بوادر تعاف مبشرة

مدة القراءة 2 دقيقة/دقائق

الحرية – باسم المحمد:

عامٌ مضى على انطلاق مسار التحرير الاقتصادي والخدمي، ومازال المنتج السوري يواجه تحديات مركّبة لا تقتصر على تردّي البنى التحتية وارتفاع تكاليف الاستيراد والتصدير ومستلزمات الإنتاج، بل تتجاوز ذلك إلى جوهر المشكلة المتمثّل في ضعف القوة الشرائية للمستهلك، ما انعكس مباشرة على حجم الطلب في السوق.

فالاقتصاد، في جوهره، يقوم على تصريف الإنتاج لتحقيق وفورات الحجم التي تخفّف الأعباء الثابتة عند العمل بالطاقة القصوى، وهو ما يجعل تنشيط الطلب ضرورة لا خياراً لعودة عجلة الإنتاج إلى الدوران بكفاءة.

وفي هذا السياق، تبدو أي زيادات مرتقبة في الرواتب والأجور خطوة محتملة لفك بعض القيود الخانقة عن دورة الإنتاج، شريطة أن تترافق مع سياسات دعم واضحة وفاعلة. فتمكين الصناعيين والمزارعين من أدوات الاستمرار والنمو يشكّل ركيزة أساسية لمستقبل اقتصادي متوازن، ولاسيما في مرحلة التعافي والتحوّل نحو المنافسة داخلياً وخارجياً. غير أن هذا الدعم، وإن كان يتطلّب موارد كبيرة، يجب أن يكون ذكياً وموجهاً بدقة نحو المنتجين الحقيقيين، مع طيّ صفحة الممارسات السابقة التي أسهمت في تنشيط الأسواق السوداء واستنزاف المال العام لمصالح ضيقة، إلى جانب تفعيل سياسات حمائية متوازنة تحفظ حق المستهلك وتضمن استدامة المنتجين معاً.

ولا يمكن إغفال سلسلة القرارات الإيجابية التي شهدها العام الأول من التحرير، من إعفاءات جمركية وضريبية، وصولاً إلى قرارات اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير الرامية إلى تنظيم حركة الاستيراد ودعم الإنتاج الوطني. ويأتي في مقدّمتها القرار رقم /1/ لعام 2025 القاضي بتعديل الرسوم الجمركية على واردات الجمال والأبقار والأغنام دعماً لقطاع الثروة الحيوانية، والقرار رقم /2/ الذي نصّ على إيقاف استيراد عدد من المنتجات الزراعية خلال شهر كانون الأول الجاري لحماية المنتج المحلي.

ومع تزايد مؤشرات الاستقرار في بيئة العمل، والانفتاح التدريجي على العالم، وعودة العلاقات الخارجية إلى مسارها الطبيعي، تتعزّز التوقعات الإيجابية بمستقبل اقتصادي واعد. إنها مرحلة دقيقة، لكنها حبلى بالفرص، مدفوعة بإرادة سياسية وشعبية صلبة للنهوض بسوريا الموحدة، ما يجعل الأفق مفتوحاً على تحوّلات ملموسة قد تتحقق في زمن أقصر مما كان متوقعاً.

Leave a Comment
آخر الأخبار