الحرية- عمار الصبح:
يشتكي أصحاب سيارات وآليات من ارتفاع أجور الصيانة والتصليح بالتزامن مع ثبات أسعار قطع الغيار دون تسجيل أي انخفاض، وهو ما أثار استغراب كثيرين، وخصوصاً بعد الانخفاض الذي سجله سعر الصرف، والذي كان يضعه أصحاب ورش التصليح سابقاً في قائمة أعذارهم ومبرراتهم أثناء الحديث عن ارتفاع أجورهم.
أصغر عطل قد يكلف ما بين ٧٥ و١٠٠ ألف ليرة في حال لم يكن يتطلب استخدام قطع غيار، وقد تصل التكلفة إلى الملايين إذا كان ثمة عطل في المحرك
مواطنون أشاروا في حديثهم لصحيفة “الحرية”، إلى أن ارتفاع سعر صرف الليرة أمام الدولار كان من المفترض أن ينعكس إيجاباً على أجور الإصلاح وقطع الغيار، ولكن التكاليف ظلت على حالها دون تغيير، في وقت لا يزال فيه أصحاب محال صيانة السيارات متمسكين بأجورهم المرتفعة.
وبيّن عدنان الياسين من بلدة القنية في ريف درعا الشمالي، أن أصغر عطل في السيارة يُكلف ما بين ٧٥ و١٠٠ ألف ليرة، وقد لا يتطلب التعامل معه سوى وقت قصير فقط، هذا إذا كان العطل لا يستدعي استخدام قطع غيار، وقد تصل التكلفة إلى الملايين إذا كان ثمة عطل في المحرك.
وأضاف: قبل بضعة شهور كانت تكلفة تغيير «صحن الدبرياج» على سبيل المثال تصل إلى المليون ليرة، على اعتبار أن قطع الغيار كانت مرتفعة ومتأثرة بأسعار الصرف كما كان يتذرع أصحاب ورش التصليح، أما اليوم ومع انخفاض قيمة الدولار بمعدل ٣٠٪ لا تزال التكلفة على حالها”.
أجور مرهقة
ما يقال عن الميكانيك ينسحب على أجور الكهرباء والدوزان والتصويج وتغيير الزيت والإطارات، وغيرها من تفاصيل إصلاح السيارات التي باتت مرهقة ولا تتناسب مع الانخفاض الكبير الذي سجلته أسعار السيارات المستعملة بعد السماح باستيراد السيارات.
ويرى مجد العمار صاحب سيارة من نوع “كيا” أن أصحاب السيارات المستعملة هم الأكثر عرضة لارتفاع أجور الصيانة، فعلاوة على انخفاض أسعار سياراتهم بمعدل ٤٠٪ تأتي أجور الصيانة لتزيد الطين بلة، حسب وصفه.
وأضاف: “كثيرون باتوا لا يرون جدوى من إصلاح سيارتهم، لذلك لم يعودوا يلقون بالاً للأعطال الصغيرة إلا إذا تفاقمت ووصلت إلى الحد الذي لم يعد ثمة بدٌ من إصلاحها، عندئذٍ فليس هناك خيار سوى الإصلاح أياً كانت التكاليف، أو بيع السيارة على عطلها للتخلص من أعباء الصيانة”، داعياً إلى تشديد الرقابة على ورش الصيانة وفرض تعرفة محددة كأجور للإصلاح بدل أن يترك الحبل على الغارب لهم، على حد قوله.
الانخفاض الكبير في أسعار السيارات المستعملة ضاعف خسائر أصحابها… وارتفاع تكاليف الصيانة أثقل كاهلهم
ليس ذنبنا..!
على الضفة الأخرى يرفض أصحاب ورش الصيانة فكرة تحميلهم المسؤولية عن ارتفاع التكاليف، فثمة، حسب رأيهم، عوامل كثيرة تلعب دوراً في “اللعبة” المتعددة الأوجه والأشكال والأطراف.
يؤكد أبو حسين صاحب ورشة للميكانيك في مدينة الصنمين، أنه يجب النظر إلى الموضوع من أكثر من زاوية، فالتحسن الذي شهده سعر صرف الليرة انعكس فعلياً على قطع غيار السيارات والتي انخفضت أسعارها، ولكن بنسب أقل من معدل التحسن في سعر الصرف، إذ لا تزال هذه القطع في قبضة التجار وأغلب قطع الغيار يتم إحضارها من دمشق.
أما أجور الصيانة حسب الميكانيكي، فهي ليست خاضعة بالمجمل لأسعار الصرف، إذ إن هناك جملة من التفاصيل التي تحكم هذه الأجور، منها ارتفاع أجور المحال وارتفاع أجور العمال المساعدين وندرتهم نتيجة هجرة الكثيرين منهم خارج البلاد، فضلاً عن أسعار عدة الصيانة التي لا تزال مرتفعة.
وحول تأثير السيارات المستوردة على حرفة إصلاح السيارات، أوضح صاحب الورشة أنه وعلى عكس المتوقع ارتفع الطلب على عمليات إصلاح السيارات، وخصوصاً أن القسم الأكبر من السيارات القادمة من خارج البلاد هي مستعملة بالأساس وليست قادمة من بلد المنشأ، وتبيّن أنها مستهلكة وتحتاج إلى عمليات صيانة متكررة، بل وأكثر من تلك الموجودة داخل البلاد، لافتاً إلى أن ما يزيد الأمر تعقيداً هو أن بعض السيارات الداخلة لا تتوافر لها قطع تبديل داخل سوريا، وتتم “التوصية” عليها من لبنان أو من قبل تجار احتكروا تجارة هذه القطع، ما رفع من أسعارها بشكل مضاعف.
العقد شريعة المتعاقدين
وفيما يطالب أصحاب السيارات بضرورة تشديد الرقابة على حرفيي صيانة السيارات وإلزامهم بأجور محددة منعاً لحدوث حالات استغلال، يرى البعض أن فكرة الإلزام ووضع لائحة أسعار تحدد أجور مهن صيانة السيارات والآليات تكاد تكون صعبة إلى حد ما، وهذا ما يؤكده مهندس وخبير في صيانة السيارات.
ويبين الخبير – الذي فضّل عدم الإفصاح عن اسمه- أن تحديد أجور الصيانة يحتاج لدراسة مستفيضة ومعقدة بعض الشيء، لأن هناك تفاصيل كثيرة وقطعاً متنوعة في عمل صيانة السيارات، والأمر يحتاج إلى تبيان تفاصيل كل قطعة للوصول إلى لائحة محددة للأجور بشكل مفصّل، مع الأخذ بعين الاعتبار نوع السيارة وسنة تصنيعها، فكل نوع تختلف تفاصيله عن النوع الآخر، وكذلك تختلف الأمور في حال كانت السيارة من الطراز القديم أم الحديث، أي أننا أمام عشرات الأنواع من السيارات الموجودة في السوق مع اختلاف تفاصيل كل منها، لافتاً إلى أن أمراً كهذا يلزمه لوائح أجور متعددة وليس لائحة واحدة، ما قد يُدخل الجميع في متاهات كثيرة.
ويؤكد المهندس أن”العقد شريعة المتعاقدين” لذلك يجب أن يسأل صاحب السيارة عن الأجور مسبقاً قبل أن يشرع صاحب الورشة بعمله، وله أن يسأل ويستفسر ويستقصي عن سعر القطع وأجور الصيانة في أكثر من محل، وبعدها يختار الأنسب له ولإمكاناته المادية.