خريطة طريق لتعزيز رأس المال الاجتماعي في سوريا لإعادة بناء المستقبل 

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية ـ أنطوان بصمه جي  :

بعد أكثر من عقدٍ على الحرب التي لم يكتفِ بهدم الحجر، بل امتدّت لضعضعة الثقة بين السوريين، تطفو على السطح أسئلة مصيرية: كيف تندمل جروح النسيج الاجتماعي المُنهك؟ وهل يمكن تحويل ركام الانقسام إلى جسورٍ للعيش المشترك؟

في خطوة تلامس هذا الألم، وتحت عنوان “رأس المال الاجتماعي في سوريا: بين عجز الماضي وإعادة البناء في المستقبل”، عقدت منظمة النهوض بالمجتمع المدني (GLOCA) بالشراكة مع مركز الحوار السوري ندوة بحثية حوارية في حلب لاستشراف آفاق العلاج تجمع خبراء المجتمع المدني لوضع “وصفة مجتمعية” لإعادة بناء ما تهدّم.

تأتي محاور الندوة كاستجابة علمية لإرث ثقيل من التشرد والانتهاكات والانقسامات التي أفرزتها سنوات الحرب، والتي خلّفت نزيفاً حاداً في رصيد الثقة والتعاون بين مكونات الشعب السوري.

ورغم هذا المشهد القاتم، تُسلّط الندوة الضوء على بارقة أمل، إذ يشهد المجتمع السوري – خاصة في المنفى والمجتمعات المحلية – تنامياً ملحوظاً لروح التكاتف الأهلي، وبروز مبادرات مجتمعية، فضلاً عن اهتمام متصاعد بقضايا الشأن العام والعدالة الانتقالية والحوار الوطني كمداخل حيوية للتعافي.

وتضمنت الندوة البحثية عروضاً علمية قدمها مدير مركز الحوار السوري الدكتور أحمد قربي عرف خلالها عن مفهوم وإمكانية القياس وأبعاده وانواعه وأهميته وحلل واقع مؤشرات رأس المال الاجتماعي في التجارب الدولية والإقليمية ومدى إمكانية تطبيقها على الحالة السورية.

واستعرض الباحث في المركز نورس العبدالله نتائج دراسات ميدانية تقيس حالة الرأسمال الاجتماعي الحالية في سوريا، مع تحليل دلالاتها.

وتلا أجندة الندوة البحثية جلسة تعقيبات وحوار مفتوح مع الحضور، أدارها مسؤول العلاقات العامة في GLOCA محمد خليلو وذلك بغية تحويل الأفكار إلى توصيات عملية.

وتركزت مداخلات الحضور حول تشريح مفهوم رأس المال الاجتماعي بدقة؟، وكيف يُقاس في سياقات متنوعة (غربية، عربية، مجتمعات ما بعد الصراع)، وتشخيص الواقع السوري ونتائج القياس الميداني لمؤشرات التماسك المجتمعي والثقة في سوريا اليوم وما تكشف عن هذه النتائج، بالإضافة إلى عرض الآليات والأدوات العملية القادرة على الحفاظ على ما تبقى من رأس المال الاجتماعي وتعزيزه وبنائه من جديد، والإشارة إلى المهام المحددة للحكومة الحالية، وعمل منظمات المجتمع المدني، ودور النخب الفكرية والمجتمع الدولي في هذه المعركة المصيرية لإعادة اللحمة.

من المهم الإشارة إلى أن هذه الندوة ليست مجرد جلسة نقاش أكاديمي، بل خطوة على طريق طويل لإعادة تعريف “السوري” كشريك في المصير وليس خصماً في المعاناة. وإنها محاولة جادة لتحويل شظايا الماضي لبناء مستقبل يرتكز على متانة العلاقات الإنسانية بين أبناء البلد الواحد.

تصوير ـ صهيب عمراية

Leave a Comment
آخر الأخبار