الحرية- دينا الحمد:
سيل من الأخبار العاجلة والتصريحات المتتالية لمسؤولين في منظمة الأمم المتحدة ودبلوماسيين غربيين تؤكد جميعها ضرورة طي صفحة قانون «قيصر» ورفع كامل العقوبات عن كاهل السوريين، وتؤشر إلى أن ثمة قراراً غربياً تدعمه المنظمة الأممية وخلاصته بأن رفع العقوبات عن الشعب السوري آن أوانه، بل بات ضرورة ملحة من جهة، وأن موجبات فرض تلك العقوبات قد ذهبت مع سقوط النظام البائد من جهة أخرى.
أولى تلك المعطيات أن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتش قالها منذ أيام بصراحة تامة: يجب الحفاظ على الزخم الدولي لضمان التعافي للشعب السوري، والبداية يجب أن تكون من إلغاء العقوبات أحادية الجانب عن سوريا لضمان تحقيق إعادة البناء والإعمار فيها، ولم يكتف فليتش بالمطالبة برفع العقوبات بل دعا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتوفير الدعم لمخيمات النزوح في سوريا.
بدوره المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، وقبل تقديم استقالته، أكد خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الأسبوع الفائت بأن سوريا تحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي وتحتاج إلى إلغاء العقوبات المفروضة عليها ووقف التدخل في شؤونها الداخلية، ولاسيما التدخل الإسرائيلي، وضمان احترام سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها.
وفي هذا الإطار سبق للنائب الجمهوري الأمريكي جو ويلسون، أن أكد في التاسع من الشهر الحالي، في منشور عبر حسابه على منصات التواصل الاجتماعي، بأن الوقت حان لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك بعد نحو شهر على منشور سابق أكد فيه أن الوقت حان لإلغاء قانون قيصر المفروض على سوريا بالكامل، باعتباره أولوية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
في السياق ذاته جاءت تصريحات المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك منذ أيام لتؤكد اتجاه واشنطن لطي صفحة قانون قيصر حين قال: إنه متفائل بإلغاء الكونغرس لقانون قيصر بالكامل، ومعرباً في حديث لصحيفة «ذا هيل»، عن تفاؤله في إصدار الكونغرس لقرار يفضي إلى إلغاء كامل لقانون “قيصر”، ومشدداً على ضرورة الأخذ بتوصيات الرئيس ترامب إزاء رفع العقوبات عن سوريا، ومبيناً أن مخاوف الكونغرس تستحق أن تتم معالجتها، وأنه وفريقه يحاولون الرد عليها.
وعلى ذات المسارات كانت جاليتنا في ولاية ميشيغن الأمريكية قد بحثت الأسبوع الماضي مع نائب أميركي الآثار الكارثية للعقوبات، وحسب منشور لـ”التحالف السوري الأميركي من أجل السلام والازدهار” على منصة «X»، شارك في اللقاء مع هذا النائب، وهو إيب حماده، أعضاء من التحالف والمجلس السوري الأميركي، وجرى بحث آليات التنسيق والعمل المشترك لرفع مستوى الوعي حول الآثار الضارة للعقوبات المفروضة على السوريين، وكانت المنظمة المذكورة قد دعت في الرابع والعشرين من الشهر الماضي الكونغرس إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كامل من أجل استعادة حقوق الشعب السوري وتعافيه، مؤكدة أن السوريين الأميركيين اتحدوا في ذاك الاجتماع للتحدث باسم الشعب السوري من أجل العيش والتحرر من العقوبات، وداعية الكونغرس إلى التحرك لرفع ما وصفته “بالإجراءات الضارة” بهدف استعادة الحقوق الأساسية والكرامة التي يستحقها السوريون.
كما لا بد لنا هنا من التوقف عند تصريحات السيناتور ريتشارد بلومنثال بعد اجتماعه الأخير بالوزير الشيباني والتي تصب بالاتجاه ذاته، وأيضاً تصريحات السيناتور الديمقراطية جين شاهين، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي التي شددت على أهمية تحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي في سوريا، وبينت أن العقوبات تعيق الاستثمار العاجل واللازم لاقتصاد سوريا، محذرة من خطر التقاعس عن العمل، ومؤكدة أن الوقت قد حان لمجلس الشيوخ للتحرك لإلغاء قانون قيصر.
هذه الخطوات والتصريحات سبقها جميعاً الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أصدر في نهاية شهر حزيران الماضي أمراً تنفيذياً بإنهاء برنامج العقوبات المفروض على سوريا، مع الإبقاء على العقوبات المفروضة على رأس النظام البائد وعدد من معاونيه ومنتهكي حقوق الإنسان في سوريا.
قصارى القول: إن التحركات والتصريحات الأمريكية تحديداً والغربية والأممية بشكل عام تؤشر جميعها إلى أن صفحة قانون قيصر في طريقها إلى الإلغاء، وأن العقوبات التي أنهكت السوريين وأفقدتهم سبل العيش الكريم بسبب سياسات النظام البائد باتت على سكة الزوال.