الحرية- محمد فرحة:
تتوالى حرائق الغابات بشكل كثيف وفي العديد من المواقع يومياً، وهذا مؤشر خطير جداً، ودليل ساطع وقاطع على أن غاباتنا ليست في مأمن، فكل يوم قد ينشب حريق في مكان ما.. هي أشبه بلعبة القط والفأر كما يريدها من هم وراء هذه الحرائق.
لكن اللافت أننا لم نقرأ تصريحاً معنياً يشي بأن من يقوم بهذه الحرائق سينال الجزاء العادل إن ألقي القبض عليه.لم نسمع ولم نقرأ وكأن الموضوع سيّان، فقبل أيام كانت الحرائق تطول وتنال من غابات منطقة مصياف و استمرت أكثر من أربعة أيام، وما إن تمّ إخمادها وقلنا الحمد لله تم إطفاؤها، سرعان ما نشبت حرائق أخرى في ريف مدينة جبلة الساحلية.
واللافت في الأمر أيضاً نشوب ثلاثة حرائق في توقيت واحد أو توالياً، ما بات يهدِّد الواقع البيئي من جهة، ويشي بأن التصحر قادم بخطوات متسارعة يثب وثباً ، ليبقى السؤال الكبير والجوهري مؤداه : إن استمرت الأمور على هذه الوتيرة، كيف سيكون حال حراجنا الطبيعية والاصطناعية من الصنوبريات وغير ذلك ؟
الجواب لا يحتاج إلى كثيرٍ من التدقيق والإمعان.. غاباتنا ستتآكل وتصبح مواقعها جرداء قاحلة مقفرة، ما يزيد الواقع البيئي سوءاً، وبالتالي الانحباس الحراري والجفاف.
وكي نكون منصفين أيضاً، فما أشبه اليوم بالأمس، والعكس صحيح لجهة هذه السلوكيات، أي حرائق الغابات. فما كان يجري قبل سنوات يجري اليوم، فلا رادع كان ولا نرى رادعاً اليوم ، والقضية دائماً تسجل ضد مجهول.
حرائق الغابات في مواقع حراجية كانت بكراً لم يدخلها أحد تلك الواقعة في قرية الشيحة بريف مصياف، وهي الغابة الكثيفة والمتلاصقة الأشجار مع بعضها، فلو طالها الحريق لكانت كارثة ونكسة ونكبة واعتداء على الطبيعة بكل مقوماتها البيئية.
يروي لنا أحد سكان القرية المذكورة المحامي أبو أسامة بأن العديد من الكائنات الحية التي كانت موجودة في هذه الغابات، بعضها انقرض وبعضها الآخر قد هاجر، غير أن بعضها الآخر مازال، مثل الضبع والخنزير والأرنب، في حين هاجرت الطيور النادرة التي كانت منتصف الخمسينيات والستينيات، معللاً ذلك بسببين: الأول حرائق الغابات وثانياً الصيد الجائر.
خاتماً حديثه بأن كل هذه السلوكيات البشرية غير محمودة، فهي تدعو إلى دمار البيئة وتغيير مكوناتها، وهذا خراب يؤدي بالتالي إلى الجفاف وقلة الأمطار والقحط.
بالمختصر المفيد ؛ عرفنا أين ضربت الحرائق خلال الأسبوعين الماضيين، لكن نأمل ألّا نشهد حرائق مماثلة في مواقع حراجية مشابهة في أماكن أخرى.
هل السبب فقط في العداء للطبيعة والبيئة أم ماذا؟. فإن كان للاحتطاب، فقد يكون موسم الشتاء القادم أخف برودة بكثير، عن الأعوام السابقة، في ظل توافر المازوت، رغم أن سعره مرتفع قليلاً وليس بمقدور كل الناس التدفئة عليه.
المطلوب التشدد في حماية الغابات، وبغير ذلك من الآن سنقول: “على غاباتنا السلام”.