سوريا تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإغلاق ملفات الأسلحة الكيميائية

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – دينا الحمد:
بات واضحاً، وبشكل لا لبس فيه، أن سوريا الجديدة بدأت منذ اليوم الأول لتحريرها من النظام البائد بالسير عبر سكة إغلاق ملفات جعلها ذاك النظام كارثة على الشعب السوري، كما هو ملف الأسلحة الكيميائية التي استخدمها نظام الإجرام ضد الأبرياء من جهة وكانت ذريعة للمجتمع الدولي لإطباق حصاره على السوريين وحرمانهم من أدوات العيش بكرامة من جهة ثانية.
ففي مرحلة ما بعد التحرير بدأت الاجتماعات بين ممثلي سوريا ومسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأبدت دمشق استعدادها للتعاون مع «الوكالة» لمعالجة الملفات العالقة بينهما وطي ملف الأسلحة الكيمائية نهائياً.
ولم تكتفِ الجمهورية العربية السورية خلال مشاركتها مؤخراً في أعمال الدورة التاسعة والستين للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا برغبتها بطي هذه الصفحة بل أبدت حسن النوايا والحرص على تطوير علاقات التعاون مع الوكالة، واستعدادها الكامل لمعالجة جميع الملفات العالقة بمسؤولية تامة.
وقبل انعقاد المؤتمر وخلاله وبعده ركزت دمشق على نقطة جوهرية وهي غاية في الأهمية وتتلخص بدعوة سوريا لجميع دول منطقة الشرق الأوسط الانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، كخطوة أساسية نحو إقامة منطقة خالية من السلاح النووي، بما يعزز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وكي لا تكون هناك معايير مزدوجة بحيث تطالب الوكالة دولاً بعينها للانضمام والتعاون وتتجاهل إسرائيل التي تمتلك الأسلحة المحرمة وتهدد الآخرين بها وترفض الانضمام للوكالة الدولية.
وارتباطًا بهذه الدعوة وذاك الحرص على ضرورة خلو منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة الكيميائية اتخذت دمشق جملة من الخطوات لترسيخ رؤيتها فقدمت جميع التسهيلات الممكنة لإغلاق الملفات القديمة التي ورثتها البلاد من مراحل سابقة في عهد النظام البائد، مطالبة بضرورة إنهاء مناقشة تلك الملفات التي استغلت سياسياً لسنوات طويلة من دون تحقيق أي فائدة فعلية سوى إضاعة الوقت والجهد على الجميع.
والواقع فإن سوريا ليست بحاجة إلى الأسلحة الكيميائية، وهي تدرك أن أولوياتها بعد التدمير الهائل الذي ارتكبه النظام البائد بحق المدن والقرى هي إعادة الإعمار، كما تدرك أن حجم التحديات التي تواجهها نتيجة الحرب، بما في ذلك الدمار الواسع في البنية التحتية، والضغوط الاقتصادية، والاعتداءات المتكررة على المنشآت الحيوية، هي تحديات كبرى تحتاج إلى الإرادة القوية لإعادة الإعمار وتحقيق التنمية، ودعت سوريا المجتمع الدولي إلى دعم الجهود الوطنية الهادفة إلى التعافي وإعادة البناء.
وعلى أساس هذه الرؤية السورية فإن دمشق تتبنى نهجاً ثابتاً في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بهدف تسخير الطاقة في خدمة التنمية المستدامة، والمساهمة في جهود التعافي الوطني، وترسيخ موقع سوريا كشريك مسؤول في المجتمع الدولي وليس كعنصر تهديد لشعبها أو للآخرين كما هو الحال زمن النظام البائد، وهو ما أكده المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي، حين أشار إلى التعاون القائم بين سوريا وفرق الوكالة معتبراً إياها انطلاقة حقيقية في مسار الشفافية وتعزيز الثقة ولاسيما أنّ فرق الوكالة تمكنت مؤخراً من الوصول الفوري وغير المقيّد إلى المواقع المرتبطة بالأنشطة السابقة في سوريا، الأمر الذي يشكّل خطوة مهمة على طريق بناء تلك الثقة التي يفترض ترسيخ أسسها عميقاً.

Leave a Comment
آخر الأخبار