الحرية – عمران محفوض:
يستحق العاملون في جميع المؤسسات الحكومية ترفيعاً دورياً نهاية العام الجاري مقداره 9% من آخر راتب مقطوع، وذلك بموجب القانون 50 الناظم لشؤون العاملين بالدولة.
ورغم عدم وضوح المعلومة تماماً إن كان الموظفون سيُمنحون هذا الترفيع أو لا، يبقى السؤال مطروحاً على طاولات الجهات المعنية: هل منح الموظفين الترفيع القادم؛ سيشمل الجميع؛ أو أن تسقيف الراتب سيحول _ كما حصل في السنوات الماضية _ دون تحقيق تلك الشمولية ..؟ لدرجة أصبح راتب الموظف الذي عنده سنوات خدمة في الوظيفة العامة نحو عشرين عاماً مساوياً لراتب زميل له قضى في الوظيفة ذاتها أكثر من ثلاثين عاماً، مايتنافى مع الهدف الذي حدده المشرّع حين ضمَّن القانون أعلاه مادة الترفيع الوظيفي الدوري.
اليوم؛ يتوجب على الحكومة الحالية عدم الوقوع في الخطأ السابق ذاته، لناحية جعل الترفيع _ إن تمّ _ لجميع الموظفين دون استثناء، لأنه ..
– يعدّ تحفيزاً مادياً ومعنوياً للموظف يدفعه إلى بذل المزيد من الجهد، والتفاني في تحمّل المسؤولية، وإنجاح المهمة الموكلة إليه.
_ الترفيع هو وسيلة قانونية لعدم الخلط بين درجات الوظيفة العامة، وتالياً هو معيار لتكليف الموظف الذي يتمتع بكفاءة وخبرة جيدة إضافة إلى القدم الوظيفي بمسؤوليات قيادية وإدارية عليا.
– تحسين مستوى معيشة الموظف عبر زيادة راتبه جزئياً كل سنتين نحو 9% ما يفرض عليه الاجتهاد والالتزام اليومي بتعليمات العمل الإداري/ الإنتاجي/ الخدمي في مؤسسته للحصول على النسبة الأعلى من الترفيع.
– الترفيع الوظيفي الدوري يحقق العدالة والمساواة في التعامل مع جميع الموظفين، ويدفعهم إلى طرح الأفكار المبتكرة والمبادرات الريادية لتطوير العمل داخل مؤسساتهم.
وهنا أيضاً يتوجب علينا طرح سؤالين محرجين، الأول، هل فعلياً تُجري إدارات المؤسسات العامة تقييماً مستمراً وموضوعياً لجميع الموظفين خلال المدة الفاصلة بين الترفيعين وبناء على نتائجه يتم وضع درجة لكل موظف تحدد نسبة الترفيع المستحقة له؟ .. والسؤال الثاني المحرج: مَنْ يقيّم مَنْ ..؟.
وفي الإجابة على كلا السؤالين .. لابدّ من التأكيد على أهمية التقييم شرط أن يتم إجراءه بشكل موضوعي وحيادي، لأنه ومع مرور الوقت تتراكم المنافع أو الأضرار التي قد تلحق بشرائح العاملين المشمولين بحيثيات قرار التقييم، ويبقى التطبيق هو الفيصل الأول للحكم على جودة النتائج، وتالياً الوقت، فمع مرور مدة من الزمن على صدور النتائج نعرف أعداد المستفيدين منه، وبعملية حسابية بسيطة نجمع ثمار ما خطّته أيدينا، وحينها لابدّ من التراجع عن الخطأ إذا كانت كفّة الخسارة هي الراجحة، أما إذا كان العكس؛ فعلينا الاستمرار في التطبيق لا سيما إذا كان الربح وفيراً، بل والتفكير مليّاً في تطوير الفكرة والبناء عليها.
وعند إجراء التقييم علينا أن ننطلق من مقولة: “منْ يعمل يخطئ ..”، وأْن التقييم لم يكن يوماً من الأيام هدفه الانتقام والتشفي أو الصيد في المياه العكرة، خاصة أن صناعة القرارات والقوانين تمّر عبر مطبخ المؤسسة، والطبّاخ هو فريقٌ متكامل، وليس شخصاً يختصر المؤسسة بذاته، وتالياً إن هذا الفريق معنيّ بإعداد قرار ثانٍ وثالث وحتى رابع وطرحه في حقل الاختبار وبعده على طاولة التقييم للتأكّد من حسن نتائجه ورضا المستفيدين عنه بنسبة قريبة من التامة.
ولا حرج في مشاركة المستفيدين من هذا الإجراء أو ذاك القرار في مناقشات ما قبل الإصدار؛ وبعده يتم إجراء التقييم، لأن التجارب أثبتت أن مشاركة المستفيدين في صياغة القرارات كفيلة بإنضاجها، وتجاوز الكثير من سلبيّاتها، وربما انعدامها أو حصرها في الحدود الدنيا، وتالياً سرعان ما تستطيع المؤسسة المصدّرة للقرارات تصحيح الخلل سواء في النص أو التطبيق، ما يعزز من ثقة المتعاملين معها، ويحسن من موقعها ضمن الهيكل التنظيمي والإداري للدولة.