الحرية– بشرى سمير:
يشكل الفساد الإداري تحديًا كبيرًا حتى بعد التغيرات السياسية وذلك بسبب جذوره العميقة في البنية الإدارية والثقافة المؤسسية ويظهر الفساد الإداري بعدة أشكال معظمها يتعلق بإساءة استخدام السلطة والمنصب.
ولفت محمد شقير خبير في التنمية الإدارية إلى أن من أهم مظاهر الفساد الإداري هي الرشوة من خلال الحصول على أموال أو مزايا غير مستحقة، مقابل تسهيل أو إنجاز معاملة والمحسوبية والواسطة تعيين أو ترقية الأقارب والأصدقاء بناءً على العلاقات الشخصية، وليس على أساس الكفاءة وإقصاء الكفاءات وتهميش الموظفين الأكفاء وإبعادهم عن مراكز التأثير لصالح الموالين، ما يؤدي إلى هجرة العقول وهناك مظاهر الاستيلاء على المال العام ونهب المال العام عبر صفقات وهمية أو اختلاس مباشر، وهو ما يُعرف بالفساد المالي.
كما أن إساءة استخدام السلطة واستغلال المنصب والنفوذ لتحقيق منافع شخصية على حساب المصلحة العامة وهناك الترهل الإداري وعدم الإنتاجية تضخم عدد الموظفين مع انخفاض حاد في الإنتاجية الفعلية بسبب الروتين والبيئة غير المحفزة .
حلول عملية لمكافحة الفساد الإداري
واقترح شقير لمعالجة الفساد الإداري تتطلب نهجًا شاملاً يلامس الجذور الهيكلية والثقافية، عن طريق تعزيز الشفافية والحوكمة، ويتطلب ذلك تطبيق مبادئ الحوكمة التي تزيد من الثقة في المؤسسات، من خلال الشفافية الكاملة في صنع القرار وتعزيز سيادة القانون ومشاركة جميع الأطراف المعنية.
ووفقاً لشقير، يمكن تحقيق ذلك عبر الإدارة الإلكترونية، وهنا يقلل التحول الرقمي (مثل الأرشفة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني) من التدخل البشري المباشر ما يحد من فرص الرشوة والمحسوبية.
إقامة أنظمة رقابية
وهناك إعلان سياسات وخدمات الدولة بشكل واضح ليكون المواطن على علم تام بحقوقه وواجباته، وتفعيل آليات الرقابة والمحاسبة، إذ يجب إقامة أنظمة رقابية فعالة وقادرة على كشف حالات الفساد ومحاسبتها دون تمييز، وهذا يشمل إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية مثل هيئات الرقابة والتفتيش وأتمتة عملياتها لضمان السرعة والدقة في المتابعة، وضرورة وضع عقوبات رادعة وجزاءات واضحة تناسب حجم الفساد المرتكب وحماية المال العام وممتلكات الدولة من خلال رقابة صارمة وبناء نظام وظيفي قائم على الجدارة للقضاء على المحسوبية والواسطة.
ولفت شقير إلى أنه لابد من اعتماد معايير أداء واضحة في التعيينات والترقيات بحيث تعتمد على الكفاءة والإنجازات وليس الأقدمية أو العلاقات وتحسين بيئة العمل وربط الرواتب والحوافز بمستوى الأداء لتعزيز الدافع للعمل الجاد وتوقيع الكفاءات المؤهلة ووضعها في المناصب المناسبة لاستثمار طاقاتها.
لافتاً إلى أن توعية المجتمع وتعزيز القيم ومكافحة الفساد ليست مسؤولية مؤسسية فقط، بل مجتمعية أيضًا.
وأضاف: يمكن المساهمة عبر عقد ندوات توعوية في الدوائر الحكومية والجامعات ودور العبادة حول دور الدين والأخلاق في محاربة الفساد وخطورته على المجتمع، وإنشاء نظام لمكافآت الموظفين أو المواطنين الذين يبلغون عن حالات الفساد مع الحماية من الشكاوى الكيدية ودعم وتقوية دور منظمات المجتمع المدني المستقلة لمراقبة الأداء الحكومي وتوثيق الانتهاكات.
هيكلة جذرية للتخلص من الترهل
ونوه شقير بأن الإصلاح الإداري الشامل يحتاج فيه الجهاز الإداري إلى إعادة هيكلة جذرية للتخلص من الترهل، من خلال تقليص عدد الموظفين غير المنتجين وإعادة توزيع المهام بشكل أكثر كفاءة وإدخال التكنولوجيا الحديثة في جميع القطاعات الحكومية لتسريع الإجراءات وتحسين جودة الخدمات.