الحرية- جواد ديوب
رحل الباحث والمؤرخ الموسيقي عثمان حناوي شقيق المطربة الكبيرة ميادة الحناوي يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025، بعد معاناة ومعاندة طويلة مع غسيل الكِلى.
الخبرُ قد يبدو عادياً لمن لا يعرفونه، خاصة مع زحمة أخبار الموت وفقدان الأحبة ورحيل الكثير من القامات الفنية هنا وهناك، لكن للراحل محبين كثراً ودّعوه بكلماتِ رثاء مؤثرة، تجعلنا نعيد في ذاكرتنا كم كان الراحل عثمان حناوي يشبه مغارة كنوز موسيقية ولآلئ أغنياتٍ نادرة سجل ونشر العديد منها في الاستديو الخاص به في منطقة الجسر الأبيض، لكن كثيرين لم ينتبهوا لها.
ذكراك محفورة للأبد!
المطربة ميادة حناوي رثت شقيقها الذي رافقها في رحلة عمر طويلة وكان أقرب إلى مدير أعمالها ومؤرشف لقاءاتها مع الملحنين الكبار أمثال بليغ حمدي ومحمد سلطان… وكتبت كلمات قليلة لكنها تختزنُ حرقة الأخت وحزنَ رفيقة الدرب:
“أخي عثمان ورفيق دربي وسندي بالحياة، يا من فارقتني ورحلت لجوار ربّك، لقد خلّفت وراءك الكثير من الأشواق والأحزان، تركتها بحجمٍ لا يمكن أن تنهيه السنين، ذكراك محفورةٌ للأبد في القلب والعقل، نسأل الله أن يرحمك ويغفر لك.”
“رح نشتقلك كتير”!
أما الإعلامية هيام حموي التي صاغت معه أجمل البرامج الإذاعية مثل “نثرات من ذهب الزمان” يضيئان فيها على جواهر حياة المطربين العرب ويضيئان ليالي مستمعيهم ومحبي الطرب، الحموي كتبت على صفحتها الخاصة: “عثمان الغالي، لقد منحتني ثروةً هائلة من نثراتِ ذهبِ الزمان تكدست في الوجدان مع مرور الأيام؛ نثرات من دهب حلب ٢٤ قيراطاً؛ أفخر الأنواع. غمرتنا -المستمعين وأنا- بعطائك الذهبي الأصيل بكل كرم.”
الإعلامية الحموي تتأسى وتتعزى عن غياب الراحل الحناوي باستحضار جو المحبة الغامرة التي نثراها معاً عِبر الإذاعة ربما في محاولةٍ منها أن تقول لنا إنّ رحيل الأحبّة يجب ألّا ينسينا حلاوتهم وحلاوة روحهم وخفة دمهم، والطاقة الإيجابية التي كان يُشيعها عثمان حناوي في حديثه عن العملاقة الذين عاصرهم، تُكمل الحموي وتختم منشورها:
“القدرُ ارتقى بك نحو “السحاب” كما كنتَ تسميه، حيث ستلتقي بمن كنت تسميهم “العمالقة” أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش وصديقك الشخصي بليغ حمدي… أمانة تسلّم لي عليهم… ورح نشتقلك كتير كتير”.
كان زمناً جميلاً!
انشغل الراحل عثمان حناوي بأرشفة ما كان يسميه “أغنيات الزمن الجميل” وكان له عتبٌ كبير على الإذاعات الرسمية والخاصة التي أهملت الكنوز الموسيقية لذلك الزمن والتفتت لما يعتقدون أنه الذوق المعاصر والدارج… لذلك كرس الحناوي العديد من أيامه في إقامة أمسيات ثقافية برفقة المهندس والباحث إيهاب مرادني يوضحان فيها بالصوت والصورة عظمة محمد عبد الوهاب وتميز فريد الأطرش وندرة أسمهان وعبقرية بليغ حمدي وغيرهم، بعض تلك الأمسيات كانت في المنتدى الاجتماعي العريق في منطقة الطلياني بدمشق وبعضها في مراكز ثقافية.
المهندس مرادني رثى صديقه الحناوي وتحدث عن آخر تعاون بينهما قبيل رحيله إذ كانا يحضّران برنامجاً تلفزيونياً بعنوان “أسرار الزمن الجميل”، قال عنه مرادني: “هي تجربةٌ أمتعتني جداً خاصةً أني كنت أحاور إنساناً أكثر من رائع بحضوره المميز هو الباحث الموسيقي الراحل عثمان الحناوي، وقد حلّقنا معاً في فضاء أسرار ونوادر كبار الفن والنغم.”
يذكر أن نقابة الفنانين نعت الراحل، كما نشرَ كثيرٌ من الموسيقيين السوريين والإعلاميين والفنانين لقطاتٍ ومحطات وصوراً نادرة من ذكرياتهم مع الراحل عثمان وأختيه؛ القديرة ميادة حناوي والمطربة الراحلة فاتن حناوي.