شرط وجود بيئة ضامنة.. رفع العقوبات يمهد لفرص استثمار كبيرة في سوريا

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – فادية مجد:

تطرح ضرورات توفير شروط التعافي الاقتصادي في سوريا نفسها بقوة على السوريين، مع نجاح جهود رفع العقوبات الدولية، وهو ما يتطلب بالدرجة الأولى العمل على توفير شروط بيئة استثمارية داخلية تضمن الأمان والثقة.
فالمستثمر لا يبحث فقط عن فرص، بل عن استقرار قانوني ومؤسساتي يحمي مصالحه ، ومن هنا تبرز الحاجة إلى إصلاحات فعلية تتجاوز الوعود ، فالاستثمار لا يُستدعى، بل يُحفز عبر بيئة جاذبة ومستقرة.
يرى الكاتب والمحلل السياسي نزار فجر بعريني أنه من الضروري معرفة الفرق بين رفع العقوبات وتوفير بيئة استثمارية ضامنة ، فرفع العقوبات على المستوى القانوني والمالي ، يعني إزالة القيود التي فرضتها دول مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مؤسسات الدولة السورية أو على الأفراد والشركات داخلها ، وتشمل هذه العقوبات عادة حظر التحويلات البنكية الدولية، وتجميد أموال مسؤولين أو رجال أعمال، ومنع استيراد أو تصدير سلع معينة، وحظر الاستثمار أو التعامل التجاري مع جهات سورية.
ولفت بعريني إلى أن رفع هذه العقوبات يعني السماح بإجراء التحويلات البنكية، وتحريك رؤوس الأموال المجمدة، وتسهيل التصدير إلى سوريا، وتمكين الشركات والبنوك الأجنبية من التعامل معها دون خوف من التعرض لعقوبات دولية.
و السؤال الذي يطرح نفسه؛ هل رفع العقوبات يعني أن المستثمرين سيأتون فوراً ؟
هنا تتبيّن أهمية توفير بيئة سورية استثمارية ضامنة، وهي بيئة لا تُبنى فقط على رفع العقوبات، بل على شروط داخلية تتعلق بالوضع السوري الخارج من حقبات طويلة من الاستبداد والحروب، والذي يواجه تحديات إعادة توحيد الجغرافيا والسلطة ، موضحاً أن هذه الشروط تشمل استقراراً سياسياً وأمنياً يضمن عدم وجود حرب أو مخاطر على الممتلكات، وشفافية قانونية تحمي المستثمر من الفساد أو المصادرة، ونظاماً قضائياً مستقلاً ، يمكنه حل النزاعات بعدالة، وبنية تحتية وخدمات فعالة مثل الكهرباء والإنترنت والنقل، بالإضافة إلى ثقة بالعملة المحلية واستقرار اقتصادي.
و من المهم أن نعي أن هذه العوامل غير مرتبطة مباشرة بظروف رفع العقوبات، ولا يمكن للعقوبات الخارجية وحدها أن تغيّرها، لأنها تتعلق بسياسات النظام الداخلي وإدارة الدولة، لذلك أرى أنه من الممكن وضع خارطة طريق عملية ومفصلة لخلق بيئة استثمارية ضامنة، قابلة للقياس، مع أولويات زمنية، تتضمن إجراءات قابلة للتنفيذ من قبل جميع الأطراف المعنية، على صعيد الحكومة، والمؤسسات، والسوق، والمستهلك.
واقترح بعريني ستة إجراءات فورية ينبغي على الحكومة العمل عليها وهي إصدار بيان عام يضمن حماية الأرباح وعدم المصادرة لمدة محددة، إطلاق نافذة إلكترونية موحدة لتسجيل الشركات وتراخيص الاستثمار، تشكيل لجنة تحكيم تجارية مستقلة تعمل فوراً، تقديم حزمة حوافز ضريبية واستيرادية لقطاعات ذات أثر سريع مثل الطاقة والاتصالات والغذاء، فتح خط اتصال مباشر مع غرفة تجارة دولية أو مجلس أعمال إقليمي لبناء قنوات ثقة، وإطلاق حملة شفافية علنية تتضمن نشر قواعد الاستثمار وحالات استرداد الأموال والشكاوى المحلولة.
ونوه بعريني بأنه في المبادئ العامة، يحتاج الاستثمار إلى أمان قانوني وأمان فعلي (أمن وممتلكات) وعوائد متوقعة مع مخاطرة مقبولة .
وختم بعريني بالقول إنه لا تنحصر المخاوف بمستوى الوعي الحكومي لشروط نجاح بيئة استثمارية ضامنة وآمنة، بل بقدرتها وجديتها على القيام بإصلاح داخلي يشجع ويجذب المستثمرين فعلياً، ويوفر شروطاً تجعل الاستثمار آمناً ومربحاً ، فالضمان الحقيقي ليس وعداً واحداً، بل سلسلة إصلاحات ومؤسسات تعمل باستمرار، ويمكن تحقيق ثقة المستثمرين خلال سنوات إذا توفرت الإرادة السياسية والشفافية ومؤسسات فعالة .

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار