الحرية- بادية الونوس:
تعد حشرة ذبابة الزيتون في مقدمة أسباب تراجع إنتاجية الزيتون وخاصة في مناطق الساحل، ومصياف والداخل، هذا السيناريو الذي يتكرر كل عام يثير تساؤلات عديدة عن دور مديريات الزراعة أو الوحدات الصغيرة التي تنتشر على امتداد أنحاء القطر، لماذا يدفع الفلاح الثمن سنوياً من شقائه وتعبه؟، تالياً هذا سيؤثر على مجمل اقتصادنا.. هذا ما سنتناوله في موضوعنا هذا.
خسارة ثلث الموسم
يتحدث أبو أحمد من ريف بانياس عن كرم الزيتون كما عن أبنائه، لأنهم كبروا معاً، يرى أن أسباب تراجع الإنتاج بعد عامل الجفاف تأتي ذبابة حشرة الزيتون والتي تقضي على إنتاجية الموسم، إذ تسقط ثلث حبات الزيتون، مؤكداً أنه يستشير الوحدة الزراعية الموجودة في قريته وغيرها، ويتبع التعليمات الإرشادية، لكنه يعتقد أن المبيدات التي يستخدمها غير فعّالة، والنتيجة أن هذه الحشرة تؤثر سلباً على الموسم بأكمله.
و يمثل حال أبو أحمد حال مزارعي الزيتون في مختلف المناطق والوجع ذاته، لكن ماذا عن أعراض هذه الحشرة وكيفية انتشارها ومكافحتها ؟
وتبين وزارة الزراعة عن استفسار صحيفة (الحرية )عن تأثير حشرة ذبابة الزيتون على إنتاجية الموسم الحالي للزيتون وتالياً عن دور الوحدات الإرشادية المنتشرة على أنحاء محافظات القطر في مكافحتها بينت عبر ردّها أن هذه الحشرة تنتشر في جميع مناطق زراعة الزيتون ويتركز ضررها في المناطق الساحلية.
أعراض الإصابة
وبينت (الزراعة) في ردها أن أعراض الإصابة تظهر من خلال : سقوط الثمار المصابة قبل نضجها وبالتالي فقد نسبة كبيرة من المحصول، وتدني القيمة التسويقية والتجارية والتصنيعية لثمار المائدة، و انخفاض نسبة الزيت الناتج من ثمار مصابة، وتدني نوعية الزيت الناتج من ثمار مصابة (ارتفاع نسبة الحموضة).
ماذا عن الإجراءات المتخذة ؟
وأكدت وزارة الزراعة أنه اتخذت الإدارة المتكاملة لذبابة الزيتون عدة خطوات منها :
1- العمليات الزراعية : الفلاحة بعد القطاف تعتبر عاملاً مساعداً في القضاء على نسبة عالية من العذارى المشتبه داخل التربة.
– 2جمع الثمار المتساقطة وإتلافها خلال الموسم.
– 3 زراعة المصائد النباتية : الأصناف الجاذبة للآفة حيث يفضل عند تأسيس بساتين الزيتون زراعة أصناف مفضلة للذبابة مثل دعيبيلي , قيسي , مصعبي بنسبة 5% وذلك لحماية الصنف السائد كونها تصاب أولاً وأن يطبق عليها الرش الجزئي في الوقت المناسب.
4- مراقبة ورصد أطوار الحشرات المتكاملةز
من أجل معرفة بدء ظهور الحشرات الكاملة في الجيل الأول ومعرفة تطورات أعداد المجتمع الحشري خلال الموسم باستخدام :المصائد (الفرمونية ) : تستخدم بمعدل 2 حتى 3 مصائد في الهكتار يبدأ نشر وتعليق المصائد في بداية شهر أيار في المنطقة الساحلية وفي حزيران في المناطق الداخلية قبل فترة وجيزة من مواعيد تعليق المصائد الجاذبة وهي تعمل على جذب الذكور بشكل رئيسي.
وأضافت وزارة الزراعة من خلال ردها أيضاً باستخدام المصائد الجاذبة البلاستيكية بمعدل 3-5 مصائد.
إضافة إلى الصيد الجماعي باستخدام المصائد الجاذبة وهو أسلوب للسيطرة على مجتمع الحشرة الكاملة وتخفيض أعدادها لأدنى حد ممكن من خلال تعليق عدد معين من المصائد المتنوعة في وحدة المساحة .
وبينت (الزراعة) أنه يقوم الفنيون من مديريات الزراعة بفحص العينات المأخوذة وتراجع نسب الإصابة الحية والكلية اعتباراً من منتصف حزيران المنطقة الساحلية وأول تموز في المناطق الداخلية وعند وصولها إلى العتبة الاقتصادية يتخذ القرار اللازم عندما يصل قطر ثمرة الزيتون إلى 8مم.
المكافحة الكيميائية
تم اتباع أسلوب المكافحة االكيميائية حيث يتم اعتماد تطبيق الرش الجزئي أو الرش الكلي ويتحدد أي منهما حسب نسبة الأطوار الموجودة ونوعها وفقاً لما يلي:
– الرش الجزئي وهو رش جزء من الشجرة بطعم سام (أي مادة جاذبة ) مخلوطة مع مادة سامة ويوجه ضد الحشرة الكاملة للذبابة ويحدد توقيته بوجود نسبة مئوية للأطوار التالية : نهاية العمر اليرقي الثالث والذراء مع وجود الحشرات الكاملة ويتم كالتالي :
– رش جزء من الشجرة بمساحة تحدد حسب طبيعة الطعم وحجم الشجرة وشدة الإصابة.
– رش شجرة كاملة وترك شجرتين دون رش أو رش صف كامل من الأشجار وترك صفين متجاورين دون رش.
– أيضا هناك الرش الكامل وهو رش جميع الأشجار بمحلول المبيد بتغطية كاملة لتاج الشجرة ويتم هذا الرش بالشروط التالية:
– وصول الإصابة للعتبة الاقتصادية للذبابة أو تجاوزها حسب الصنف السائد.
– وجود ظروف مناخية لتطور الآفة.
– استخدام المبيد الحشري الفعال الأكثر أماناً.
– حصر الموافقة على الرش الكامل للمساحات الصغيرة بمديرية الزراعة في المحافظات (دائرة الوقاية بالتنسيق مع دائرة أو شعبة الزيتون.
– يشترط أن تكون الحالة موجبة لذلك.
– يجب أن يكون الرش استثنائياً أو محصوراً أو إسعافياً في الحقول التي ثبت تحقيقها للشروط الموضوعة .
– يجب التقيد بفترة الأمان يعد الرش حسب المبيد المستخدم وحسب وقت المكافحة وباتباع تعليمات اللصاقة والنشرة الفنية .
60 مليون شجرة في التسعينيات
وأوضح الخبير في الشؤون الزراعية المهندس محمد الجغيلي أنه بداية السبعينيات بدأ الاهتمام كمحصول استراتيجي في سلّم الأولويات الزراعية والتصنيعية، وبدأت مشاتل حكومية تنتج الغراس بالملايين وتوزعه على الفلاحين بسعر التكلفة، إضافة الى مشاريع استصلاح الأراضي الصخرية، واستخدام الآليات الضخمة مهمتها تفجير هذه الأراضي واستصلاحها شملت مشاريع المنطقة الساحلية والوسطى والجنوب وهذه المشاريع استصلحت آلاف الهكتارات الزراعية وبقروض طويلة الأجل أو بأسعار التكلفة وزادت مساحة الأراضي المزروعة حتى وصل أعداد الغراس حتى التسعينيات إلى 60 مليون شجرة زيتون، كانت تنتج 600 ألف طن يعصر منها 300 ألف طن.
الجغيلي : يجب تفعيل مكتب الزيتون وإنتاج غراس محسنة وراثياً
وبدأ الاهتمام العالمي بشجر الزيتون كونه يصنف كزيت صحي الأول على مستوى العالم، وكل الدول تتسابق للاستفادة من ثمار أو زيت الزيتون المعروف غذائياً ودوائياً ووصلت سوريا إلى المراتب الأولى عالمياً إلى جانب إيطاليا وتونس وإسبانيا.
ولفت المهندس والخبير الزراعي الجغيلي أنه تم إحداث مكتب خاص للزيتون للعناية فيه وبدأت عملية المكافحة الحيوية بتربية أنواع من الحشرات التي تقاوم وتعيش على الحشرات وحققت سوريا دوراً محورياً في عملية المكافحة الحيوية، لكن للأسف في السنوات الأخيرة تراجع الاهتمام بشجرة الزيتون وانعكس على إنتاج الغراس المثمرة وخرجت مساحات واسعة من الاستثمار وتعرضت لقطع جائر وتناقص الإنتاج إلى 20% .في غياب المواد اللازمة إضافة إلى تراجع الدعم لهذا المحصول نتج عن ذلك خسارة كبيرة يدفع ثمنها المزارع واقتصادنا ككل.
يجب إعادة الاهتمام
واقترح إعادة تفعيل مكتب الزيتون وبكامل الطاقة التي كان يعمل بها سابقاً بإنتاج غراس محسّنة وراثياً وإنتاج الأعداء الحيوية لآفات الزيتون التي تصيب الشجرة، إضافة إلى قيام وزارة الزراعة بدعم الفلاح واستصلاح الأراضي والتوسع فيها في كل مساحات الأراضي. بالتوازي مع إنتاج الغراس المحسنة وبيعها مجاناً أو بسعر التكلفة دعماً لهذه الزراعة كون الزيتون يحتل المرتبة الثانية بعد القمح ويتفوق صحياً وغذائياً على سائر الزيوت المهدرجة.