في اليوم العالمي للعمل الإنساني.. المتطوعون في الصفوف الأولى عند وقوع الكوارث

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- دينا عبد:
يصادف التاسع عشر من شهر آب “اليوم العالمي للعمل الإنساني” وهو مناسبة لتكريم أولئك الذين يكرّسون حياتهم لخدمة الآخرين في أصعب الظروف وأكثرها قسوة.
مدرب التنمية البشرية ومهارات التواصل وائل الحسن أوضح في تصريح لـ”الحرية” أن أهمية العمل الإنساني تكمن في إنقاذ الأرواح وتوفير الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبية للمتضررين من الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة والأزمات الاقتصادية.
كما أن العمل التطوعي الإنساني يعزز الكرامة الإنسانية وبالتالي هدفه حماية حقوق الإنسان، وخاصة للفئات الأكثر ضعفاً كالأطفال، والنساء، وكبار السن واللاجئين.
إضافة إلى ذلك فإن العمل الإنساني يسهم في تخفيف التوترات، وإعادة بناء المجتمعات، وتعزيز تماسكها الاجتماعي.

الحسن: المتطوعون يكرّسون حياتهم لخدمة الآخرين في أصعب الظروف وأكثرها قسوة..

الاستجابة السريعة للأزمات

وقال الحسن خلال حديثه: شاهدنا الاستجابة السريعة من قبل المتطوعين أثناء الحرائق التي اندلعت مؤخراً، حيث كانت فرق الإغاثة في الصفوف الأولى عملت على تقليل الأضرار وتقديم الدعم الفوري.
وبحسب الحسن فإن عمل المتطوعين لا يقتصر على الإغاثة الطارئة، بل يشمل التعليم، التمكين الاقتصادي، والرعاية النفسية والاجتماعية.
وأشار الحسن إلى أن جهود العاملين في المجال الإنساني ليست قائمة على تقديم المؤازرة في مكان واحد بل وجود المتطوعين في بيئات وأماكن خطرة، فكثير منهم يعملون في مناطق نزاع، أو في ظل تهديدات أمنية، أو في بيئات تتفشى فيها الأمراض، ما يعرضهم لخطر العدوى، وهم يتنقلون بسرعة إلى أماكن الكوارث والتي غالباً ما تكون دون تجهيزات كاملة، فقط بدافع الواجب الإنساني وعملهم التطوعي ومن دون مقابل.
ونوه الحسن بأن العمل التطوعي يدفع المتطوعين في كثير من الأحيان للتضحية براحتهم الشخصية، فهم يتركون أسرهم ويعيشون ظروفاً صعبة من أجل تقديم خدمة للآخرين، يتعرضون للضغط النفسي، فيتعاملون مع مشاهد مؤلمة، ومعاناة بشرية يومية، ويتحملون عبء اتخاذ قرارات مصيرية.
وكثير منهم يعملون في منظمات غير ربحية، بدافع الإيمان بقيمة الإنسان وحقه في الحياة الكريمة.

تضحياتهم تستحق التقدير

وأضاف الحسن: في هذا اليوم، نرفع الصوت تقديراً لأولئك الذين يعملون بصمت، خلف الكواليس، في المخيمات، المستشفيات الميدانية، والمناطق المنكوبة، بعضهم فقد حياته أثناء أداء واجبه، وآخرون يواصلون العمل رغم التحديات، حاملين رسالة الأمل والرحمة.
مضيفاً: لاحظنا في الأيام الأخيرة، أن محافظات عدة من سوريا شهدت موجة حرائق واسعة النطاق، وخاصة في مناطق ريف حماة، اللاذقية، وحمص، ما استدعى استنفاراً كبيراً من فرق الدفاع المدني والأهالي على حد سواء.
ففي سهل الغاب بريف حماة الغربي اشتعلت النيران في جبال بلدات فقرو، عنّاب، ومرداش، وامتدت نحو طريق بيت ياشوط، ما شكّل تهديداً للمناطق السكنية والطبيعة الخضراء.
وكذلك في ريف اللاذقية اشتعلت بؤر في وادي النبعين قرب كسب، وجوبة برغال، وجبل الأكراد، حيث تم مدّ أكثر من 66 خرطوماً بطول 1650 متراً للوصول إلى الوديان العميقة.
وكان الوضع مشابهاً في ريف حمص الغربي، حيث اندلعت حرائق في أحراج قرية كفرا قرب بلدة مرمريتا، وتمت السيطرة عليها بعد جهود مكثفة.
وهنا بدا واضحاً جهود الإطفاء والمتطوعين والتضامن الشعبي، حيث شاركت فرق الدفاع المدني وأكثر من 70 فريقاً ميدانياً، بينهم فرق إطفاء حراجي وهندسي، مدعومين بصهاريج مياه وآليات ثقيلة لفتح الطرق وخطوط النار.
وواجهت الفرق صعوبات كبيرة بسبب التضاريس الوعرة، وشدة الرياح، ونقص المياه، ووجود ألغام ومخلفات حرب في بعض المناطق.

تضحيات بشرية

سُجلت إصابات بين عناصر الإطفاء والمتطوعين، منها حالات حروق واختناق، إلى جانب إجهاد شديد وضيق تنفس بسبب الحرارة والدخان.
ولعب السكان المحليون دوراً بطولياً، حيث تطوعوا لإطفاء النيران حتى بسياراتهم الخاصة، وساهموا في تقديم المعلومات والمساعدة الميدانية.
رغم التحديات، أظهرت هذه الفزعة أن التضامن الشعبي والجهود المشتركة قادرة على مواجهة الكوارث. إنها لحظة تذكّرنا بقوة المجتمع السوري، وبأهمية دعم فرق الإطفاء وتوفير الموارد اللازمة لحماية الطبيعة والناس.
ومن القصص الملهمة التي رواها الحسن لصحيفة “الحرية” أن هناك إطفائيين متقاعدين تطوعوا على نفقتهم الخاصة من محافظة الحسكة، حيث توجه 15 إطفائياً متقاعداً من محافظة الحسكة إلى اللاذقية للمشاركة في إخماد الحرائق، قطعوا مئات الكيلومترات عبر شركات النقل، دون دعم رسمي، فقط بدافع “الحمية على الوطن”.
وشاركوا بخبراتهم في المناطق الجبلية الوعرة، وساهموا في السيطرة على النيران رغم خطورتها.
أبو غسان ( إطفائي متقاعد) قال:”لم نستطع البقاء متفرجين والنيران تجتاح الغابات، فكانت مشاركتنا واجباً مقدساً.
أما أهالي سهل الغاب فقد قاموا بالفزعة الشعبية التي أنقذت القرى، حيث شارك مئات المدنيين في إطفاء الحرائق باستخدام أدوات زراعية بدائية وعملوا جنباً إلى جنب مع فرق الدفاع المدني وسط درجات حرارة تجاوزت 45 درجة مئوية، بعضهم أصيب بحالات اختناق، وآخرون فقدوا أراضيهم الزراعية ومنازلهم.
قال أحد السكان: “شاركنا بما توافر لنا من أدوات، لأننا لا نملك سوى أرضنا، ولن نتركها تحترق”.
هذه القصص ليست مجرد أحداث، بل شواهد على تماسك المجتمع السوري، وعلى أن روح الفزعة والبطولة لا تزال حيّة في وجه المحن.

Leave a Comment
آخر الأخبار