الحرية– سامي عيسى :
مجموعة من المتغيرات فرضت نفسها على الساحة الاقتصادية في سورية، تحت تأثير عوامل كثيرة، منها ما هو مرتبط بسياسات النظام السابق المختلفة، وتطبيقها على أرض الواقع بصورة فيها تجني على الصالح العام، ومنها ما هو مرتبط بالتوجه الاقتصادي الجديد والذي يحتاج إلى سياسات أيضاً جديدة تتماشى مع هذا التغيير لتحقق المطلوب ليس على الصعيد الاقتصادي فحسب، بل على صعيد الحالة الخدمية والتعليمية والثقافية وحتى السياسية التي تعتبر ترجمة فعلية لكل هذا الواقع بكل تحدياته ومفرداته..
عياش: الضرائب والرسوم في أدنى مستوياتها منذ سنوات..!
ضغط السلبيات
لكن هنا نخص الحالة الاقتصادية باعتبارها المكون الأساسي لتأمين قوة التنفيذ وتحقيق نتائج إيجابية على أرض الواقع تستهدف بالدرجة الأولى معيشة المواطن اليومية في ظل تداعيات سلبية كثيرة، تأثرت بها وتراجعت من خلالها إلى مستويات، تحمل مؤشرات خطيرة، فقدت فيها أهم مكونات قوة الدعم المرتبطة بتعزيز مصادر الدخل على مستوى خزينة الدولة والتي تكمن في الإيرادات المتنوعة، والتي عرفها الخبير الاقتصادي الدكتور “فادي عياش ” خلال لقاء مع صحيفة “الحرية” معه حول موارد الخزينة وفقدانها للكثير من مصادر التمويل في ظل الظروف الحالية، والتي كانت تعتمد عليها كموارد رئيسية ثابتة كالضرائب والرسوم الجمركية ورواتب موظفين وغير ذلك.. بأنها مجموع الدخل أو التدفقات النقدية الذي تحصل عليه الدولة، بغرض تغطية النفقات العامة المصروفة لتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي، وتقديم المنفعة لأفراد المُجتمع من خلال إشباع حاجاتهم العامة، مثل الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، وتتم الموازنة بين الإيرادات والنفقات في الموازنة العامة للدولة لتجنب العجز المالي الناتج عن زيادة النفقات والآثار السلبية المترتبة على هذا العجز.
مصادر متنوعة
الخبير “عياش” خلال حديثه أشار إلى نقطة مهمة، تتعلق في مصادر الإيرادات المتنوعة والمختلفة، والتي حددها في مجموعة من المصادر في مقدمتها:
إيرادات أملاك الدولة، وهي الإيرادات الناتجة عن استخدام الأملاك والممتلكات التابعة للدولة وهذه بدورها تنقسم إلى الأملاك العمومية الطبيعية، والأملاك العمومية الصناعية، كوسائل النقل والمواصلات، والمنشآت التي تقدم منافع عامة متعددة الأغراض، والمنشآت الثقافية، والفنية، والترفيهية، والتاريخية.
أما فيما يتعلق بإيرادات الرسوم فهي التي تحققها الحكومات والهيئات العامة من فرض رسوم على الأنشطة والخدمات التي تقدمها مثل رسوم التراخيص والتصاريح، والرسوم القضائية وغيرها، والضرائب وهي الجانب الأهم في موارد الخزينة العامة، والتي تحصل عليها الدولة من الأفراد والشركات باختلاف الأنشطة ومصادر الدخل ومنها: ضرائب الدخل والأرباح، الضرائب العقارية والجمركية وغيرها..
وهنا يمكن باختصار شديد تحديد مصادر الإيرادات العامة الواجب الحفاظ عليها واستثمارها بالشكل المطلوب في مقدمتها: الثروات الطبيعية، والرسوم والأجور والضرائب، والاقتراض والقروض المسددة، وعوائد الاستثمار، والمبيعات والجزاءات والغرامات، وبيع أملاك الدولة وإيجاراتها أو عوائد استثمارها، والتبرعات والهبات والتعويضات، وأي مصدر آخر يصدر به قرار من مجلس الوزراء.
خلاف لدينا
وبالتالي هذه الضرائب والرسوم عادة ما تشكل أحد أهم مصادر الإيرادات العامة، ومدى مساهمتها في الناتج الإجمالي المحلي، وهي تختلف بين البلدان وفق عوامل عديدة ولكنها تشكل وسطياً قرابة 36% من الناتج المحلي الإجمالي، فبحسب البنك الدولي، تشكل الإيرادات الضريبية التي تتجاوز 15% من الناتج المحلي الإجمالي في أي دولة، عاملًا رئيساُ للنمو الاقتصادي والحد من الفقر. ويضمن هذا المستوى من الضرائب حصول البلدان على الأموال اللازمة للاستثمار في المستقبل، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، ونحن مازلنا لم نصل إلى هذه الغاية بالشكل المطلوب..!
دون المطلوب
ففي سوريا، تُعتبر نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي في أدنى مستوياتها، إذ تتراوح بين 6% وحتى 10% بالمتوسط خلال السنوات الأخيرة.
وبالتالي في ظروفنا الراهنة يجب العمل على نظام ضريبي عادل ومرن، وليس إلغاء الضرائب والرسوم كما يطالب البعض.
وأوضح “عياش” أنه لا يجوز المبالغة في التكليف الضريبي حتى لا تؤثر على تكاليف الاستثمار، وبالمقابل يجب العمل على تنمية وتطوير مصادر الإيرادات العامة الأخرى، ولا سيما تلك المتعلقة بأملاك الدولة، وكذلك الثروات الباطنية، والرهان الأكبر هو في القدرة على تشجيع وجذب الاستثمار المحلي والخارجي، وهذا يتطلب إرادة وطنية عالية، وإدارة تعتمد معايير الحوكمة، وتشريعات منسجمة مع أهداف التنمية المنشودة.