حليب الأم هو الأفضل.. ما هي البدائل الصحية والاقتصادية المناسبة للرضع

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية-إلهام عثمان:

تجد الأسر السورية نفسها في حيرة بين تأمين غذاء أطفالها واتباع التحذيرات الطبية، في مواجهة ارتفاع أسعار حليب الأطفال الصناعي، فهل يمكن لحليب الماعز أو البقر أن يكون بديلاً آمناً؟ وما الترتيب العلمي الصحيح لبدائل حليب الأم؟
“الحرية” تفتح هذا الملف وتجمع بين رأي الطب وضرورات الاقتصاد لتقديم الدليل الكامل للأهالي.

-أسعد: تجنب إعطاء الطفل الخضار النيئة خلال السنة الأولى منعاً لإصابته بأنيميا الفول (نقص إنزيم G6PD)

الترتيب العلمي والمحاذير الصارمة

اختصاصية التغذية العلاجية والمسئولة عن الرقابة الصحية في مديرية صحة حماة المهندسة رؤى أسعد، كشفت من خلال حوار خاص مع صحيفتنا “الحرية” عن قاعدة لا تقبل الجدل: بأن “حليب الأم لا بديل له، وخاصة في الأشهر التسعة الأولى من عمر الطفل”.
ولتوضيح الفروقات بشكل كامل، عرضت الخبيرة الترتيب الدقيق لأنواع الحليب من الأفضل إلى الأسوأ، لأهميته القصوى. وحليب الأم يعد الخيار الأفضل على الإطلاق، كونه يعزز المناعة، ويلبي احتياجات الطفل ويقلل خطر الحساسية، لذا لا يمكن لأي حليب آخر منافسته.
أما في حال عدم توفر حليب الأم، يأتي حليب الماعز الصناعي المدعم للأطفال كبديل تجاري جيد في بعض الحالات، خاصة للأطفال الذين يعانون من حساسية خفيفة أو عدم تحمل لحليب البقر، وذلك بفضل جزيئات البروتين الأصغر والأسهل في الهضم، ومع ذلك، يجب التأكيد على أنه يجب أن يكون من النوع الصناعي المدعم وليس الحليب الطازج.
وبالنسبة إلى حليب البقر الصناعي المدعم للأطفال فهو البديل التجاري الأكثر شيوعاً و الأكثر بحثًا، ويُعدّ آمناً ومغذياً عند تحضيره بشكل صحيح، ولكنه أيضاً قد يسبب حساسية بروتين الحليب لبعض الرضع بسبب حجم جزيئات البروتين الأكبر.
في المقابل، لا يُنصح بـحليب الغنم (الصناعي إن وجد) للرضع، بسبب محتواه العالي جداً من البروتين والمعادن الذي قد يشكل عبئاً على كلى الطفل غير الناضجة

احذروا من حليب الماعز

وهنا حذرت أسعد وبشدة من استخدام حليب الماعز، البقر، الغنم (غير المعد للأطفال) دون سن السنة، فهو ممنوع منعاً باتاً لأنه يفتقر إلى التوازن الغذائي المناسب، وقد يسبب نزيفاً معوياً، فقر الدم، وإجهاداً كبيرا للكلى.
بشكل عام، تكمن الأهمية في التمييز بين الحليب الطازج غير المناسب للرضع والصيغ الصناعية التي تُعدل بعناية لتكون آمنة ومغذية، مع الأخذ في الحسبان أن حليب الأم يبقى المعيار الذهبي الذي لا يُضاهى.
وكمثال حي على هذه المخاطر، تروي إحدى الأمهات (س.أ) أنها لجأت لإعطاء طفلها البالغ من العمر أربعة أشهر حليب الماعز الطازج بناءً على نصيحة شعبية، ليعاني الرضيع لاحقاً من مشاكل هضمية حادة وفقر الدم، وهو ما استدعى تدخلاً طبياً عاجلاً.
واستكمالاً لحديثها، أضافت أسعد أن حليب البقر والماعز ليس أكثر فاعلية أو بديلاً أساسياً، بل لا بدّ من اعتماد منهج غذائي معين، موضحةً: “بعد 6 أشهر من عمر الطفل يجب إدخال أصناف من الأغذية مثل السيريلاك، وبعد الشهر الثامن يمكن تقديم اللبن الرائب (بدون قشطة) بكميات محسوبة”.

على الجانب الآخر، تشاركنا (م.ن) تجربتها الناجحة مع طفلها ذي الأشهر السبعة ، حيث بدأت بتقديم مهروس الجزر المسلوق جيداً ثم أدخلت تدريجياً مهروس التفاح، متبعةً بدقة توصيات الخبراء لتضمن لطفلها نمواً صحياً وآمناً.

البقوليات والخضار النيئة

وهنا شددت أسعد على “تجنب إعطاء الطفل الخضار النيئة خلال السنة الأولى، والعسل، وأي نوع من البقوليات وخاصة فول الصويا والفول العادي بسبب قابلية بعض الأطفال للإصابة بأنيميا الفول (نقص إنزيم G6PD)، وكذلك تجنب أي أنواع حلوى أو ملونات تدعيماً لجهازه المناعي”.

– عفيف: نعمل حالياً مع بعض الميسورين لشراء ماعز لأسرٍ محتاجة

حلول تفرضها الضرورة الاقتصادية

ولكن، أمام هذه الحقائق العلمية الصارمة، تقف حقيقة أخرى لا تقل قسوة، وهي الواقع الاقتصادي الذي تفرضه الظروف المعيشية، من هذا المنطلق، يطرح الخبير التنموي ومؤسس “مبادرة المشاريع الأسرية السورية”، أكرم العفيف حلولاً بديلة.
حيث أكّد أن حليب الماعز وحليب البقر المخفف بالماء يمثلان البديل الأساسي والأكثر فاعلية لحليب الأطفال الصناعي، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وأوضح أن هذا الحل ليس مجرد فكرة نظرية، بل هو مشروع قائم بذاته، قائلاً: “لدينا حالياً تجربة نعمل عليها، من خلال قيام بعض الميسورين بشراء ماعز لأسرٍ محتاجة، والتي تقوم بدورها برد ثمنها عبر منتجاتها”.

-الجذري: “نحن بحاجة ماسة إلى معامل تنتج حليب الأطفال محلياً

التصنيع المحلي

ولفت العفيف أيضاً إلى أنّ هناك بدائل أخرى واعدة، مثل فول الصويا، الذي يمكن زراعته في سوريا بتكاليف منخفضة. ومع ذلك، شدّد على أن الحل الجذري يكمن في التصنيع المحلي، منوهاً: “نحن بحاجة ماسة إلى معامل تنتج حليب الأطفال محلياً، وهذا أمر يجب التأكيد عليه”.
وفي ختام حديثه، أكّد العفيف أنّ هذه البدائل تأتي كحلول للحالات الاستثنائية، ولا تغني أبداً عن حليب الأم الذي يبقى الخيار الأول والأمثل.
وهنا أجمع الخبيران على أنّ حليب الأم يبقى دائماً هو الخيار الذهبي الذي لا يُعوّض، ليبقى السؤال مفتوحاً، كيف يمكن سد الفجوة بين ما هو ضروري صحياً وما هو ممكن اقتصادياً؟ سؤال برسم الجهات المعنية، لضمان ألّا يدفع أطفال سوريا ثمن هذه المعادلة الصعبة.

Leave a Comment
آخر الأخبار