الحرية – باسمة إسماعيل:
تواجه الزراعة في منطقة جبلة تحديات متزايدة هذا الموسم، أبرزها انتشار آفة “ذبابة الفاكهة”، التي ألقت بظلالها على محاصيل الأشجار المثمرة، وسط هذه التحديات يعبّر المزارعون عن معاناتهم المتواصلة، مؤكدين أن التنسيق الجماعي وتطبيق أساليب المكافحة المتكاملة، هما السبيل الأبرز للحد من الخسائر الزراعية.
معركة يومية ضد الذبابة
المزارع مهند شحادة من قرية الشراشير يصف الوضع قائلاً: ذبابة الفاكهة لا تظهر من البداية، لكنها تخترق الثمرة من الداخل وتدمرها دون أن تترك أي علامات خارجية في المراحل الأولى، فإذا لم يلاحظ المزارع الإصابة يخسر نصف المحصول.
أما محمد إسماعيل من قرية حميميم فيوضح: ترك الثمار المتساقطة تحت الأشجار أكبر خطأ يرتكب، لأن الذبابة تكمل دورتها فيها وتعود أقوى، لذا أحرص على فحص البستان بانتظام وأجمع أي ثمار مشكوك فيها لتقليل الإصابات.
المزارع عدنان سليمان يلفت إلى أن المكافحة الفعالة تتطلب جهداً جماعياً، قائلاً: “المصايد والمواد الجاذبة مثل هيدروليزات البروتين مهمة، لكنها لا تكفي إذا لم يتعاون الجميع، فإذا اعتنيت في بستاني وجيراني لم يفعلوا، فإن الإصابة تعود، الذبابة لا تعرف حدوداً، والتنسيق بين المزارعين هو مفتاح النجاح.
خطر بيئي واقتصادي
وفي تصريح لـ”الحرية”، يوضح المهندس باسل ديوب، رئيس دائرة الزراعة في جبلة، أن ذبابة الفاكهة تعد من أخطر الآفات الزراعية، نظراً لقدرتها العالية على الانتشار السريع وتدمير المحاصيل، حيث تشكل تهديداً مباشراً للإنتاج الزراعي، من حيث الكمية والجودة، ما يؤدي إلى خسائر اقتصادية ضخمة للمزارعين.
وأضاف: إن هذه الحشرة تصيب العديد من المحاصيل مثل الحمضيات، المشمش، الخوخ، التين وبعض الفواكه الصيفية الأخرى، وتتمثل خطورتها في أن الأنثى تضع بيضها داخل الثمرة، لتتغذى اليرقات على اللب الداخلي، ما يؤدي إلى تعفن الثمار وسقوطها المبكر وفقدان قيمتها السوقية.
الظروف المثالية للانتشار
وأشار م. باسل إلى أن الظروف المناخية السائدة في المنطقة، من ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، إلى جانب توافر العائل النباتي لفترات طويلة، توفر بيئة مثالية لتكاثر ذبابة الفاكهة. الأمر الذي يفرض على المزارعين ضرورة المراقبة الدائمة لبساتينهم، وعدم الانتظار حتى تظهر الأعراض بشكل واضح، لأن الإصابة غالباً ما تبدأ داخل الثمرة دون علامات خارجية في المراحل الأولية.
إستراتيجية فعّالة وآمنة
وفي سياق المكافحة، أوضح رئيس دائرة زراعة جبلة، أن الحل الأمثل لمكافحة ذبابة الفاكهة هو اتباع برنامج مكافحة متكاملة وآمن، يعتمد هذا البرنامج على مجموعة من الإجراءات الوقائية والميكانيكية والحيوية دون اللجوء إلى الرش الكيميائي، وذلك لحماية صحة الإنسان والبيئة، ومنعاً لظهور متبقيات ضارة في الثمار.
وتشمل الإجراءات التي يوصي بها المهندس باسل: جمع الثمار المصابة والمتساقطة بشكل دوري، وعدم تركها تحت الأشجار، إتلاف الثمار المصابة بالطمر العميق أو وضعها في أكياس محكمة الإغلاق، تقليل مصادر الإصابة داخل البستان وحوله.
والالتزام بالنظافة الزراعية ومنع تراكم المخلفات العضوية.
وأشار إلى أهمية المصائد الجاذبة، التي تعد من أهم وسائل المكافحة الآمنة، حيث تساعد في مراقبة كثافة الحشرة وتقليل أعدادها، لافتاً إلى أنه يتم توزيع مواد جاذبة تعتمد على هيدروليزات البروتين من قبل الوحدات الإرشادية الزراعية، التي تستخدم لاستقطاب الذباب البالغ والحد من انتشاره، لتحقيق نتائج أفضل في المكافحة.
التعاون أساس النجاح في المكافحة
وبيّن أن أكثر المناطق تضرراً من إصابات ذبابة الفاكهة هي قرى (حميميم، الشراشير، والبرجان)، حيث جرى تنفيذ حملات متابعة ومكافحة، بالتعاون مع المزارعين والوحدات الإرشادية.
وأوضح م. باسل أن المساحة التي تمت مكافحتها حتى الآن، بلغت نحو 275 دونماً، ضمن خطة تهدف إلى تطويق الإصابة، والحد من توسعها منع إلى مناطق أخرى.
دعوة للتعاون والالتزام
وفي ختام حديثه، شدد المهندس باسل على أن نجاح المكافحة، يعتمد بشكل رئيسي على التعاون الجماعي بين المزارعين، قائلاً: المكافحة الفردية غير كافية، التنسيق الجماعي بين المزارعين في المنطقة الواحدة هو العامل الحاسم في كسر دورة حياة الذبابة.
وأكد أن المكافحة تتطلب مراقبة مستمرة، والتزام بالتعليمات الإرشادي، والمراقبة المبكرة، والعمل بشكل جماعي واستخدام وسائل آمنة، لضمان محصول صحي وآمن يلبي متطلبات السوق، ويحافظ على استدامة القطاع الزراعي.