الحرية- أيمن فلحوط:
المدمن ليس مجرماً، بل ضحية تعددت الأسباب لوقوعه في الحفرة، وقانون المخدرات كان إشكالياً جداً، وعلينا إعادة كتابة القانون من خلال وجهة نظر مجتمعية جديدة، وكلمة طيبة أفضل من وصفة طبية.
بعض من النقاط التي أثارها ممن التقتهم “الحرية” في الملتقى الثقافي حول مشروع مجتمعي ومعرض فني عن ظاهرة انتشار المخدرات في سورية، بحضور مدير منطقة الغوطة الشرقية الدكتور محمد علي عامر.
يتضمن الملتقى ندوات فكرية، وورشات عمل، وعروضاً سينمائية وأدائية، بالشراكة مع نشطاء مجتمعيين وخبراء نفسيين واجتماعيين، وبدعم من منظمات محلية تهتم بالصحة النفسية والتماسك الاجتماعي، بالإضافة لمسير بيئي.
الملتقى يطرح قضايا مهمة حول الإدمان والسلطة والعدالة، وهو ما جسده القائمون، من خلال برنامجه المستمر لأسبوعين في مركز مكافحة المخدرات سابقاً في مدينة جرمانا من خلال تعدد الأنشطة.
مفهوم «دولة فارماكون» الذي حمل اسم المعرض، هو مشروع مجتمعي وملتقى فني، وتفكيك بصري وسياسي واجتماعي، للعلاقة المعقدة بين الحروب وتجارة المخدرات، واستخدام الإدمان كأداة للقمع والسيطرة.
هم ضحايا
مدير منطقة الغوطة الشرقية الدكتور محمد علي عامر تحدث للحرية عن أهمية التعاون مع المجتمع المحلي لتحويل المدمنين من أشخاص ينظر لهم كمجرمين إلى ضحايا، ووضع خطة لمعالجة واقعهم السيىء، الذي أثر عليهم، وتالياً نقلهم إلى مكان آخر.أضاف د.عامر، إن اختيار المكان من القائمين على الملتقى، الذي كان مركزاً بالاسم لمكافحة المخدرات، لا يصلح كما رأينا من خلال غرفه إلا ليكون سجناً، واللوحات التي قدمت من قبل الفنانين عكست ذلك، فكل لوحة تعبر عن جانب من جوانب المعاناة والمأساة التي يعيشها المدمن، داخل هذا المركز أو خارجه، وكان ضحية للنظام البائد.
دولة مدمنة
مؤسس ومدير منظمة ثقافة مشتركة، والمشرف العام على المشروع والعائد للوطن بعد سنوات من الغياب القسري الفنان خالد بركة، يؤكد للحرية أن الرسالة كانت الاعتراف بالواقع القاسي من أن سورية دولة مدمنة، ليس في الكبتاغون فقط، بل يتعدى الأمر في الحصول على أنواع أخرى من الأدوية المخدرة، ومن دون أي وصفات طبية، ولذلك كانت البداية بالاعتراف بهذا الواقع، ثم العمل على تفكيك الهياكل التي أدت لذلك سياسياً ومجتمعياً، خاصة وأن قانون المخدرات الصادر عام 1993 كان إشكالياً جداً، كونه يجرم الأفراد حتى لو تناولوا سيجارة حشيش واحدة لأول مرة، بداعي الفضول والتجريب، لينتهي به الأمر مجرماً محبوساً بين 3-6 سنوات، فيصبح اسمه بعد خروجه مسجوناً، وصحيفة العادلية الخاصة به سوداء، وينظر له المجتمع على أنه شخص سيىء وحشاش.
يضيف الفنان بركة، لذلك كان التطلع لمراجعة القوانين، كون الواقع الآن أصبح مختلفاً، من خلال التعاون مع التجمع الحقوقي في مدينة جرمانا، لإعادة كتابة قانون المخدرات، من وجهة نظر مجتمعية جديدة، ومن خلال الصوت التوعوي للمتخصصين، لمعالجة هذا الواقع المرير الذي وصلنا إليه من آفة المخدرات، ولدينا برنامج بالتعاون مع الشباب والصبايا في مدينة جرمانا حافل في الشرح لإيصال الفكرة كاملة.
الكلمة الطيبة
طبيب الفقراء وكما يطلق عليه أهالي جرمانا والكثير من أبناء سورية الدكتور إحسان عز الدين أكد للحرية أهمية الجانب الطبي في دوره قبل أن يصل المريض لمرحلة الإدمان، من خلال التعاون بين الأهل والمجتمع والطبيب، خاصة أن المعالجة النفسية مكلفة أولاً، وتحتاج إلى المصحات، وصعبة على الأهل والمريض من جهة ثانية، كما يقع على المجتمع دور مهم في المعالجة والتعافي، فكلمة ” محشش” تجرح، ويجب علينا مساعدة المدمن، لنقله من الحفرة التي وقع بها، فالكلمة الطيبة أفضل من وصفة طبية، خصوصاً أن العلاج في هذه الأمراض يكون مديداً، وإذا لم يحصل التعاون بين الأهل والطبيب والمجتمع لن نتمكن من الحد من هذه الظاهرة.
علاقة جدلية
بدوره رئيس جمعية رواد البيئة في مدينة جرمانا ماجد سلوم وصف العلاقة بين المخدرات والبيئة بأنها علاقة جدلية، نظراً للضرر المتحصل من ذلك على الأطراف كافة، ومن أجل الحصول على بيئة سليمة، ولذلك يجب وضع القوانين الاجتماعية والحقوقية التي تساهم في الحد منها، عبر التشبيك المجتمعي والقانوني، وعدم تجريم المدمن واعتباره ضحية، ولذلك ستكون لجمعيتنا مشاركة في العديد من الندوات وإقامة مسير بيئي تحت اسم “سم لا حياة.. شاب بلا إدمان”