الحرية– مها سلطان:
بين السياسية واللاسياسة، عادت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إلى العرض العسكري الضخم الذي أقامته الصين أوائل أيلول الجاري والذي ما يزال يشغل العالم بما كشفه من التطور الهائل في الترسانة العسكرية الصينية من جهة.. ومن جهة أخرى حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ، كتفاً إلى كتف.
الغريب أن الأوساط السياسية الغربية ركزت على حديث مقتضب التقطته الكاميرات بين بوتين وشي جين بينغ حول «الخلود» لتبدأ وسائل إعلام أوروبية وأميركية بالتركيز بدورها على هذه المسألة، وهل أنهما كانا جادين فعلاً في ذلك الحديث؟ وماذا يخفي هذا الحديث من «أمور علمية ضخمة» لم يتم الكشف عنها؟
وتحت عنوان «خلود الزعماء» تساءلت فايننشال تايمز في مقال لها اليوم السبت: ما الذي قد يحدث إذا عاش بوتين وشي إلى الأبد؟
وحسب الصحيفة فإن بوتين وشي ناقشا تقنيات زراعة الأعضاء والاكتشافات البيولوجية التي توحي بإمكانية إطالة العمر، وذلك على هامش العرض العسكري الصيني، وتقول: يرجح أنهما لم يتطرقا إلى الحرب في أوكرانيا أو غزة، ولا إلى خلافات تجارية أو خلافة سياسية، بل ناقشا تقنيات زراعة الأعضاء، والاكتشافات البيولوجية، التي توحي بإمكانية إطالة العمر إلى ما يشبه الشباب الأبدي.
هذا الحوار، رغم غرابته، قد يكون أكثر تأثيراً في مستقبل السياسة العالمية من التحولات الجيوسياسية التي تشغل المحللين.
فبدلاً من الصورة النمطية التي تقول «إن العالم يُدار من قبل رجال مسنين في عجلة من أمرهم».. ماذا لو كان هؤلاء القادة يعتقدون أن لديهم متسعاً من الوقت، كيف سيؤثر هوسهم بالخلود على قراراتهم السياسية؟
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أنه عندما ينهي بوتين ولايته الحالية، سيكون قد قضى في الحكم فترة أطول من ستالين وبريجنيف، وسيكون أكبر سناً منهما.
ومع تصاعد الحديث عن إمكانية إطالة العمر، لم يعد السؤال الأهم هو من سيخلفه، بل: هل يمكنه أن يحكم روسيا لربع قرن إضافي، وهل سيجعله ذلك أكثر صبراً أم أكثر اندفاعاً؟
وأشارت الصحيفة إلى أن المؤرخ كريستوفر كلارك يقول: إن «السلطة تُعيد تشكيل الزمن كما تعيد الجاذبية تشكيل الضوء».
فممارسة الحكم ترتكز على تصورات معينة حول العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل، في السياسة الحديثة، يُفترض أن الأفراد فانون بينما الدول خالدة، وفقاً للصحيفة البريطانية.
في المقابل، يُجسّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحولاً مختلفاً في العلاقة بين الزمن والسلطة.
فبينما ينشغل بوتين وشي بمصير الأمم، يبدو أن ترامب مهتم بخلوده الشخصي فقط، دون اكتراث بكيفية تذكره أو بما سيحدث بعده، وفقاً لـ«فايننشال تايمز».
وكأن التاريخ يجب أن ينتهي عنده. حتى في حديثه عن تايوان، يكرر تعهد شي بعدم غزو الجزيرة طالما هو في السلطة، متجاهلاً ما قد يحدث بعد ذلك.. تختم فايننشال تايمز مقالها.