ترامب في أول 100 يوم في البيت الأبيض.. مواصلة نهج الضغط الأقصى على الحلفاء قبل الأعداء وماذا عن سياسته تجاه سوريا الجديدة؟

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية – سامر اللمع:

قلب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب خلال 100 يوم الأولى من ولايته الثانية، السياسة الخارجية الأميركية رأساً على عقب، وتسبب بتقلبات حادة في الأسواق العالمية، منذ عودته الى البيت الأبيض وتحويله المكتب البيضاوي مسرحاً لسلسلة أحداث غير معهودة.

ففي يوم جلوسه الأول على طاولة المكتب البيضاوي في 20 كانون الثاني 2025، وقّع ترامب 26 مرسوماً رئاسياً، وهو عدد قياسي، حيث رسمت قرارات اليوم الأول بعضاً من مسارات سياسة ترامب في الداخل والخارج.

– في الداخل.. تقليص حاد للإنفاق وترحيل عشوائي للمهاجرين
كلف ترامب حليفه في الحملة الانتخابية, إيلون ماسك، أغنى أغنياء العالم، بالإشراف على هيئة مستحدثة مهمتها خفض التكاليف الفيدرالية وتقليص حجم القطاع الحكومي، ما أثار انتقادات واسعة في أوساط الأمريكيين بشأن نقص الشفافية في عمل ماسك وتضارب المصالح المحتمل.

وفي ما يتعلق بملف الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، واصل ترامب سياسته التي اتبعها أثناء ولايته الأولى في محاربة المهاجرين وترحيلهم العشوائي دون ممارسة حقهم في إجراءات التقاضي السليمة وهو ما اعتبره خبراء قانون أنه هجوم ممنهج على سيادة القانون.
وقد أكد ديفيد ليوبولد – وهو رئيس سابق لنقابة محامي الهجرة الأمريكيين- أن إدارة ترامب تتخذ من العديد من النظريات القانونية ذريعة لتنفيذ خطتها للترحيل الجماعي، وتجريد المهاجرين من الحق في اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

أما على صعيد ما يسمى بـ”معاداة السامية” فشنت إدارة ترامب حملة على الجامعات الأمريكية..
حيث تم توجيه اتهامات لعدد من الجامعات الكبرى بالتساهل مع ما سمي بـ”معاداة السامية” لسماحها بإقامة تظاهرات في الحرم الجامعي، تنتقد “إسرائيل” على خلفية حرب غزة.

وخفّض ترامب 400 مليون دولار من التمويل الفيدرالي لـ”جامعة كولومبيا” في نيويورك، متهماً إياها بعدم توفير الحماية الكافية للطلاب اليهود من المضايقات.
كما أعلنت الإدارة الأميركية تجميد معونات لـ”جامعة هارفرد” بقيمة 2.2 مليار دولار بسبب رفض المؤسسة التي تعد من الأعرق في العالم، الإذعان لمطالب البيت الأبيض.

سياسة ترامب الخارجية.. تهميش للحلفاء وضغوط قصوى للخصوم
أعاد ترامب تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية وفق منظور لا يعترف بالمؤسسات الدولية ولا بالقواعد التي رسّختها واشنطن لنفسها بعد الحرب العالمية الثانية.

وعبر فرض رسوم جمركية شاملة، وتهميش الشركاء الأوروبيين، وتقليص المساعدات الخارجية بشكل غير مسبوق، برزت معالم سياسة خارجية تعتمد على الصفقات والضغوط المباشرة أكثر من الالتزامات متعددة الأطراف.
في الموازاة، قدم ترامب نفسه على أنه “صانع سلام” مشدداً على رؤيته لتحقيق “السلام من خلال القوة”, وهو ما بدا جلياً في إطلاق يد “إسرائيل” في معاودة الحرب على قطاع غزة, كذلك الأمر في قصف اليمن كرمى لعيون نتنياهو.

كما لم يتردد الرئيس الأمريكي في دخول مفاوضات غير مسبوقة، مثل تلك التي أجراها مع روسيا وأوكرانيا لوقف الصراع الدائر بينهما منذ أكثر من ثلاث سنوات محاولاً في الوقت نفسه ابتزاز أوكرانيا من خلال إلزام رئيسها, فلوديمير زيلينسكي على توقيع اتفاق مجحف يقضي بحصول واشنطن على المعادن الأوكرانية النادرة.

وفي ملف القدرات النووية الإيرانية, أجرت إدارة ترامب مفاوضات غير مباشرة مع إيران، بوساطة عُمانية، بدأت في 12 نيسان، حيث عقدت الولايات المتحدة وإيران، جولتين من المحادثات غير المباشرة، في سلطنة عمان وروما، بقيادة المفاوض ستيف ويتكوف، على أن تعقد جلسة ثالثة السبت القادم.

حرب التعرفات الجمركية
كما أثار أعلان الرئيس الأمريكي, دونالد ترامب في الثاني من نيسان, فرض تعرفات جمركية باهظة على العشرات من دول العالم، صدمة كبيرة هزت الاقتصاد العالمي وتسببت بخسائر كبيرة في البورصات العالمية, قبل أن يتراجع ترامب في التاسع من الشهر نفسه، اليوم المقرر لدخول هذه الرسوم حيز التنفيذ، بعض الشيء، إذ أبقى على الحد الأدنى الإضافي بنسبة 10% الذي فرضه على غالبية الواردات، بينما علّق الرسوم الأخرى لمدة 90 يوماً.
واستثنيت الصين من هذا التعليق، إذ وصلت الرسوم الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة عليها إلى 245%، ما دفع بكين للرد برسوم مضادة.

– شعبية ترامب في أدنى مستوى

يبدو أن أداء حكومة ترامب خلال المئة يوم الأولى لم تحظَ بتأييد العديد من الأمريكيين، إذ أظهر استطلاع رأي أجرته “رويترز – إبسوس” تراجع شعبية الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أدنى مستوى لها منذ عودته إلى البيت الأبيض، إذ أبدى الأميركيون علامات قلق حيال جهوده الرامية لتوسيع سلطاته.

وأظهر الاستطلاع الذي أجري على مدى 6 أيام وانتهى الإثنين أن نحو 42 بالمئة من المشاركين يعجبهم أداء ترامب كرئيس، بانخفاض عن 43 بالمئة في استطلاع أجرته “رويترز – إبسوس” قبل 3 أسابيع، وعن 47 بالمئة في الساعات التي أعقبت تنصيبه في 20 كانون الأول.

– ترامب وسوريا الجديدة..
على الرغم من الصورة الضبابية التي مازالت تكتنف رؤيا إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في التعامل مع الإدارة السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، فإن هناك بعض المؤشرات الخجولة بدأت بالظهور في التعامل الأمريكي مع سوريا الجديدة.
وكان من أهم بوادر تغيير السياسة الأمريكية, تجميد (وليس رفع) لبعض العقوبات المفروضة على سوريا إبان عهد النظام السابق, وكذلك برز التوجه الأمريكي لسحب جزء من القوات الأمريكية الموجودة في الشمال الشرقي من سوريا حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، يوم الجمعة الماضي، أن بلادها ستسحب ما يقارب نصف قواتها من سوريا خلال الأشهر المقبلة في إطار عملية “تعزيز” للقوات هناك.

وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، في بيان: “ستؤدي هذه العملية المدروسة إلى تقليص الوجود الأمريكي في سوريا إلى أقل من ألف جندي أمريكي من أصل ألفين موجودين حالياً في البلاد خلال الأشهر المقبلة”.

ويرى محللون ومسؤولون أمريكيون أن تغيير وضع القوات سيؤدي أيضاً إلى تقليل انتشار القوات الأمريكية في جميع أنحاء سوريا، عقب محادثات السلام بين الحكومة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي تمت بواسطة ودعم أمريكيين.

كما تلعب الدبلوماسية السورية بجانب الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية دوراً نشطاً مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية وأعضاء في الكونغرس من أجل السعي لرفع العقوبات الأمريكية عن سوريا للاستفادة من المناخ الدولي والاقليمي والعربي الداعم لأجل إعادة الإعمار وتدوير عجلة الاقتصاد في عملية التعافي التي تقودها حكومة الرئيس أحمد الشرع.

Leave a Comment
آخر الأخبار