عقوبات مشددة لقمع مخالفات النظافة في حماة.. الأهالي يرحبون وخبير تنموي يحذر: العقوبات ليس الحل

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية-رحاب الإبراهيم:

بعد لحظ رمي القمامة في غير الأماكن المخصصة لها، رغم تركيب حاويات جديدة في معظم المناطق بمدينة حماة، في مناظر تضر بصحة المواطنين وتترك آثار بيئية خطيرة، عدا عن تشويه البصري الواضح، أصدرت محافظة حماة قراراً حددت بموجبه غرامات جديدة رادعة لضبط واقع النظافة، بحيث تدرجت المخالفة بين مئة ألف وصولاً إلى عشرة ملايين  ليرة، في خطوة وصفت بالإيجابية والجيدة من قبل المواطنين، في حال توافر   الأدوات اللازمة لتطبيق القرار وتحقيقه الغاية من إصداره، وسط تحفظات من أهل الاختصاص والرأي على العقوبة المشددة كونها تخلق بيئة فاسدة في حال عدم إمكانية التطبيق.
تضمن قرار مجلس مدينة حماة ١٦ غرامة، بدأت الغرامة الأولى المتعلقة بإسالة المياه من المنازل أو غسيل السيارات بجميع أنواعها في الشوارع والساحات العامة بمئة ألف ليرة، وتدرجت  الى ٣٠٠ ألف بحق من يحرق النفايات والاعشاب اليابسة داخل الأحياء السكنية، وصولاً إلى  ٥٠٠ ألف بحق من يترك أكياس القمامة أو النفايات المنزلية في غير الأماكن المخصصة لها، ووصلت عقوبة رمي الأعلاف والنفايات الحيوانية في الأماكن العامة إلى مليون ليرة.

عقوبات مشددة

وتشدد القرار لتصل العقوبة إلى ٢ مليون ليرة  لمن يلقي نفايات في الأنهار أو الممرات أو مجاري المياه أو حرمها، بينما وصلت العقوبة إلى ٣ ملايين لمن يرمي أو يفرغ الانقاض على الطرقات والساحات وفي الحدائق العامة وتزال الانقاض على نفقة المخالف.
وبلغت الغرامات أقصاها بحق من يرمي بقايا المعامل والمنشآت الصناعية في غير المواقع المخصصة من قبل الوحدة الإدارية لتصل إلى ١٠ ملايين ليرة سورية.
تفاوتت الغرامات الأخرى بين مئة ألف إلى ثلاثة ملايين ليرة على أن تحصل مبالغها بموجب إيصال رسمي، وتعتبر إيراداً لموازنة مجلس المدينة وفق القوانين الناظمة، على أن تخفض الغرامة إلى النصف إذا قام المخال بتسديد الى المجلس خلال ١٥ يوم من تاريخ المخالفة.
وبين القرار الجهات المخولة بقمع المخالفة وتنظيم الضبوط، وهم العاملين المكلفين بضبط المخالفات بعد تأدية القسم القانوني أمام قاضي الصلح في المنطقة الذين يباشرون أعمالهم، إضافة إلى عنصر الضابطة العدلية.

رضا الأهالي

وقد لقى القرار رضا الأهالي في مدينة حماة وخاصة بعد ما وصل واقع النظافة في شوارع المدينة إلى حالة مزرية كانت سبباً في إصدار هذا القرار، حيث أكد من التقيناهم ضرورة تأمين مستلزمات تنفيذ القرار لناحية تأمين حاويات وآليات كافية وعدد عمال يغطي كافة المناطق، على أن يتم التأكد من تنفيذ القرار ومراجعة الأخطاء عند تطبيقه على الأرض، في حين طالب بعض المواطنين إلزام أصحاب المواد الاستهلاكية بوضع سلال كبيرة أمام محالهم انطلاقاً من مسؤولياتهم الاجتماعية وتعويض النقص في الحاويات في المدينة.
واعتبر آخرون أن القرار يعد فرصة ثمينة لتنظيف مجرى نهر العاصي وضمان جريان مياهه دون نفايات وأوساخ، بحيث يعود إلى سابق عهده ويستفاد من مياهه زراعياً وسياسياً وبيئياً.

مطرح للفساد

الخبير التنموي أكرم عفيف نظر إلى القرار بعين الواقع وإمكانية التطبيق والتنفيذ، حيث أكد أن القرار كان موجود سابقاً وكان يحدد أحيان  حسب الخصوصية المجتمعية، فمن الظلم تطبيقه  في الأرياف نظراً لخصوصيتها خاصة أن العقوبات شديدة، لكن يمكن تطبيق الغرامات في المدينة.
وبين عفيف بتصريح لـ الحرية أن القرار يحتاج إلى قليل من الواقعية بحيث يطلب من المجالس المحلية وضع حالات رادعة للمخالفات التي تترك تلوث وتؤثر على السلامة العامة، مؤكداً أن العقوبات الرادعة لا تضمن تحقيق الغاية المطلوبة منه، وخير مثال على ذلك قانون حماية المستهلك رقم ٨، بعقوباته المشددة التي تركت آثار سلبية على الاقتصاد المحلي وليس قطاع التجارة فقط.
ولفت الخبير التنموي إلى أن التشدد في عقوبات أي  قرار أو قانون غير قابل للتطبيق، ستؤدي إلى كوارث وخاصة إذا أدى إلى  فتح باباً للفساد، فمن خلال تجارب عديدة تبين أن التشدد في تطبيق قانون غير قابل للتنفيذ سيكون مطرح من مطارح الفساد، متأملاً أن يتغير هذا الأمر خلال العهد الجديد بحيث تتواجد بيئة عمل فيها نزاهة أكثر مقابل فساد أقل.

تنظيم مجتمعي

وأوضح عفيف أنه يؤيد فكرة السماح للمجالس المحلية إعادة النظر في العقوبات والغرامات حسب رؤية كل بلدة ومنطقة مع مراعاة خصوصية كل منطقة.

وبين عفيف أن تنظيم واقع  النظافة يحتاج بدرجة أكبر إلى تنظيم مجتمعي وليس وعياً كون المجتمع واعياً إلى هذه القضية الهامة، وذلك عبر زج طاقة المجتمع المحلي من قبل قادة الرأي للقيام بهذه المهمة ضمن سلسلة عمل تنموية، فلا شك أن القوانين الرادعة تعد أحد الأسباب لمعالجة واقع النظافة، لكن أيضاً التنظيم المجتمعي له دور هام وخاصة أن جميع الأديان تحض على النظافة كونها من الإيمان، مشدداً على أن العقوبة ليست هي الحل دوماً ولا يجب التعامل على أساس أن جميع المواطنين مجرمين.

Leave a Comment
آخر الأخبار