رغم بقائها خارج استطاعة معظم المستهلكين.. توقعات بقفزات جديدة في أسعار “البالة” بعد القرارات الجديدة

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية- إلهام عثمان:
رغم دخولها بشكل غير نظامي، تظهر بسطات البالة كحل بديل لا يمكن إنكاره، فهي ليست مجرد أكوام من الملابس المستعملة، بل متنفس حيوي للطبقة محدودة الدخل، إذ إنها فرصة للعثور على دفءٍ في ثيابٍ مستعملة، وفرصة لإعادة تدوير الحياة نفسها، محولةً ما يعدّ “بقايا” لدى البعض إلى كنزٍ ثمين لدى آخرين.

صحيفة الحرية قامت بجولة استقصائية على عدد من تجمعات بسطات الألبسة الأوروبية المعروفة بـ”البالة”، والتحدث مع أكثر من بائع لمعرفة أسباب الارتفاع النسبي في الأسعار، بعدما كانت تعرض بأسعار زهيدة بل ومناسبة جداً للراغبين فيها.

على أرض الواقع
وفي هذا السياق، تحدث أحد أصحاب البسطات، مشيراً إلى التحديات التي يواجهها التجار في سوق البالة، أنه بعد سقوط النظام كان التجار يدخلون البضائع من دون دفع الرسوم الجمركية، لذا فأي مربح كان هو جيد، أما الآن وبعد فرض الرسوم الجمركية في منطقة سرمدا، للحاوية الواحدة القادمة من ساحل اللاذقية 4500 دولار، فلم يعد بالإمكان إدخال كميات كبيرة منها، وبالتالي فإن ذلك سيؤدي لانخفاض استيرادها.

ارتفاع رسوم البضائع من 1200 دولار لتصبح 4000- 4500 دولار للطن الواحد

بينما أضاف آخر: بعد سقوط النظام السابق، كان سعر البالة الواحدة أو ما يسمى بـ” الرصة” التي يبلغ وزنها 40 كيلوغراماً، 400 دولار، بينما أصبح بعد فرض الرسوم الجمركية 125-200 دولار للرصة، وتبلغ تكلفة التوصيل من إدلب لدمشق إلى 60-70 دولاراً وفقاً لقوله.
وفي تصريح مماثل، أفاد أحد الباعة بأنهم حالياً، يدفعون رسوماص للبضائع بقيمة 1200 دولار للطن، لافتاً إلى أنه تم إنذارهم وإعطاؤهم مهلة من قبل الجمارك، أقصاها لـ(20 الشهر الجاري)، ومن ثم سترتفع الرسوم الجمركية لتصبح 4000- 4500 دولار للطن الواحد، وفي تلك الحالة سيصبح سعر القطعه التي كانت تباع قبل هذه المهلة بـ 30 ألفاً 80 ألف ليرة (كمثال)، وتلك المهلة لا تنطبق فقط على الألبسة الأوروبية، بل تطول كلّ ما هو داخل للحدود السورية تحت مسمى أوروبيات وتشمل: المعلبات والأغذية والأحذية والألعاب.
وهنا أكدت إحدى المتسوقات، وهي موظفة في شركة خاصة، أنه بالرغم من الفوضى التي تسببها البسطات بمختلف أشكالها، إلّا أنه لو تمّ تنظيمها بشكل أفضل، فهي حكماً جيدة للكثيرين، ولاسيما أنها تتماشى مع تلبية حاجاتهم، خاصة أن المواطن يسعى جاهداً للتوفير بشتى الطرق بغية الاكتفاء المؤقت.

التأثر بسعر الصرف
وهنا يشرح عبد الرزاق حبزة، أمين سر جمعية حماية المستهلك، في تصريح لصحيفة الحرية، أنّ سبب ارتفاع أسعار البالة يعود لتأثره بشكل كبير بسعر الصرف وتذبذبه، وأن جميع البضائع التي تدخل للشمال السوري والتي تعدّ المصدر الرئيس لها، هي غير نظامية ومهربة.
حبزة أشار إلى أن جميع البضائع المهربة لا تخضع للتسعيرة الرسمية، ولا تترتب عليها بيانات أسعار، لكونها غير نظامية بالكامل، كما تتفاوت كميات المواد حسب الطلب، ما يعكس تقلبات السوق.
وفي سياق حديثه، لفت إلى أنه بالرغم من تكليف الجمارك في منطقة سرمدا بفرض رسوم على هذه المواد والبضائع، إلّا أنه ما زالت مقبولة، ورغم أن التجار يتحملون الرسوم المفروضة، إلّا أنّ هذه المبالغ تبقى أقل بكثير من الجمارك التي كانت تفرض ما قبل الأحداث الأخيرة في سوريا، وبعد تلك الأحداث، استطاع التجار إدخال البضائع من دون قيود، ولكن الوضع تغير مؤخراً مع تنفيذ تكليفات جمركية منخفضة نسبياً.

نافذة توفير
من جهته كشف لؤي موسى، تاجر بالة، بأن سوق “البالة” يعد في سوريا بمثابة نافذة توفر خياراً اقتصادياً مهماً للفئة الأوسع من المواطنين، حيث يتيح لهم الحصول على الملابس بأسعار مقبولة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. ومع ذلك، تواجه هذه السوق عقبات متعددة، أبرزها الرسوم الجمركية التي بدأت ترتفع والتي ستؤثر سلباً على قدرة التجار على استيراد المنتجات بطريقة قانونية، ما يؤدي إلى تناقص الكميات المستوردة منها وبالتالي ارتفاع أسعارها على المستهلك.

إستراتيجيات “متوازنة”
لتحسين وضع سوق البالة وتعزيز قدراته، حسب رأي موسى، يجب أن تتبنى الجهات المعنية إستراتيجيات فعّالة ومدروسة ومتوازنة، تشمل تخفيض الرسوم الجمركية لتعزيز الاستيراد وتنويع الكميات المعروضة، وهذا سيمكن التجار من تقديم أسعار تنافسية، ما يعود بالنفع على المستهلكين وقدراتهم الشرائية.
علاوة على ذلك، يجب أن يتم دعم المصانع المحلية وفق رأيه، من خلال تقديم الحوافز اللازمة، ما يسهم في تشجيع الإنتاج المحلي ويزيد من التنافسية، حيث ستساعد هذه المبادرات في توفير خيارات متميزة بجودة عالية وبأسعار مناسبة للجميع.
لافتاً لأهمية تعزيز الوعي بين المستهلكين حول أهمية شراء المنتجات المحلية، إذ سيسهم ذلك في دعم الاقتصاد الوطني وزيادة القدرة التنافسية.

تباين أسعار
ومن المثير للجدل، أنّ أسعار البالة، رغم انخفاضها، لا تزال مرتفعة بالنسبة لذوي الدخل المحدود، وهنا أوضح حبزة أنّ ارتفاع الأسعار يتبع لجودة البضائع، حيث صنفها لثلاث درجات: نخب أول وثانٍ وثالث.
وأما عن تباين الأسعار في البالة، فمثلاً كان سعر بنطال الجينز 50-175 ألفاً، والبنطال “الليكرا” 40-60 ألفاً، البيجامه القطن 40-50 ألفاً، كنزات رجالي 35-150ألف ليرة، فستان 150-300 ألف ليرة، ألبسة أطفال بمختلف اشكالها 50-125 ألفاً، شراشف “مجوزة” 150-800 ألف ليرة، جاكيت رجالي 50-250 ألفاً.
أما الآن فأصبحت: بنطال الجينز يتراوح بين 20-40 ألف ليرة، وليكرا 10-25 ألف ليرة، البيجامة القطن 10-20 ألفاً، في حين بلغ سعر الشراشف ومنها الفرو ابتداءً من 25 حتى500 ألف ليرة، والجاكيت الرجالي 25- 75 ألفاً، والكنزات 10-25 ألف ليرة، أما ألبسة الأطفال 10-20 ألف ليرة.

السهل الممتنع
وهنا يتضح أنّ سوق البالة، يواجه العديد من التحديات، ما يؤثر بشكل مباشر على الأسعار والقدرة الشرائية للمواطنين، فعلى البرغم من انخفاض الأسعار إلّا أنّ الدخل محدود، لذا، وهنا نسلط الضوء على ضرورة تحقيق إستراتيجية متوازنة للجميع من قبل الحكومة، وإيجاد حلول فعّالة لضبط السوق، آخذين بالحسبان تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بما يحفظ لهم كرامتهم.

Leave a Comment
آخر الأخبار