تاجر يقترح حلاً بديلاً وعلاجاً مؤقتاً لمستوردات البالة.. إحداث ورشات عمل خاصة “حاضنتها” جمعيات خيرية ومتناسبة الدخل بالسعر والجودة

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية– سامي عيسى:
ليس من المنطق في ظل ما نعانيه من ظروف معيشية صعبة أن ننظر إلى “البالة” على أنه قطاع عابر، أو يمر مرور الكرام ضمن تركيبة ظروف أو بيئة حاضنة له، أو قطاع للمتاجرة بسلع مستعملة تستهدف شريحة بعينها، بل أصبحنا نمعن النظر إليه كحالة إنقاذية لغالبية الأسر السورية، التي تجده الملاذ الآمن لها لتأمين حاجاتها, وهذه لا تقتصر على الملبس فقط، وإنما تمتد لقضايا معيشية أخرى، ظروف الحرب، وتردي المعيشة، جعلت منها أكثر من حاجة ملحة..!
من هنا نجد أن قطاع البالة على الرغم مما يشكله من أهمية، إلا أنه مازال يعيش حالة صراع كبيرة، بين ما يرى فيه خيراً، وبين ما يراه شراً مؤذياً، وما بين من يسعى لتكريس هذا القطاع وقوننته، وبين من يريد القضاء عليه بكليته، رغم الارتفاعات السعرية غير المسبوقة وخاصة الألبسة بكل أنواعها، ما فرض حالة تخبط واضحة لدى أصحاب القرار، والجهات التنفيذية ومن يحمل لواء المعارضة له، وبين الشريحة الواسعة المستفيدة منه سواء مواطنين أم تجار، وما يتبعهم في هذا القطاع، لكن الأقرب للتوصيف ووضع الحلول، هم التجار وصنّاع المواد، رغم اختلافهم في الرأي وطريقة إدارة المشكلة حتى يخرج الجميع، لا غالب ولا مغلوب، وهنا تتعدد الآراء، وتكثر الحلول لكن أقربها للحل، ما أقرّ به عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق.

الحلاق: العلاج المؤقت لأسواق البالة تحسين مستويات الدخل وزيادة الرواتب والأجور عندها المستهلك سيغادر هذه الأسواق تلقائياً نحو الافضل..!

اختلاف وجهات النظر

حيث يرى أن النظرة إلى موضوع البالة تختلف من شخص لآخر، وحتى الفعاليات التجارية والصناعية، وذلك من خلال الموقع الذي يحتله صاحب الرأي، هناك بالة غير مستهلكة، وشبه جديدة تتمتع بجودة عالية المستوى، وبالة أخرى هي “ستوكات” الألبسة، وهي مستهلكة، بعض من هذه البالة هي ألبسة تم شراؤها، وإعادتها ولم يتم استعمالها وبالتالي يلجأ أصحاب المحال التجارية، وحتى المعامل إلى وضعها جانباً، ويتم بيعها بالة علماً أنها لم تستعمل، وخاصة ما يتم بيعه عن طريق التجارة الإلكترونية، وهذا النوع من الألبسة لها مستهلكوها في كثير من دول العالم ويبحثون عنها ضمن البالات المنتشرة.

آثار مختلفة

وفي رأي الحلاق “البالة” تحمل آثاراً اجتماعية إيجابية وأخرى سلبية، إلى جانب آثار اقتصادية، تحمل السلب والإيجاب بالوقت نفسه، وهذه الآثار تتبع حسب نظرة كل شخص لها.
لكن من حيث نظرتنا الاقتصادية الكلية، فهي تتمتع بمزايا قد تكون إيجابية، وبالتالي لا نستطيع منعها حيث إنها جيدة لأصحاب الدخول المنخفضة.
وبالتالي إن السماح باستيرادها، يجب أن يكون ضمن ضوابط قانونية، وقواعد صحية بالدرجة الأولى، إضافة إلى نوعيتها الجيدة، وليست “سلعاً متلوفة” في بلدان أخرى، أيضاً لا نستطيع تجاهل مستهلكيها في بلدنا، وذلك لأسباب اقتصادية ومعيشية، في مقدمتها انخفاض القوة الشرائية للمواطن، ومحدودية الدخل للأسرة، وغيرها من أسباب..!
من أجل منع استيرادها يجب تحسين مستويات الدخل، وزيادة الرواتب والأجور، حينها يستغني المستهلك عن هذه الأسواق تلقائياً ويتجه نحو الأفضل.

ليست حكراً

ويضيف “الحلاق”: البالة ليست حكراً على أسواقنا، بل هي موجودة في كثير من بلدان العالم، لكن أسلوب عرضها يختلف، وتحت مسميات اجتماعية مختلفة، من كل الأصناف، وتباع بأرقام زهيدة ورخيصة، والاستفادة منها بصورة مناسبة لصاحب المحل والمستهلك على السواء.
وبالعودة إلى آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني، الجميع يقر بضررها عليه، لكن السؤال المهم هنا، إذا كان المستهلك ليس لديه قوة شرائية، وبحاجة لشراء قطعة لباس، وسعرها في المحال التجارية والماركات، يفوق أضعاف سعرها في محال البالة، أين يتجه المستهلك هنا.. ؟؟
بالطبع سيذهب للمكان الذي يناسب قوته الشرائية، وهذه هي الحالة الطبيعية للتسوق في ظل تدهور المعيشة ومقوماتها..!
إذاً نحن اليوم أمام معادلة صعبة، تحتاج حلاً، تكمن في كيفية المقاربة بين السعرين وتخفيضهما، وهنا من الصعب رفع سعر البالة، والصح تخفيض السعر الأعلى (الصناعة المحلية) وذلك من خلال دعم مكونات الإنتاج وإيجاد ورشات عمل خاصة “تتبع لجمعيات خيرية، على سبيل المثال، من أجل تأمين احتياجات الأسواق بجودة وأسعار مناسبة، تتماشى مع مستويات الدخل لمعظم فئات المجتمع، على اعتبار هذه الجمعيات ليست ربحية، وهدفها خدمة المستهلك، وخاصة أن كل مستهلك يسعى لاستهلاك السلعة الجديدة، لكن ضعف القوة الشرائية تدفعه للبحث عن البدائل وبالمتوافر منها.. !

فرضية اعتراض

وهنا يضع الحلاق فرضية الاعتراض على دعم الجمعيات الخيرية، وتبني هذا الاتجاه، بحجة أنها تؤثر في الصناعة الوطنية، لكن بحكم الواقع والظروف فهي حل بديل لقطاع البالة، وتأثير ذلك محدود على الصناعة المحلية، ويمكن تجاوزه من خلال بعض الخصوصية للشركات الصناعية الكبرى، وتخصيص قسم معين من الإنتاج للبيع في منافذ خاصة لأصحاب الدخل المحدود، وفق آلية مدعومة بأسعار مناسبة وجودة مقبولة، تخرج من خلالها من منظومة الضريبة والتكاليف الأخرى ترعاه تلك الجمعيات.
ويضيف “الحلاق” أنه هناك الكثير من الأفكار التي تحمل الحلول لكثير من المشكلات الاقتصادية، لكن نحن اليوم بحاجة لمزيد من الاستقرار، حتى تتبلور الأفكار ونجد الحلول للمشكلات من خارج الصندوق، وخاصة أن الجميع ينادي بدعم الصناعة، وبالوقت نفسه بدعم وسائل الإنتاج، ودعم الفئات المحتاجة حيث إنها المتضرر الأكبر من ارتفاع الأسعار.
وبالتالي الحلول ممكنة رغم صعوبة الظروف، لكن تسوية “رضائية” بين جميع الأطراف تكون مقبولة، غايتها الأساسية خدمة أصحاب الدخل المحدود، وتحسين مكونات المعيشة للمواطن.

Leave a Comment
آخر الأخبار
أغلب مشروعات إعادة الإعمار مجدية اقتصادياً.. فضلية: رفع العقوبات ضوء أخضر لجميع الدول الأخرى لتحذو ح... عودة جهاز المسرع الخطي في مشفى اللاذقية للعمل.. وأعداد كبيرة من مرضى السرطان بانتظار العلاج فرق الدفاع المدني السوري تخمد خمسة حرائق في طرطوس «ترشيد استهلاك المياه ضرورة ملحة لمواجهة التغيرات المناخية» في محاضرة بطرطوس طروحات أكاديمية بالجملة تشخّص الواقع الاقتصادي.. والمؤشرات تنبئ بالاندماج السريع للاقتصاد السوري بال... له إيجابيات.. مدير فرع «المركزي» في دير الزور: بعد رفع العقوبات المطلوب إصلاحات اقتصادية ومؤسساتية وقفة رمزية في جامعة حلب إحياء لذكرى شهداء الحراك الطلابي وتأكيد استمرار مسيرة الحرية بسبب نقص عدد الجنود.. «إسرائيل» تجند مصابين بأمراض نفسية إعادة هيكلة العمل الحكومي وتوزيع الاختصاصات هي البداية.. النهوض بالاقتصاد الوطني يتطلب مستوى عالياً ... الذكاء الاصطناعي ضمن بوصلة القرآن .. رؤية فريدة تجمع بين التكريم الإلهي والمسؤولية الأخلاقية فالإنسا...