تتطلب حكمة وتخطيطاً متوازناً.. الاقتصاد السوري أمام فرصة تاريخية لإعادة البناء

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – باسمة إسماعيل:
مع قرار تعليق قانون قيصر، تبرز في الأفق بوادر انفراج اقتصادي قد تمهد مستقبلاً لإلغاء كامل للعقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، في خطوة يعتبرها خبراء الاقتصاد فرصة تاريخية لإعادة البناء والتنمية بعد سنوات طويلة من الحصار.
وفي تصريح خاص لـ “الحرية”، أوضح الدكتور أحمد خيربك، دكتوراه في التنمية والسكان، أن تعليق العقوبات يمثل بادرة قوية تحمل في طياتها احتمال الإلغاء الكامل مستقبلاً، لكن لا يمكن إنهاء الآثار السلبية لقانون قيصر إلا بعد إلغائه نهائياً، لأنه قانون يختلف عن غيره بكونه لا يعاقب سوريا فقط، بل كل من يتعاون مع الحكومة السورية.

تحول في المشهد الاقتصادي والتجاري

وأشار الدكتور خيربك إلى أن رفع العقوبات، أو تخفيفها سيفتح الباب أمام انفتاح الأسواق وإحياء القطاعات الاستراتيجية، مضيفاً: إلغاء شرط الموافقة المسبقة للتعامل التجاري مع سوريا سيؤدي إلى تسريع تدفق السلع والبضائع، وسيسهم في سد فجوات الطلب والوصول إلى مرحلة الإشباع، ما يحفز المنافسة ويخفض الأسعار، وخاصة في القطاعات التي تمس المستوى المعيشي للمواطنين.

القطاع الصحي نحو تعافٍ تدريجي

وفيما يخص القطاع الصحي، أوضح خيربك أن رفع العقوبات على استيراد التكنولوجيا الطبية، سيؤدي إلى إدخال أجهزة حديثة وأدوية مركبة ومستلزمات مخبرية متطورة، ما يرفع مستوى الخدمات الصحية ويحد من الحاجة للعلاج خارج البلاد، وخاصة إذا تم دعم هذا القطاع من قبل الدولة.
ولفت إلى أن رفع القيود سيؤدي إلى تراجع تكاليف الاستيراد بشكل ملحوظ، نتيجة انخفاض الرسوم والتأمين المرتبط بالعقوبات، ما سينعكس إيجاباً على أسعار المستهلك وجودة المنتجات.
وأضاف: إن رفع العقوبات قد يفسر كإشارة “ثقة” للشركات العالمية لدراسة فرص الاستثمار في سوريا، مع ضمان الاستقرار السياسي والإطار القانوني المناسب.

القطاع المالي والتحويلات بداية عودة الثقة

وأوضح خيربك أن النظام المصرفي سيشهد تحولاً جذرياً مع عودة التحويلات، وتحديات الامتثال المصرفي، قائلاً: ستبدأ عملية إعادة الربط المالي مع البنوك الدولية تدريجياً عبر نظام (SWIFT)، ما سيقلل تكاليف التحويلات ويعيد الثقة بالقطاع المالي السوري.
أما بالنسبة لسعر الصرف، فأشار إلى أن رفع العقوبات قد يسهم في استقراره نتيجة تراجع الطلب على الدولار في السوق السوداء، وزيادة المعروض من العملات الأجنبية مع عودة التحويلات والاستثمارات.

سلاسل التوريد وإحياء الصناعة والخدمات

وبيّن خيربك أن إعادة ربط سوريا بسلاسل التوريد العالمية ستمكن من:

  • عودة قطع الغيار والمعدات الصناعية.
  • استئناف خدمات الصيانة والتحديث التقني.
  • توفير التجهيزات التقنية التي كانت محظورة سابقاً.

ونوه بأن رفع العقوبات قد يفتح الباب أمام إحياء مشاريع القروض التنموية في البنى التحتية والصحة والتعليم، وتحسين بيئة المخاطر الاستثمارية، بما يشجع القطاع الخاص على التوسع.

فرصة تتطلب حكمة وتخطيطاً بعيد المدى

وختم الدكتور أحمد خيربك حديثه بتأكيده أن رفع العقوبات ليس حلاً سحرياً، بل بداية طريق طويل نحو التعافي الاقتصادي، والنجاح مرهون بقدرة الدولة على خلق بيئة استثمار آمنة، ومكافحة الفساد، وتبني إصلاحات اقتصادية جذرية.
فالاقتصاد السوري أمام فرصة تاريخية لإعادة البناء، لكن استغلالها يتطلب حكمة توفيقية تضع مصلحة الشعب السوري في المقدمة.

Leave a Comment
آخر الأخبار