتاج شتول وغراس الأشجار المثمرة ومنها الاستوائية لأحصل على المنتج اللازم ( كالبابايا والأفوكادوا والليتشي وتوت الأنكا والموز بأصنافه السبعة والدراكون وغيرها من الفواكه).

من مجرد فكرة إلى متنزه عائلي..
وحسب المزارع محمد، انتقل المشروع اليوم من مجرد تجربة بسيطة لزراعة الأشجار الاستوائية إلى فكرة بيئة متكاملة، تقوم على عدد كبير من النباتات الاستوائية المنتجة وغير المنتجة، إضافة للمسطحات المائية بما يشبه البيئة المطيرة، إضافة للطيور الاستوائية. وترسيخ فكرة المكان كمتنزه عائلي، يسمح لضيوفه بالتعرف على البيئة الاستوائية دون تكاليف مادية، في حين يأتي المردود المادي من شراء العصائر والفاكهة.

محاصيل تتقدم وأخرى تتراجع..
ويشير محمد إلى أن تجارب الزراعة الاستوائية وصلت إلى ذروتها في نهاية عام ٢٠٢٤ من انتصار الثورة السورية وانفتاح البلاد من جديد على العالم، وبدأت بعض المحاصيل تحقق نجاحاً واستقراراً ملحوظاً مثل الأفوكادو والمنغا، و بدأت محاصيل أخرى بالتراجع الواضح مثل الموز، في حين أن عشرات المحاصيل الأخرى تحمل الطابع الكمالي، وتحقق بعض الريع المادي.

ماذا حل بالحمضيات وغيرها؟
ويوضح الخبير  محمد أن الزراعات الاستوائية حققت ريعاً مادياً جيداً على حساب الزراعات المحلية بسبب ارتفاع أسعارها، كما أضافت غنى وتنوعاً للمنتجات السورية، كونها ركيزة هامة ومكملة للقطاع السياحي، حيث غطت الزراعة الاستوائية مايزيد على ٦٠٪ من مساحة الأراضي التي كانت مزروعة بالحمضيات، وهذا تغيير كبير وواضح، ومعظمه غير مدروس، وبعد عام ٢٠٢٢ بدأ انتشار  الزراعات الاستوائية على حساب الزراعات المحمية التي كانت تنتج العديد من أصناف الخضراوات للمائدة السورية، والتي توقفت مع بداية عام ٢٠٢٥.

الفاكهة أصبحت بمتناول الجميع
ويضيف: في المقابل انعكس تزايد إنتاج المحاصيل الاستوائية إيجاباً على السوق المحلية، وقلص من عمليات استيراد مجموعة كبيرة من أصناف الفاكهة، وساهم بتعديل أسعارها لتصبح في متناول شريحة كبيرة من المستهلكين، وأوجد صناعات غذائية محلية قائمة على هذه المنتجات الجديدة، عدا عن تصدير الفائض من بعضها، وخاصة (الأفوكادو).

نصيحة لرواد الأعمال الشباب
وينصح الخبير  محمد رواد الأعمال الشباب بالاستثمار بثقة وقوة في قطاع الزراعة، لأنه أهم قطاع إنتاجي في سوريا، ومن خلاله يمكن قيام صناعات غذائية، وهو مرتكز أساسي لقطاع السياحة، وبيئة هامة لتطوير الإنتاج الحيواني، كما أن التنوع البيئي في سوريا يجعلها من أغنى دول العالم في تنوع المحاصيل الزراعية، والزراعة من أكثر القطاعات التي تشغل الأيدي العاملة.

مشروع زراعي٠٠ وسياحي أيضاً
ويوضح المزارع محمد أن للتجربة دوراً سياحياً أيضاً إلى جانب كل ما سبق مضيفاً: نجاح المغارة الاستوائية اعتمد على تحويل المنتج الزراعي إلى منتج سياحي في موقع الإنتاج، وعزز فكرة السياحة البيئية، مع إتاحة الفرصة للزوار لمشاهدة الأشجار الاستوائية والاستمتاع بها كمتنزه لكل أفراد العائلة، كما أن نجاح الفكرة يفتح الباب لمئات الاستثمارات السياحية المشابهة في جميع المحافظات السورية، ووفق المكونات البيئية لكل منطقة.
وختم بأن هذه التجارب في زراعة وإنتاج المحاصيل الزراعية، يجب أن تستمر، لكن ليس على حساب محاصيل استراتيجية ومهمة كالحمضيات والخضراوات التي تغطي حاجة السوق المحلية وتحقق مردوداً مهماً من القطع الأجنبي، وبالتالي لابد من خطة عمل تضبط الإيقاع وتحقق المصلحة الوطنية ببعدها الاقتصادي.

Leave a Comment
آخر الأخبار