الحرية يسرى المصري:
الطاولة المستديرة التي نُظمت بشأن سوريا على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين حدث غير مسبوق، وماتزال آمال السوريين بالتعافي معلقة بانتظار رفع العقوبات الأميركية.
وحسب وزير المالية، محمد يسر برنية فإن بعثات دولية ستصل، بدءاً من الأسبوع القادم ، إلى سوريا، مشدداً على أن البلاد ستكون ورشة عمل كاملة للإصلاح المالي والاقتصادي في كل المسارات والمجالات.
يأتي هذا التصريح بعد مشاركة مسؤولين من الحكومة السورية في «اجتماعات الربيع» لصندوق النقد ومجموعة البنك الدوليين لعام 2025 التي انعقدت في واشنطن، مؤخراً.
استقرار سعر الصرف
ويواصل مصرف سوريا المركزي تثبيت سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار في التعاملات الرسمية حيث استقر سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الاثنين في تعاملات السوق الموازية بالمدن السورية،
فاستقر سعر صرف الليرة السورية في دمشق وحلب وإدلب عند 11 ألفاً و550 ليرة عند الشراء و11 ألفاً و650 ليرة عند البيع، وهي المستويات المسجّلة مساء أمس.
وبقي سعر صرف الليرة السورية في الحسكة عند 11 ألفاً و700 ليرة عند الشراء و11 ألفاً و800 ليرة عند البيع خلال تعاملات اليوم.
وحول سعر صرف الليرة السورية في التعاملات الرسمية واصل مصرف سوريا المركزي تثبيت سعر صرف الليرة السورية في التعاملات الرسمية مقابل الدولار عند 12 ألفاً لدى الشراء، و12 ألفاً و120 ليرة عند البيع، وفق ما نشرته المصادر اليوم الاثنين.
وكانت الليرة السورية تراجعت مقابل الدولار في السوق الموازية خلال الأيام الماضية.
ومن العوامل التي تؤثر في سعر صرف الليرة السورية حسب خبراء إعلان قطر والسعودية في بيان مشترك -أمس الأحد- أنهما تعتزمان سداد متأخرات سوريا لدى البنك الدولي البالغة نحو 15 مليون دولار، مما يمهد الطريق للموافقة على منح بملايين الدولارات لإعادة الإعمار ودعم القطاع العام.
كما رفعت بريطانيا الخميس الماضي تجميد الأصول الذي كان مفروضاً على وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين وعدد من أجهزة المخابرات، كما أزالت الشهر الماضي 24 جهة سورية من قائمة العقوبات، من ضمنها البنك المركزي ومصارف وشركات النفط، وهذا رفع عنها تجميد الأصول.
ويدرس الاتحاد الأوروبي تمديد تعليق العقوبات، مشيراً إلى متابعته الدقيقة لتطورات الوضع السوري.
وتنظر كندا في تخفيف عقوباتها على سوريا، وأعلنت نيتها تقديم مساعدات إنسانية بـ84 مليون دولار كندي (نحو 42 مليون دولار أميركي).
أيضاً علّقت الولايات المتحدة مؤقتاً بعض العقوبات المفروضة على سوريا، وهذا أتاح إجراء تعاملات مع مؤسسات حكومية وقطاع الطاقة، وسمح أيضا بتحويل الأموال الشخصية، حتى من مصرف سوريا المركزي.
وكان وزير المالية السوري محمد يسر برنية أعلن الأربعاء الماضي أن صندوق النقد الدولي عيّن رون فان رودن ليكون أول رئيس لبعثة الصندوق إلى سوريا منذ 14 عاما.
ورفع مصرف سوريا المركزي سعر الصرف الرسمي لليرة مقابل الدولار إلى 12 ألف ليرة عند الشراء، ولايزال يثبّت هذا المستوى.
كما سمح المصرف المركزي للبنوك وشركات الصرافة المرخصة بتحديد أسعار صرف ضمن هامش معين من السعر الرسمي.
حجر عثرة كبير
وحسب الخبير المصرفي والمالي السوري، فراس شعبو، فإن موضوع التعافي مرتبط بما ستؤول إليه العقوبات الاقتصادية «التي تعوق أي تحسن، لا سيما على الصعيد النقدي والتعاملات المصرفية».
وتعليقاً على نتائج مشاركة الحكومة السورية في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، قال شعبو إنه بالإمكان الاستفادة مما قد يقدمانه على صعيد بعض المساعدات الفنية التكنولوجية في إعادة رسم هيكلية المصارف وإعادة تموضعها، وتقديم رؤى اقتصادية للوضع السوري إلى حد ما، لكن حالياً سوريا تنتظر رد الفعل الأميركي فيما يخص رفع العقوبات.
ولم ينفِ الخبير السوري إيجابية المؤشرات ومخرجات اجتماعات واشنطن، واصفاً إياها بـ«المطمئنة»، لكن على الأرض ليست هناك «أفعال» بعد، مشيراً إلى اجتماعات حاكم المصرف المركزي مع مسؤولين في الدول المجاورة بقوله: «يمكن للتعاون مع دول الجوار أن يحسن الأمور ويؤمّن بعض الأدوات، ولكنه ليس كافياً لتحقيق المطلوب ما لم تخفف العقوبات»، وتعليقاً على تصريح وزير المالية بأن سوريا ليست في وارد طلب قروض من المؤسسات الدولية، قال شعبو إن سوريا بوضعها الاقتصادي الحالي تحتاج إلى منح ومساعدات لا قروض، وذلك لعدم قدرتها على السداد، وخاصة أنها تدخل طور البناء، ومن غير المقبول ومن غير الصحي طلب قروض، والتي غالباً ستكون قروضاً استهلاكية غير منتجة تلقي على كاهل الدولة أعباء سداد لا قدرة لها عليها.
من جهته، كشف حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، ، عن إمكانية افتتاح أول فرع لبنك تركي في سوريا، مشيراً إلى أن هذه الخطوة قد تشكل جسراً مهماً لدعم التجارة والاستثمار وإعادة الإعمار. وقال في منشور على «لينكد إن»، إنه ناقش ذلك مع نظيره التركي، فاتح كاراهان، في اجتماع بحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين. وأكد استمرار الحوار بين الجانبين لاتخاذ خطوات عملية نحو تعاون اقتصادي مستدام، مشيداً بالتزام البنك المركزي التركي بالشراكة المالية.
كما صرح وزير المالية، محمد يسر برنية، بعد عودته من واشنطن، بأن التركيز ينصب على «الحصول على الدعم الفني وبناء القدرات ونقل المعرفة، للمساهمة في دعم جهود الإصلاح الاقتصادي واستعادة مسار التعافي»، مجدداً مطالب سوريا برفع العقوبات الاقتصادية الأميركية التي وصفها بـ«حجر عثرة كبير في طريقنا»، وتسعى الحكومة الجديدة، التي تولت زمام الأمور ، إلى إعادة بناء علاقات سوريا على المستويين الإقليمي والدولي، والحصول على الدعم لإعادة الإعمار.
لكن العقوبات الأميركية الصارمة التي فُرضت خلال حكم النظام البائد لا تزال سارية. وفي كانون الثاني الماضي، منحت الولايات المتحدة إعفاء لمدة 6 أشهر من بعض العقوبات لتشجيع المساعدات الإنسانية، لكن تأثيره كان محدوداً.
وتسعى سوريا إلى إحياء التعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين باجتماعات الربيع. والهدف من المشاركة هو “إعادة إحياء التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وفتح قنوات للدعم الفني، وبناء القدرات” بما يخدم برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي ومصالح سوريا.