رفع العقوبات الأمريكية يؤسس لمرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي السوري على العالم

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – مايا حرفوش:
أكد الخبير الاقتصادي إيهاب اسمندر أن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا (بعد اكتماله) يؤسس لمرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي السوري على العالم، حيث سيؤثر بشكل مباشر في حركة السلع وتكاليف الاستيراد، مع إتاحة فرص استثنائية لعدة قطاعات حيوية للنهوض مجدداً، فخلال فترة العقوبات اعتمدت التجارة السورية وحركة السلع مع العالم على القنوات غير الرسمية بشكل أساسي، وعزلة عن النظام المالي العالمي (بما في ذلك السويفت) ومع رفع العقوبات ستكون هناك عودة كاملة للتعاملات المالية النظامية بين سوريا وبقية الدول، وانفتاح على الأسواق العالمية، وتسهيل سلاسل الإمداد.
موضحاً أن الولايات المتحدة وبموجب عقوباتها المفروضة على سوريا، كانت تحظر تصدير السلع المدنية بشكل شبه شامل إلى سوريا بموجب لوائح العقوبات، وبرفع العقوبات سيصبح هناك سماح بتصدير جميع السلع بما فيها البرمجيات والتقنيات الأمريكية ذات الاستخدامات المدنية دون الحاجة لتراخيص مسبقة.

د. اسمندر: مع رفع العقوبات ستكون هناك عودة كاملة للتعاملات المالية النظامية بين سوريا وبقية الدول وانفتاح على الأسواق العالمية

أما ما يتعلق بتكاليف الاستيراد فبسبب العقوبات اعتمدت سوريا على بدائل أقل جودة وأعلى تكلفة، ومع القيود المالية وعدم إمكانية التعامل بالقنوات الرسمية ارتفعت التكاليف بشكل ملحوظ عليه ومع رفع العقوبات ستنخفض التكاليف التي سببها التعامل غير النظامي (أي بنسبة 30%) وهذا ليس الجانب الأهم بل سيؤدي رفع العقوبات إلى وصول معدات أكثر موثوقية من مصادرها الأصلية.
وفيما يتعلق بالقطاعات الأكثر استفادة مباشرة، بيّن د. اسمندر أنه وبحسب الرخصة العامة الأمريكية، سيكون مسموح تصدير السلع والخدمات ذات الاستخدام المدني البحت، ما يفتح الباب أمام إدخال التقنيات والسلع الأمريكية بشكل مباشر إلى سوريا في القطاعات التالية:
-التكنولوجيا والاتصالات (سيصبح بإمكان الأفراد والشركات الوصول إلى البرامج والتقنيات الأمريكية الأساسية /مثل أنظمة التشغيل “ويندوز” و”أندرويد”، وبرامج التصميم “أوتوكاد”)، ما سيدعم تطوير البنية التحتية التكنولوجية وقطاع الاتصالات.
-الطيران المدني (يسمح القرار باستيراد المواد والتجهيزات المرتبطة بالطيران المدني، وهو ما سيسهم في إعادة تأهيل وتطوير المطارات والخدمات اللوجستية).
-الطاقة والبنية التحتية (من المتوقع أن يشهد قطاعا النفط والغاز استفادة كبيرة، مع إمكانية دخول شركات أجنبية للعمل في مجالات التنقيب، وإدخال تقنيات متطورة لإعادة بناء الحقول النفطية ومعالجة مشاكل المياه).
-المعدات الصناعية والزراعة (سيتمكن القطاع الصناعي من استيراد الآليات والمعدات المتطورة بشكل مباشر مع خدمات الصيانة والتحديث، كما سيدعم القطاع الزراعي من خلال إدخال تقنيات جديدة في مجالات الري وتطوير البذور).
وعليه، تشكل هذه الخطوات بداية مسار إصلاحي طويل، ولتحقيق أقصى استفادة منها فإن لذلك متطلبات، منها: استكمال الإصلاحات المالية والمصرفية، وتحسين بيئة الأعمال، وبناء مؤسسات اقتصادية قوية لاستعادة ثقة المستثمرين المحليين والأجانب.
ونوه د. اسمندر بأن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا شكّل بالفعل “إشارة ثقة” قوية للمستثمرين، وقد بدأت تظهر انعكاساتها الملموسة على سلوك الشركات الدولية والأمريكية، والتي تتراوح بين استعداد فوري للدخول إلى السوق وترقب حذر لاستكمال ضمانات البيئة الاستثمارية الداخلية، اذ شهد القطاع المالي والمصرفي (عقد اجتماعات مع بنك JPMorgan Chase)، وعودة ظهور المصرف المركزي السوري في نظام SWIFT، واهتمام شركات مثل Visa و Mastercard.
وشهد قطاع النفط والغاز والطاقة (عقد لقاءات مع شركات كبرى مثل Halliburton، Baker Hughes، SLB، Chevron، BP، TotalEnergies، و Shell)، أما قطاع النقل والطيران (فهناك إمكانية حصول شركات الطيران على قطع الغيار القانونية والمعتمدة من إيرباص وبوينغ للمرة الأولى منذ سنوات).
وشهد قطاع الاتصالات والتكنولوجيا (تأسيس أول استثمار أمريكي مباشر في سوريا عبر شركة Tecore Telecom لشبكات الاتصالات)، وفيما يتعلق بالبنية التحتية والخدمات (فهناك توقعات بمشاركة شركات في مجالات الكهرباء، المياه، الصرف الصحي، والإسكان).

رفع العقوبات كـ”إشارة ثقة”

وبحسب د. اسمندر فإن رفع العقوبات يشكل إشارة سياسية واقتصادية واضحة للمستثمرين، تزيل عائق المخاطر القانونية الأولي وتفتح الباب للتفاعل الاقتصادي، وقد تجسدت هذه الإشارة عبر الاستجابة السريعة للسوق (لوحظ تحسن فوري في قيمة الليرة السورية بعد الإعلان عن رفع العقوبات، ما يعكس تغيّر توقعات السوق وسلوك المضاربين)، وإعادة الدمج المالي (عودة المصرف المركزي السوري والمصارف الأخرى إلى نظام التحويلات المالي العالمي SWIFT، وهي خطوة فنية بالغة الأهمية لتسهيل أي معاملات تجارية ومالية لاحقة)، وتكوين دبلوماسية اقتصادية جديدة (بروز أدوار تنسيقية جديدة، مثل مجلس الأعمال الأمريكي-السوري، الذي يعمل كجسر لتعزيز الثقة وتسهيل اللقاءات بين صنّاع القرار في البلدين).

Leave a Comment
آخر الأخبار