الحرية– مها سلطان :
..هذه سوريتنا الجديدة وهي تواصل بثقة ودأب حالة صعود نهضوي كبير. هوية وبناء، وطناً ومواطنة، التحديات الآمال، الطموحات والبناء. سورية التي نستحق وتستحق أن نعمل في كل لحظة لإنجاز وإنجاح مرحلة التحول الكبرى التي خطتها الثورة في 8 كانون الأول الماضي، لتصبح كاملة الأركان، فلا ترتفع مجدداً أعمدة الاستبداد ولا تعلو الصور النمطية لتأليه القيادات والسياسات.
سوريا بهوية رسمية جديدة بدءاً من هذه اللحظة.. هوية بصرية فارقة خُطت بحبر الألم مع الأمل لتخليد اللحظة التاريخية الفارقة بعيداً عن إرث الماضي المثقل، وتطلعاً لوطن العدالة والحريات، المستقبل الآمن الزاهر.. ومواطنة أصيلة تمثله وتتناغم مع تطلعاته نحو مكانته المستحقة بين الأمم والدول.
– القوة والعلو
نجوم وعُقاب، يظللون سوريا بالقوة وبالعلوّ. شعار اختارته ليكون هويتها الوطنية والسيادية، وليكون جامعاً لكل السوريين تحت جناحي وطن لا يقبل القسمة والتقسيم، وجاهز لكل التحديات.
ستنسحب هذه الهوية البصرية الجديدة على كل الرموز السيادية، على العملة الوطنية، والوثائق الرسمية، وجوازات السفر، وبطاقات الهوية، المدارس والجامعات، وترويسات الوزارات ومجلس الشعب.. الخ.
لا يمكن وصف إحساسنا كسوريين ونحن نتابع مرة أخرى محطة جديدة على طريق بناء الوطن، الهوية والإنسان. هذا يستحق احتفالية وأكثر، فلتمتلئ الساحات والشوارع احتفالاً وتكريماً وتأكيداً على أننا لن نكون إلا على قلب واحد، قرار واحد.. لن نكون إلا سوريين أولاً وأخيراً.
ولأننا كذلك، كان لا بد أن يكون شعار الدولة منا ولنا، شعار لسورية التي نريد ونرغب، ورمزاً لعزتها وأصالتها عبر التاريخ، وفي الوقت ذاته ترسيخاً لعقد اجتماعي/سياسي جديد، شاملاً لجميع المكونات والمناطق.. وعليه تم اختيار الشعار بعناية ودقة، ليكون الأكثر تعبيراً وتجسيداً، وتأكيداً لماهية الدولة والعلاقة مع الشعب، فكان لا بد من تحرير الشعار السابق من مكوناته التي كرست علاقة هيمنة على الشعب وليس علاقة الدولة الحارسة الضامنة.
– العُقاب نفسه بمكونات جديدة
لطالما كان العقاب شعاراً سورياً (وعربياً أيضاً) لتميزه عن باقي الطيور الجارحة بالأنفة والشجاعة، سيد قومه، مسكنه رؤوس الجبال، لا يأكل إلا من صيده.
بعد التحرير، كان لا بد من اعتماد شعار جديد، إذ لا يمكن الاستمرار في اعتماد الشعار القديم في ظل أن كل شيء تغير، ورغم اعتماد العُقاب نفسه إلا أن المكونات اختلفت في الرسم والتصميم وفي الرسالة والهدف. كان الشعار القديم بتوزيع مكوناته ما بين نجوم وترس وسنابل قمح، والعقاب نفسه، يعبر عن حالة خلخل واضحة في العلاقة بين الدولة والشعب، ففيما الشعب ملتزم بالدفاع عن الدولة، تلتزم هذه الدولة بتأمين حياته، أي معيشته من خلال سنابل قمح يحملها العقاب قرب ذيله، والعقاب هنا يمثل «الدولة» وبين مخالبة عبارة الجمهورية العربية السورية. هذه الرؤية البصرية تقدم الدولة بموقع المهيمن والحاكم المطلق في بنيتها وفي علاقتها مع الشعب.
أما العقاب الجديد، في الرسم والتصميم وفي الرسالة والهدف، فهو ينهي هذه العلاقة غير الصحيحة وغير الصحية بين الدولة والشعب، ويرتبها وفق سورية المحررة، حيث تتخذ نجوم العلم السوري الجديد موقعاً يعلو العقاب الذي هو في موقع الدولة كما ذكرنا آنفاً.
الشعار الجديد يحرر الدولة والشعب معاً، شعب بطموحات تعلو حدود النجوم، ودولة تتشارك معه وتؤمن بدوره وتطلعاته وإرثه التاريخي.
تم اعتماد رسم دقيق للعقاب ليكون الأكثر تعبيراً بـ14 ريشة بجناحين نصف مفرودين، تمثل المحافظات السورية من أقصى الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، كرمز لوحدة التراب وتكامل الجغرافيا. مخالب العقاب (ثلاثة بثلاثة) ترمز لقوة الجيش وثباته وأن حماية الوطن مسؤولية لا تهاون فيها.
وفي الذيل 5 ريشات ترمز لمكونات الشعب السوري الرئيسية، والعيش المشترك ضمن وطن واحد لا يقبل القسمة والتقسيم. النجوم الثلاثة في الأعلى: سيادة، كرامة، استقلال.
– تحرير متكامل الأركان
في مسار انجاز التحرير، انفرد السوريون بثورة متكاملة الأركان ممهورة بسعي عالي التركيز والدقة والتخطيط لصياغة مستقبل واعد لا تسكنه أشباح الماضي.
إن لحظات السعادة التي ما زال السوريون يعيشونها ويواصلون الاحتفاء والاحتفال بها، لا تجعلهم يغفلون عن التحديات الجمّة، فالتحرير الذي تم انجازه هو تحرير عظيم، وعلى قدرة ستتوالى التحديات، وبناء الدول ومستقبلها أصعب بكثير من إسقاط الأنظمة مهما بلغت قوتها وجبروتها.
تحت سماء سوريا، وعلى أرضها، تصطف الأحلام/الطموحات جنباً إلى جنب مع المخاوف/الوقائع، ويقف القادة والشعب أمام مسؤوليات ثقيلة، مسؤولية النهوض والبناء، وتجاوز إرث الماضي الثقيل نحو هوية وطنية جديدة ومواطنة أصيلة تمثلها وتتناغم مع تطلعاتها ومع المكانة التي يستحقها الوطن.