أمين سليم الدريوسي
في خطوة جريئة نحو تنظيم السوق وتعزيز حماية المستهلك، أصدرت وزارة الاقتصاد قراراً يُلزم الصناعيين والمستوردين بتثبيت سعر بيع المفرق على جميع المنتجات، هذا القرار جاء استجابة مباشرة لشكاوى المواطنين الذين ضاقوا ذرعاً بتقلب الأسعار وغياب الشفافية، حيث كانت المنتجات تُباع بأسعار متفاوتة من محل إلى آخر دون أي مرجعية واضحة، ما فتح الباب أمام حالات من الابتزاز التجاري والاستغلال غير المبرر.
لطالما عانت الأسواق حالة من الضبابية، فالمستهلك لم يكن يعرف إن كان السعر الذي دفعه هو الأعلى أو الأدنى، ولا إن كان قد تعرّض للاستغلال أم لا، أما اليوم، ومع تطبيق هذا القرار، فإن الأمور تتجه نحو الوضوح، حيث السعر أصبح معلناً، والمستهلك بات قادراً على اتخاذ قراره بثقة، والمقارنة بين الخيارات أصبحت ممكنة وسهلة.
الميزة الأهم في هذا القرار أنه لا يُقيّد حرية السوق، بل يُنظمها، فهو يمنح المواطن حقاً جوهرياً: أن يعرف كم سيدفع قبل أن يشتري، وهذا لا يعني أن الأسعار يجب أن تكون موحدة في كل مكان، فلكل حي تكاليفه التشغيلية وظروفه الخاصة، ولكن تثبيت السعر على المنتج يُلزم البائع بالشفافية ويمنع التلاعب، ويُرسّخ الثقة بين الطرفين.
ما يميز هذا القرار أيضاً أنه يمنح المستهلك أداة رقابية فعالة، ويضع حداً لأساليب التحايل التي كانت تُمارس تحت غطاء «حرية السوق»، بينما كانت في الواقع تُستخدم لفرض أسعار غير منطقية، خصوصاً في ظل تفاوت كبير بين نقاط البيع من حيث الموقع والتكاليف.
إذاً نحن أمام خطوة تُعد انتصاراً للمستهلك، وتأكيداً على أن الحكومة تضع مصلحة المواطن في مقدمة أولوياتها، والقرار يُحفّز المنافسة الشريفة بين التجار، ويُشجع على تحسين جودة المنتجات والخدمات، بدلاً من الاعتماد على تفاوت الأسعار كوسيلة للربح.
باختصار، هذا القرار يُعيد التوازن إلى العلاقة بين البائع والمشتري، ويُكرّس مبدأ أن السوق يجب أن يكون في خدمة الناس، لا العكس، ومن هنا، نُشيد بهذه الخطوة، وندعو إلى دعمها وتطبيقها بفعالية، لما فيها من خير للمواطن، وللاقتصاد الوطني ككل.
حق بسيط لكنه جوهري

Leave a Comment
Leave a Comment