حمص تبدأ أولى خطوات الإعمار.. ورشة تشاركية لتقييم الواقع وتحديد الرؤية والأولويات

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – ميمونة العلي:

انطلقت في فندق “سفير حمص” اليوم أعمال ورشة العمل التشاركية بعنوان “إعادة بناء مدينة حمص.. من تقييم الواقع إلى تحديد الرؤية والأولويات”، بتنظيم من محافظة حمص ومجلس المدينة، وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية “يو إن هابيتات”، وتستمر الورشة على مدى يومين.

رئيس مجلس مدينة حمص، المهندس بشار السباعي، أوضح خلال الورشة أن المدينة تعرضت لدمار واسع طال الأحياء السكنية والأثرية والمناطق ذات الطابع التاريخي، مشيراً إلى وجود عقبات متعددة تعيق تسريع عملية الإعمار، أبرزها مسألة تحديد الملكيات وتنظيم مناطق المخالفات السكنية وإعادة تأهيلها بما ينسجم مع المخطط التنظيمي، كما شدد على ضرورة تقسيم المدينة إلى سبعة قطاعات رئيسية تغطي جميع أحيائها، وتنظيم الإشغالات والبسطات، ووضع خطة نقل جماعي مشتركة بالتنسيق بين المحافظة والمنظمات المعنية.

ونوّه السباعي بالخدمات التي يقدمها المجلس، ومنها جمع نحو 1500 طن من النفايات يومياً، وتنفيذ عمليات الصيانة، رغم الأعباء الكبيرة الناتجة عن عودة أكثر من 270 ألف مواطن إلى المدينة حتى الآن، مع توقع وصول دفعات جديدة، وقلة الإمكانيات المتاحة، وأكد أن التحديات التمويلية تدفع المجلس حالياً إلى التركيز على مرحلة الدراسات والتخطيط، كونها أقل تكلفة، ريثما يتوفر التمويل اللازم.

من جهتها، استعرضت المهندسة رنا داوود، رئيسة دائرة التنظيم العمراني في مجلس مدينة حمص، مراحل تطوير وتوسيع المخطط التنظيمي للمدينة، مشيرة إلى أن المخطط المصادق عليه عام 2000 يشمل مساحة إجمالية قدرها 15 ألف هكتار ضمن الحدود الإدارية، منها 4200 هكتار مخطط تنظيمي، و1800 هكتار مناطق محدثة، و1600 هكتار توسع غربي.

وبيّنت داوود أن أبرز المشكلات التي تواجه المدينة تتمثل في الواقع المروري، نتيجة اختلاط وسائل النقل من الدراجات الهوائية إلى الشاحنات على طرق متهرئة دون فصل للمسارات، بالإضافة إلى انعدام الثقافة المرورية ونقص الدراسات المتخصصة، إذ لا يوجد في الجامعات السورية اختصاص هندسة مرورية.

بدوره، دعا الاستشاري في برنامج الأمم المتحدة (الموئل)، سمير العيطة، إلى دراسة التغير الديموغرافي في حمص، حيث يقطن 80% من السكان ضمن المدينة، وهو ما اعتبره خللاً ناتجاً عن ضعف الاهتمام بالمدن الصغرى. واقترح تحديد وظيفة كل منطقة وحي، مستشهداً بمدينة دمياط المصرية المتخصصة بصناعة الأثاث، وداعياً إلى نقل هذه الفكرة إلى المدن السورية كلها.

كما شدد على ضرورة تخصيص جزء من تبرعات “أربعاء حمص” لصالح مجلس المدينة لتحسين الخدمات.

من جانبه، أكد مدير منظمة “يو إن هابيتات” في سوريا ولبنان، هيروشي تاكاباشي، أن المنظمة تُعنى بتخطيط المدن وقطاع الإسكان، وتعمل في سوريا منذ عام 2014، وتدعم مدينة حمص بشكل خاص، وأوضح أن الورشة الحالية تُعد الأولى من نوعها التي تعبر عن مشاركة كافة أطياف المجتمع، ويمكن أن تشكل نموذجاً يُطبق في مدن سورية أخرى تعرضت للدمار خلال الحرب وأبدى تفاؤله بإمكانية إعادة إعمار حمص بسرعة، بمشاركة مجتمعية واسعة، ورؤية واضحة لبناء المدينة.

وأشار تاكاباشي إلى استعداد المنظمة، بالتعاون مع منظمات أخرى، لتقديم الدعم اللازم للوصول إلى إعادة إعمار صحيحة، لافتاً إلى أن المنظمة تنفذ حالياً مشاريع في أحياء القصور، والخالدية، وجورة الشياح، والبياضة، إضافة إلى مشاريع في الرستن بريف حمص، ومشروع صرف صحي في تلبيسة، فضلاً عن مشاريع في حماة والساحل، وأكد أن التمويل اللازم سيتم توفيره بناءً على توصيات ومقترحات الورشة.

رئيس جامعة حمص، الدكتور طارق حسام الدين، شدد على ضرورة تعزيز جهود المجتمع المدني لوضع أهداف مرحلية تؤدي إلى استراتيجيات بعيدة المدى، مؤكداً أن حجم الدمار في حمص يحتل المرتبة الثالثة بعد حلب والرقة، ما يستدعي خطوات سريعة للبدء بالتعافي، ومن بين هذه الخطوات: تخصيص الأراضي الفارغة للمشاريع الجديدة، والأحياء المدمرة للبناء والترميم، وتشجيع الأهالي على إعادة البناء من خلال تخفيض رسوم البناء وتأمين المواد الأولية، خاصة أن بعض المواطنين يرممون من تلقاء أنفسهم، فيما تحتاج مناطق أخرى إلى تدخل مؤسسات ضخمة.

وفي السياق ذاته، أوضحت نتالي عطفة، من برنامج الأمم المتحدة، أن تكلفة إعادة الإعمار في حمص تُقدّر بمليار و300 مليون دولار، وتشمل السكن والبنية التحتية في المدينة والريف.

وأضافت إن تحليل بيانات المناطق المدمرة في حمص قسّمها إلى ثلاث فئات بحسب نسبة التدمير: بسيطة، ومتوسطة، وحمراء آيلة للسقوط، وتشكل الأخيرة نسبة 22%. وأكدت ضرورة تصميم مخططات إعادة الإعمار بالتعاون مع المجتمع المحلي لضمان نجاحها.

Leave a Comment
آخر الأخبار