الحرية – بشرى سمير:
في وضح النهار، وعند الساعة الثانية ظهراً، ركن الشاب أحمد سيارته أمام كلية الطب بدمشق لقضاء بعض الأعمال، وبعد ساعتين عاد ليجد أن سيارته قد اختفت من مكانها، في البداية ظن أن شرطة المرور قامت بحجزها لوقوفه في مكان قد يكون ممنوعاً، لكن بعد التحري والبحث اكتشف أن سيارته سُرقت، وعندما أبلغ السلطات المعنية سُجلت القضية ضد مجهول.
حادثة سرقة سيارة أحمد ليست الوحيدة، فهي واحدة من عشرات الحوادث التي تقع يومياً، وتشهد العديد من المناطق السورية في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات سرقة السيارات وقطع غيارها، حيث تحوّلت هذه الظاهرة من مجرد حوادث فردية إلى قضية مجتمعية تثير قلق السكان وتدفعهم للمطالبة بتحرك عاجل وفاعل لإعادة الأمن إلى الشوارع وحماية الممتلكات.
تقول المحامية رهف عبد الرحمن إن سرقة السيارات لم تعد ظاهرة محصورة في منطقة معيّنة، بل انتشرت في مختلف المحافظات السورية، ففي دمشق، يعاني السكان من تكرار السرقات، حيث تستخدم العصابات أساليب مبتكرة مثل رش بودرة السيراميك على زجاج السيارات لتكسيره بصمت.
وأكدت عبد الرحمن أن هذه الحوادث المتكررة تستدعي تعزيز الرقابة الأمنية، وتوسيع نطاق الكاميرات، وتفعيل الدوريات بشكل مستمر، إضافة إلى مراجعة القوانين المتعلقة بحماية السيارات والممتلكات لضمان بيئة أكثر أماناً وحماية للمتضررين، ولم تنفِ أن ضعف المنظومة الأمنية، مع النقص الواضح في عدد مراكز الشرطة وافتقادها للخبرة الكافية للتعامل مع السرقات، أسهم في انتشار هذه الظاهرة.
وأضافت إن تردي الوضع الاقتصادي يشكل أحد الأسباب الرئيسية وراء تفاقم ظاهرة السرقة، حيث أدت البطالة والفقر إلى لجوء بعض الأشخاص إلى سرقة السيارات وقطع غيارها كوسيلة لكسب العيش.

تدهور البنية التحتية
من جانبه، أشار وليد حنانيا عضو مجلس محافظة دمشق سابقاً، إلى أن تدهور البنية التحتية وانتشار المناطق العشوائية أسهما في خلق بيئة خصبة للجريمة، حيث تفتقر هذه المناطق إلى الإضاءة الكافية والمراقبة الأمنية الفاعلة، ورغم ما تبذله وزارة الداخلية من جهود لمواجهة هذه الظاهرة، تطلعنا نشرات الأخبار بين حين وآخر على القبض على عدد من الأشخاص خلال محاولتهم سرقة محتويات إحدى السيارات في مناطق بدمشق.
مبادرات المجتمع المدني
ويضيف حنانيا إن الدعوات تصاعدت خلال الفترة الأخيرة، سواء من النشطاء المحليين أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لوضع خطة شاملة من قبل وزارة الداخلية للحد من الجريمة، وتشمل هذه الخطة إعادة نشر الدوريات الليلية، وتشغيل كاميرات المراقبة في المناطق الحيوية، وتفعيل الخطوط الساخنة لتلقي البلاغات العاجلة، وفرض عقوبات رادعة على المجرمين والمعتدين على الأملاك العامة.
من جانبه، قدّم محمد محمد، وهو خبير في أجهزة الحماية، عدداً من النصائح الوقائية لمواجهة هذه الظاهرة، منها استخدام وسائل الحماية الميكانيكية مثل أقفال عجلة القيادة «الدركسيون»، وأقفال دواسة الفرامل أو “الكلتش”، وأقفال ناقل الحركة، كما نصح بتركيب أنظمة الإنذار الإلكترونية التي تصدر صوتاً عالياً عند محاولة فتح الأبواب أو تحريك السيارة، بالإضافة إلى أجهزة قطع الدائرة الكهربائية التي تمنع تشغيل المحرك دون المفتاح الأصلي المبرمج، وأكد أهمية اختيار أماكن الركن الآمنة، وإعطاء الأولوية للأماكن المضاءة جيداً والمناطق المأهولة والمزدحمة التي تشكل رادعاً طبيعياً للصوص، محذّراً أصحاب السيارات من نسيان إغلاق النوافذ والأبواب بإحكام، وإخراج جميع الأغراض الثمينة من السيارة.
خاتمة
لا بد من القول إن ظاهرة سرقة السيارات وقطع غيارها في سوريا ليست مجرد قضية أمنية بحتة، بل هي انعكاس لأزمة متعددة الأبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية. لذلك، فإن معالجتها تتطلب نهجاً شاملاً يجمع بين تعزيز الأمن، وتحسين الظروف الاقتصادية، وإشراك المجتمع في جهود الوقاية، فقط من خلال تضافر الجهود يمكن تحجيم هذه الظاهرة واستعادة الأمن والاستقرار إلى الشوارع.