الحرية – باسمة اسماعيل:
في إنجاز طبي متميز، أجرى الدكتور يوسف يوسف، رئيس قسم أمراض الأذن والأنف والحنجرة في مشفى اللاذقية الجامعي، عملية جراحية نوعية ومعقدة لمريضة راجعت العيادة العصبية في المشفى منذ عدة أيام، بشكوى شلل وجهي محيطي أيمن، صداع مزمن منذ أكثر من شهر، مع نقص سمع في الأذن اليمنى، وصعوبة في البلع.
وفي تصريح خاص لـ”الحرية” بيّن د. يوسف أنه بعد إجراء رنين مغناطيسي للمريضة، أظهرت نتائج التصوير وجود آفة على مستوى المخيخ في الجهة اليمنى مع إشارات غير طبيعية على مستوى الخشاء، ما استدعى إجراء استشارة أذنية عاجلة، وبعد التنسيق مع قسم الجراحة العصبية، تقرر التدخل الجراحي بشكل مشترك، حيث أجري حج خشاء جذري أيمن تحت التخدير العام.
وأضاف: خلال العملية تم استئصال كتلة الورم الكولستريني كبير مع تنظيف شامل للبؤر النخرة، ومعالجة التخرب العظمي الممتد إلى الحفرة القحفية الخلفية والمتوسطة، مع كشف السحايا في المنطقتين، إضافة إلى الجيب الوريدي السيني، العصب الوجهي، القناة نصف الدائرية الجانبية، ذروة الصخرة، والأذن الوسطى، وقد أرسلت العينات المستأصلة للفحص النسيجي المناسب، للتأكد من طبيعة الآفة.
ولفت د. يوسف إلى نقطة مهمة جداً أن صغر حجم الثقب الظاهر لا يعني بالضرورة انخفاض خطورة الحالة، فكلما كان الثقب صغيراً كان الخطر أكبر والعكس صحيح، مشيراً إلى أن المريضة كانت قد أجرت عملية جراحية قبل 35 عاماً، لكنها كانت غير مكتملة، مما شكل أساساً للمشكلة الحالية.
وأوضح أن الورم كان ضاغطاً بشدة على الحفرة الدماغية الخلفية ومخرباً لقاعدة الجمجمة حتى وصل إلى الثقوب الوداجية والسباتية، وأن الفاصل بين الشريان السباتي الباطن والورم لم يكن سوى طبقة السحايا.
وتابع د. يوسف أن تحسن الحالة العصبية للمريضة بدأ بعد ساعات قليلة من العملية، حيث زال الصداع وتحسن البلع، ولم تعد هناك حاجة لتداخل جراحي عصبي، بفضل إزالة السبب الأساسي للضغط الدماغي.
وكمتابعة للشأن الصحي والاجتماعي كم مَن شخص انتهت حياته بمأساة بسبب التشخيص الخاطئ، هذه العملية التي تتطلب مهارة عالية وخبرة دقيقة في جراحة الأذن وقاعدة الجمجمة، شكلت مثالاً على أهمية التشخيص المتكامل والتعاون بين الاختصاصات الطبية لإنقاذ حياة المرضى وتجنب المضاعفات الخطيرة.