الحرية ـ لوريس عمران:
برزت جمعية “بسمة أمل” في اللاذقية كنموذج متميز للعطاء المستدام، و الذي يؤكد أن الإرادة الصادقة والالتزام المجتمعي يمكن أن يحققا فرقاً ملموساً في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه العمل الإنساني.
وتعمل الجمعية المرخصة رسمياً من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، تحت قيادة رئيس مجلس إدارتها حيدر علي، لتكون ركيزة دعم أساسية للأسر الأكثر احتياجاً في منطقة جبلة والمناطق المحيطة بها.
وأكد علي لصحيفتنا “الحرية” أنّ جوهر عمل “بسمة أمل” يكمن في اعتمادها الكلي على التبرعات المحلية والمبادرات الفردية من أهالي المنطقة، ما يعكس فلسفة التكافل الاجتماعي العميق.
وأضاف: رغم محدودية الموارد، نجح الفريق في تحويل هذه التبرعات إلى إنجازات حقيقية، مدفوعاً بعزيمة لا تلين، مبيناً أنّ التبرعات تضم أبرز إنجازات الجمعية كتقديم الدعم الغذائي والطبي العاجل للأسر المحتاجة، والمساهمة في تغطية تكاليف العلاج وإجراء العمليات الجراحية للمرضى غير القادرين، بالتعاون مع أطباء متطوعين.
وتابع: كما وسعت الجمعية نطاق خدماتها الصحية من خلال افتتاح فرع طبي في منطقة وادي القلع لخدمة القرى النائية، وعززت وصولها الجغرافي بافتتاح فرع آخر في قرية القلايع لضمان خدمة أوسع شريحة من المستفيدين.
وخلال زيارة ميدانية أجرتها صحيفة “الحرية” لعدد من الأسر المستفيدة، تجلت آثار الدعم في كلمات صادقة تعكس عمق الامتنان والشعور بالأمان. إذ بينت أم محمود، أرملة وأم لثلاثة أطفال: “لقد قدموا لي الأدوية اللازمة و يتابعون الحالة الصحية لابني شهرياً، وأضافت: شعرت باهتمام حقيقي، وليس مجرد وعود. لم يطلبوا مني شيئاً، فقط سألوا عن احتياجاتنا.”
وأضاف الحاج أبو خالد، الذي أُجريت له عملية قلب مفتوح على نفقة الجمعية: “أنا اليوم أعيش بفضل الله ثم بفضل هؤلاء الناس الطيبين، لم أكن أستطيع شراء الدواء، وقد تابعوا حالتي من البداية حتى الشفاء”.
بدورهم، أعرب عدد من الأطباء المتطوعين عن امتنانهم للمشاركة في هذه المبادرة، مؤكدين أهميتها المهنية والإنسانية، إذ أوضحت الدكتورة خلود الخليل، اختصاصية أطفال أن”هذا النوع من العمل يعيد للطبيب إنسانيته. عندما يعمل على إنقاذ حياة مرضى، فإنه يشعر بالقيمة الحقيقية لرسالته النبيلة.”
فيما أكد طبيب الأسنان فيصل ديوب: “نقدم الدعم المجاني للأطفال والنساء في علاج الأسنان. ورغم محدودية الدعم، إلّا أن الأثر الذي نتركه كبير جداً”.
وفي تصريح خاص لصحيفتنا “الحرية”، أكد معتز بلة، رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية بجبلة، دور الدائرة في دعم المبادرات الأهلية، إذ قال: “نحن نوجه المستفيدين إلى الجمعيات المرخصة مثل “بسمة أمل”، ونعمل على دعمها قدر الإمكان من خلال التنسيق مع منظمات مثل الهلال الأحمر والبطريركية. ورغم قلة الإمكانات، فإن الوضع يتحسن تدريجياً وهذا ما يتضح من الاستجابة الميدانية.”
تعدّ “بسمة أمل” أكثر من مجرد جمعية؛ إنها تجسيد حي لمفهوم التكافل المجتمعي، الذي تحدى الصعوبات وقلة الموارد ليمنح الأمل الحقيقي للمحتاجين، إنها دعوة مفتوحة لكل من يؤمن بقوة العطاء اللامحدود، بأن يبدأ من موقعه، بكل ما يمتلكه من إمكانات، لأن الخير لا يتطلب الشهرة أو الكاميرات، بل فقط نية خالصة ويداً ممدودة. هذه الجمعية تبرهن باستمرار أن العطاء الحقيقي، عندما يصبح أسلوب حياة، فهو قادر على إحداث تغيير عميق و مستدام في حياة الأفراد والمجتمعات.