الحرية- وليد الزعبي:
لا تفارق المرء كيفما اتجه مشاهد رؤية الأطفال وهم يعملون في مجالات مختلفة، إن على البسطات في الطرقات أو في المناطق الصناعية ومع ورشات البناء، وكذلك في أسواق الخضار وضمن المحال التجارية وغيرها الكثير.
والمستغرب أن هؤلاء بدلاً من أن يكونوا على مقاعد الدراسة تجدهم يمارسون أعمالاً، بعضها مجهد جداً وقاسٍ لا يتلاءم وأعمارهم، الأمر الذي يحرمهم من تحصيلهم العلمي، وقد يعرضهم لمضار صحية تنغّص حياتهم في الكبر.
وهناك أطفال لم ينقطعوا عن التعليم، لكنهم بعد دوام المدرسة يشتغلون في أي من الأعمال التي تم ذكرها آنفاً، وهو ما يؤثر على مستوى تحصيلهم الدراسي، وقد يدفعهم في مرحلة ما إلى الانقطاع التام عن استمرارهم بالتعلم. كذلك هناك غيرهم وفور بدء العطلة الصيفية يبحثون عن أي فرصة عمل، وقد يشجعهم الأهل لاعتقادهم بأن ذلك يعودهم على تحمل المسؤولية مبكراً ويكسبهم على سبيل المثال تعلّم “كار” التجارة أو أيّ من حرف النجارة والحدادة والميكانيك وإصلاح السيارات وغيرها، لكن كسب المال من وراء عملهم هذا وتمكنهم من شراء ما يحلو لهم، قد يغريهم ويحفزهم على ترك التعلم أيضاً.
بالنظر إلى دوافع عمالة الأطفال، وخاصةً المنقطعين منهم عن مقاعد الدراسة أو الذين يعملون إلى جانب تعلمهم، فإن الأساس فيها هو الفقر والعوز الشديد الذي تعانيه أسرهم في ظل ضعف دخلها الذي لا يمكّنها من تغطية متطلبات عيشها الأساسية، حتى ولو كان الأب والأم يعملان.
ومع استمرار ضنك العيش، قد يبدو الطلب إلى الأسر بضرورة وقف عمل أطفالها غير منطقي أبداً ولن يلاقي أي قبول، وعلى ما يبدو إن هذه العمالة لن تتراجع إلا مع حلول التعافي الاقتصادي الذي يفضي إلى تحسن دخل رب الأسرة المعيل الأساس لها وانخفاض الأسعار، وهو ما باتت بوادره تلوح في الأفق القريب في عهد الإدارة الجديدة للبلاد، وفي الطريق حتى بلوغ التعافي المنشود، ينبغي تركيز توجيه المساعدات الإغاثية بالتعاون مع الداعمين للأسر الأشد عوزاً، بالتوازي مع بذل كل الجهود لإعادة الأطفال المنقطعين إلى مقاعد الدراسة.