الحرية – متابعة مها سلطان:
هل يصبح ترامب أعظم موحّد لأوروبا؟
هكذا بدأت صحيفة «الغارديان» البريطانية مقالها اليوم حول الاجتماع الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي وأبرز قادة أوروبا وحلف الناتو، يوم الاثنين الماضي في واشنطن، والذي أعقب قمة تاريخية، يوم الجمعة الماضي، جمعت ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في آلاسكا، وبحثت ملف الحرب في أوكرانيا، إلى جانب قضايا عالمية أخرى.
تستحضر الغارديان سؤالاً شهيراً نُسب لهنري كيسنجر يقول: «ما الرقم الذي اتصل به عندما أريد التحدث إلى أوروبا؟». وتجيب الغارديان: إن «الرقم7» قد يكون هو الإجابة، مشيرة بذلك إلى اجتماع واشنطن، آنف الذكر، الذي جمع سبعة قادة أوروبيين إلى جانب ترامب وزيلينسكي.
وتصف الصحيفة البريطانية هذا الاجتماع بأنه «سابقة دبلوماسية» حيث اجتمعت أوروبا؛ ممثلة في كل من الناتو، والمفوضية الأوروبية، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وفنلندا، لتتحدث «بصوت واحد» في قضية أوكرانيا، رغم التباينات السابقة، بل «الانقسامات المريرة أحياناً» وفق تعبير الغادريان.
وتذكر الغارديان هنا بموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بدايات الحرب، حين دعا إلى عدم «إذلال بوتين». لكن المفارقة، أن هذا التماسك الأوروبي جاء بفضل أزمة أشعلها ترامب نفسه. إذ تصف الصحيفة لقاء ترامب مع بوتين في ألاسكا بأنه «قمة مشينة» وتؤكد أن الرئيس الأمريكي قد «تراجع عن التهديدات السابقة لروسيا، وفرش السجادة الحمراء للطاغية الروسي، لأسباب قد لا نفهمها أبداً».
بهذا المنطق، فإن ترامب، رغم أنه يُفكك ما تبقى من «الغرب» إلا أنه، إلى جانب بوتين، يثبت من دون قصد أنه يشكل القوة الخارجية التي تعيد تشكيل الهوية الجماعية لأوروبا، وبالتالي يصبح أعظم موحّد لها منذ نهاية الحرب الباردة.
وتبرز الصحيفة ما وصفته بتجانس نادر في الموقف الأوروبي، رغم بعض التباينات، إذ اتفق القادة على ضرورة تقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، والحفاظ على وحدة الجبهة الغربية، والسعي نحو سلام عادل ودائم.
ولكن، ما هي أقصى طموحات القادة الأوروبيين من ترامب؟
وتتساءل الغارديان ما إذا كان هذا «الزخم المتزايد» من الدعم لأوكرانيا سيحقق السلام المرجوّ، فهو يشير إلى أن مجمل الاتفاقيات لا تتضمن وقفاً لإطلاق النار، بل تتجه نحو قبول أوكرانيا بالتنازل عن الأراضي التي ضمّتها روسيا عام 2022، بحسب رؤيته.
وترى أن الحديث عن «ضمانات أمنية» أمريكية لأوكرانيا – أي نوع من التعهد الدفاعي الجماعي على غرار المادة الخامسة للناتو – يرتبط بشرط تمويلي ستتحمله أوروبا، في سياق «ترامبي نموذجي» حسب تعبير الغارديان.
وتختم الصحيفة البريطانية بمقولة لرئيس فنلندا ألكسندر ستوب، أحد القادة السبعة المشاركين في القمة، والتي تقول: تأتي الأزمة أولاً، ثم الفوضى، وفي النهاية نصل إلى حل دون المستوى المطلوب.
وتعلق الغارديان بالقول: نأمل أن يكون ستوب مخطئاً هذه المرة. وتضيف: الحلول التي تُبحث اليوم وُلدت من مأساة، وربما تكون دون المستوى، لكن الفوضى التي قد تعقب هذه المقترحات، قد تكون لها عواقب مدمرة على أوروبا بأسرها.