ثقة واستقرار… سوريا تطلق العملة الجديدة بحضور الرئيس الشرع

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – آلاء هشام عقدة:
شهدت سوريا أمس حدثاً اقتصادياً بارزاً يتمثل في الانطلاقة الرسمية لإطلاق العملة السورية الجديدة، بحضور السيد الرئيس أحمد الشرع، في خطوة وصفها الخبراء بالعملية والرمزية في آن واحد. يأتي هذا الإصدار في توقيت حساس بعد سنوات من التحديات الاقتصادية والمالية، حيث يسعى إلى تنظيم السوق وتعزيز الثقة بالليرة السورية، وتسهيل التعاملات اليومية للمواطنين.
وأكد الرئيس الشرع أن الاقتصاد السوري يسير بخطى ثابتة، مشدداً على أن ثماره الإيجابية ستظهر تدريجياً، وأن البلاد تخوض مرحلة جديدة بعيدة عن تقديس الأشخاص. وأوضح أن العملة الجديدة ركزت على تمثيل السلع والخدمات المتوافرة في الدولة السورية، ما يجعلها خطوة عملية ورمزية في الوقت نفسه.
وأضاف: الإصدار يهدف إلى تسهيل التعاملات اليومية وتنظيم السوق، وليس لتحسين الاقتصاد بشكل مباشر، وإنما لتعزيز الثقة والشفافية، مشدداً على ضرورة الاعتماد على مصرف سوريا المركزي كمصدر رسمي للمعلومة والابتعاد عن الإشاعات.

استبدال العملة: خطوة عملية ورمزية للتداول اليومي

تأتي العملة الجديدة مع حذف صفرين من الفئات النقدية، وتغيير شكل الأوراق القديمة التي كانت تحمل رموز النظام السابق، في مسعى واضح لإزالة رموز الماضي المرتبطة بمنظومة فساد طويلة، وتقديم أداة عملية تسهل التداول اليومي.
هذا التغيير لا يقتصر على الشكل فقط، بل يحمل أهمية عملية كبيرة للمواطن والأسواق، إذ سيقلل الحاجة إلى حمل كميات كبيرة من النقد، ويخفف التعقيدات المرتبطة بالمعاملات اليومية والتجارية. فمثلاً، المليون ليرة السابقة، والتي كانت تساوي حوالي ٩٠ دولارًا، كانت تتطلب حمل ٢٠٠ قطعة نقدية من فئة ٥٠٠٠ ليرة، بينما الآن ستكفي ٢٠ قطعة من فئة ٥٠٠ ليرة الجديدة، ما يسهل حركة التجارة الصغيرة والكبيرة على حد سواء.

نجاح الإصلاح مرتبط بالتوازن النقدي والإنتاج الوطني

الخبير الاقتصادي وعضو جمعية المحللين الماليين الدكتور فراس حداد يؤكد أن استبدال العملة خطوة مهمة ضمن استراتيجية الإصلاح الاقتصادي، لكنه يحذر من أن نجاحها مرتبط بعدة عوامل حاسمة. يقول حداد:
يجب تهيئة الظروف المناسبة لضمان استقرار الكتلة النقدية، حتى لا تشكل السيولة عاملًا يقيّد النشاط الاقتصادي في حال نقصانها، ومن جهة أخرى، لا تؤدي زيادتها إلى عودة التضخم وفقدان النمو الحقيقي. هذا فيما يتعلق بدور الكتلة النقدية كأحد الوسائل النقدية، أما العملة بحد ذاتها فلها وظيفة تسهيل التداول وحذف صفرين سيؤدي إلى ذلك، إذ سيتم إصدار فئات بقيمة أعلى أمام الدولار، مثل فئة ١٠٠ ليرة الجديدة التي تساوي حوالي ٢.٢٥ دولار، و٥٠٠ ليرة التي تساوي حوالي ٤.٥ دولار، في حين كانت أعلى فئة فيما سبق ٥٠٠٠ ليرة تساوي أقل من نصف دولار.
وأضاف حداد، هذا التغيير سيسهل التداول بشكل كبير، فالمليون ليرة سابقًا كانت تحتاج إلى حمل ٢٠٠ قطعة نقدية، أما الآن فستكفي ٢٠ قطعة من فئة ٥٠٠ ليرة الجديدة.
ونطمح أن يكون عاملاً إيجابياً مثلما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية عند استبدال المارك الألماني، ما أعطى نوعاً من الثقة والإيجابية لدى المتداولين وقادة النمو الاقتصادي.
ويشير حداد إلى أن استبدال العملة السورية ليس مجرد إجراء رمزي، بل هو خطوة عملية ضمن مسار الإصلاح الاقتصادي، مع الأخذ بعين الاعتبار تغيير شكل العملة القديمة التي كانت مرتبطة بذاكرة السوريين لمنظومة فساد طويلة، ما يجعل هذه الخطوة عملية ورمزية في آن واحد، ويؤكد أن نجاحها يتطلب متابعة مستمرة لضمان استقرار الأسعار ودعم القدرة الشرائية للمواطنين.

المواطن والسوق: انعكاسات ملموسة للتغيير

التجربة اليومية ستشهد آثاراً مباشرة: من تسهيل معاملات البيع والشراء، وتقليل تعقيدات النقود الورقية، إلى تعزيز الثقة لدى التجار والمواطنين على حد سواء. فالتعامل اليومي مع فئات أعلى يجعل الحركة المالية أكثر انسيابية، ويسهل التسويات المالية الصغيرة والكبيرة، ويخفف الضغط على المحافظ والمحال التجارية.
كما أن التغيير الرمزي في تصميم العملة، بعيداً عن رموز النظام السابق، يعكس رغبة الدولة في إعادة الثقة للمواطنين، وربط الإصلاح النقدي بمفهوم الشفافية والإدارة الاقتصادية السليمة، بعيدًا عن الموروثات السابقة المرتبطة بالفساد.

Leave a Comment
آخر الأخبار